الدكتور فاضل حسن شريف
والحاقا لما ورد في الحلقة السابقة استمر السيد محمد حسين فضل الله حول اتهاماته بشأن الشعائر الحسينية كما ورد في كتاب لهذا كانت المواجهة لمؤلفه الشيخ جلال الدين الصغير (لا يمكنك أن تشرب الخمر من جهة إحياء الشعائر, من قبيل ما كان يحصل في العراق حيث كان بعض الناس يحتفلون في يوم عاشوراء بشرب الخمر مما ينحو بنا إلى القول أي حزن هو هذا على الحسين عندما يصبح الإنسان في غيبوبة - آراء ومواقف 1: 138). يعلق الشيخ جلال الدين الصغير: أنظر تفاصيل ما حاول تكذيب نسبة ذلك إليه في كتاب الولاية التكوينية الحق الطبيعي للمعصوم عليه السلام للشيخ جلال الدين الصغير هامش ص 86 ط 2. أقول: على طريقة: فرخ البط عوام كرر نفس القول ربيبه المدعو جعفر الشاخوري في كتابه: محمد حسين فضل الله وحركية العقل الاجتهادي لدى فقهاء الشيعة الإمامية: 159 دار الملاك. ولكنه أضاف عليه ليكمل ما ابتدأه أستاذه فضل الله فقال: الكل يعرف أن هناك عددا ولو محدود جدا من شاربي الخمر أو حتى الحشاشين كما عندنا في البحرين يشاركون في التطبير وأنا رأيت بعيني في طفولتي عددا منهم يتسترون بشرب الخمر حتى يوم العاشر من جهة الإحماء وهذا الكلام عادي جدا ولكن بعض الشياطين حرفوا هذا الكلام وقالوا: إن فلانا ويقصد به فضل الله يقول إن الشيعة في العراق تحتفل بشرب الخمر. أنظر هامش ص 159 من الكتاب المذكور.
يقول السيد محمد حسين فضل الله: (أنا أدري في يوجد ناس يشرب في ليلة العاشر حتى يطبر رأسه زين - شريط مسجل بصوته). ورد عليه الشيخ جلال الدين الصغير معلقا: الكلام عن هذه القضية وما فيها من زيف لا يخفى على أحد. وإن كان الصحيح أن العديد من شاربي الخمر وأهل الفسوق ما إن يأتي عاشوراء حتى يتركوا الخمر وغيره من ألوان الفسوق، والكثير من هؤلاء ترك المحرمات نهائيا نتيجة لذلك، وهو ما تؤيده شواهد لا تعد ولا تحصى فلم لا تذكر مثل هذه الأمثلة ويتشبث هؤلاء بأمثلة لو صحت - وهي غير صحيحة بالمرة - لطالت حالات شاذة لا يمكن أن تعمم على لفظة بعضهم التي تؤكد أن الحالة مشاعة في المجتمع الحسيني. يبقى الكلام في موجب التحدث عن ذلك، فعلى أحسن التقادير يكون الكلام في هذا الشأن من باب التغطية على الواقع الكبير لنزاهة الجازعين على الحسين عليه السلام من خلال واقع بضع نفر من الأفراد - هذا إن صح زعم الرجل وهو غير صحيح فما هو أخبر منا بمجتمعنا - فإن كان مخالطا لهذه الطبقة الشاذة في المجتمع فما العيب في المجتمع الذي يحار في الأيام الثلاثة الأخيرة قبل العاشر من المحرم كيف يبرز جزعه على الحسين عليه السلام. وهو على أي حال إجحاف واضح بمجتمع لولا طرقه في الجزع على الحسين عليه السلام لمرت ذكرى الحسين عليه السلام ببرود من دون أن تثير في العقول والوجدان ما تثيره الآن من ألوان المواساة والتأسي.
واستمر الشيخ جلال الدين الصغير معلقا عما ورد في كلام السيد فضل الله: وإن كان موجب الحديث هو الاستدلال على سوء صورة التطبير، فإنه حديث ينم عن جهل المتحدث، فالكثير من المصلين يفعلون القبائح فهل سيكون ذلك دليلا على سوء صورة الصلاة؟ والكثير من الصائمين يفعل ما لا يليق بالصيام حتى قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عنهم: كم من صائم ليس له من الصيام إلا الجوع والعطش، فهل سيكون ذلك بمثابة تشويه لفريضة الصوم؟ كان بإمكان هذا الرجل البحث عن دليل فقهي أو بعضه للحديث عن الحرمة في هذه المسائل، وحين لم يجد مثل ذلك راح يخلط الحق بالباطل ليخرج صورة شوهاء قد يستدل بها على أن التطبير فيه هتك للدين ومضر بسمعته. أما عن دليل فضل الله الذي يدعي أنه صاحب فقه جواهري في استنباط الأحكام فاستدل على حرمة التطبير بأنه ضرر وادعى أن كل ضرر حرام، مشيرا إلى أن حرمة الضرر من المستقلات العقلية! وهو منطق زائف يكذبه القرآن جملة وتفصيلا كما سيأتي توضيحه إن شاء الله تعالى ويكفي في المقام أن نعلم الصورة العجيبة التي يقدمها القرآن لبكاء يعقوب عليه السلام الذي أذهب به بصره وجعله كظيما وإقدام يوسف على السجن مؤكدا أنه أحب إليه وكل هذه من مصاديق الضرر الواضحة لنعلم أن من الضرر ما هو ممدوح في القرآن. فهل نسي ذلك وهو الذي ينعى على الفقهاء جهلهم بالفقه القرآني وعدم اتخاذهم القرآن منهجا لاستنباط الأحكام.
https://telegram.me/buratha