الدكتور فاضل حسن شريف
قال الشيخ جلال الدين الصغير في رد له على السيد محمد حسين فضل الله عن كتابته حول الزيارة و الشعائر الحسينية: سؤالنا الأول له عن مدى شرعية كلامه هو، فمن أين أتى بحديث عدم الاستحباب؟ فإذا كانت سيرة المتشرعة طوال مئات السنين وفيهم جميع علماء الطائفة الكبار لم تبين له استحبابا وصحة في العمل، فهل يريدنا أن ننسى أن الإمام زين العابدين عليه السلام ومعه حوراء آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد زاروا الإمام الحسين عليه السلام في مثل هذا اليوم؟ فإن قال بأن وصولهم إلى كربلاء صادف ذلك اليوم ولم يكن قد تم عن عمد قلنا بأن مفاهيم الولاية - وهي مفاهيم لا يفقه عنها شئ على ما يبدو من جميع كلماته تدعونا للتأسي بهم في كل ما فعلوه وأدوه، وما أيسر فهم واجب المواساة لعليل كربلاء وللصديقة الحوراء عليهم السلام وهم يعودون للتو من سبي أقرح أشد القلوب قسوة غيرة على نساء آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وما أسهل إدراك واجب الوجدان تجاه إمام مفترض الطاعة من أئمتنا وله من الحب والولاء كالإمام الحسين عليه السلام ورأسه الشريف يعاد في مثل هذا اليوم إلى الجسد الطاهر. ترى هل أن كلمته عن نسيان الميت بعد وفاته تترجم لنا العلاقة المطلوبة في نظره مع الإمام الحسين عليه السلام بحيث يكون المطلوب هو أن ننسى الإمام الحسين خلاص؟ أم أن نعت الزيارة بأقذر الصفات في الوجدان العام للأمة قد جاء بريئا بحيث إنه لم يسع به لتكملة الشق الأول من مسألة نسيان الميت؟ أم أن تجريد الزيارة من الاستحباب الواضح ويكفيه استحبابا أنه للحسين عليه السلام كان خاليا من المسعى لتجريد النفس من متبقي الرغبة بزيارة الإمام صلوات الله عليه فإذا ما كان المطلوب هو نسيان الميت وأن هذه الزيارة يهودية الأصل وهي ليست بمستحبة فما الذي يبقى بين يدي عشاق الحسين في يوم عودة الرأس المقدس إلى الجسد المبضع بجراحات الأمة والمكتنز بآلام العقيدة والدين؟ على أننا لا يمكن لنا أن نغفل عن حقيقة تظل في واقع الحال أخطر بكثير من هذه الحقائق، فالذي يريد أن يبلغ أمة عن يوم له كل القداسة في نظرها، وتكبدت في سبيل إحيائه الجسيم من الخسائر، وضحت بالغالي من الأبناء والأفذاذ والأموال في سبيل تمجيده، يشترك في ذلك كبير علمائها ووجهائها مع سائر الشرائح العلمية والاجتماعية.. بأن هذا اليوم ليس له من قيم القداسة شئ بل على العكس هو إرث لقيم فاسدة وقبيحة.. أتراه قد استهدف في ذلك هذا اليوم فحسب؟ من المسلم أنه لم يستهدف هذا اليوم فحسب بل إنه يحاول أن يزرع شكا من شأن سيطرته على النفوس لو سيطر عليها أن يقتلع كل خير فيها، وأن يجتث كل مواطن الاطمئنان والاستقرار فيها!. وهنا يكمن بيت القصيد فالذي يسعى لمثل هذا السعي لا يمكن أن يكون عابثا بريئا من المخطط المسبق، وإنما يمتلك ما بين يديه مخطط الحط من جميع بنى المقدس عند المجتمع، من دون فرق بين أن يكون هذا المقدس هو العقيدة أو أشخاصها ومثلها وتجسداتها الاجتماعية.
واضاف الشيخ الصغير قائلا: ولو أننا أخذنا مجمل ما تحدث به هذا الرجل عن المعتقدات والأنبياء والأئمة وعن مناهج التشريع فلن نخطئ الظن لو قلنا إن هذا الرجل لا يبحث عن بدع ليروج لها ضمن مذهب معين غير مذهب أهل البيت عليهم السلام بل هو صاحب مشروع أخطر من ذلك، فحيث إن لديه الكثير من الأفكار والمواقف مما لو اطلع عليه أهل السنة لحكموا عليه بالردة عن الإسلام، وحيث إن له من المفارقات مع مذهب أهل البيت عليهم السلام ما لو أن المرء جمع كل ما كتب النواصب وأعداء هذا المذهب عبر تأريخ وجودهم لما وصلوا لما وصل إليه هذا الرجل من جرأة وقدرة على الإضلال، فإننا نعلم عندئذ أن ثمة مشروع لدين جديد أو قل لمذهب جديد يلوح واضحا في الأفق. هذا في مخططه ولكن هل سينجح في مسعاه هذا لن نجيب إلا بما قالت الصديقة الحوراء صلوات الله عليها: فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك، فوالله لن تمحو ذكرنا ولن تميت وحينا وما رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد.
قال السيد محمد حسين فضل الله: (أسلوب اللعن أسلوب غوغائي لا يمت إلى العلم بصلة - الندوة 5: 501). اي ان لعن يزيد وقتلة الامام الحسين عليه السلام واهله واصحابه هو اسلوب غوغائي. وعلق الشيخ جلال الدين الصغير: ورد اللعن العام والخاص 41 مرة في القرآن فهل كان أسلوب القرآن غوغائيا أم أن منزل القرآن ليس له من العلم شيئا.
https://telegram.me/buratha