الصفحة الإسلامية

آيات قرآنية من كتاب فاجعة الطف للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره (ح 3)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب فاجعة الطف للسيد محمد سعيد الحكيم: خطبة السيدة زينب عليه السلام في الكوفة: قال الخوارزمي: قال بشير بن حذيم الأسدي: نظرت إلى زينب بنت علي يومئذ ـ ولم أرَ خفرة قط أنطق منه، كأنما تنطق عن لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وتفرغ عنه أومأت إلى الناس أن اسكتو. فارتدت الأنفاس، وسكنت الأجراس. فقالت: (الحمد لله والصلاة على أبي محمد رسول الله وعلى آله الطيبين الأخيار آل الله. وبعد يا أهل الكوفة، ويا أهل الختل والخذل، والغدر أتبكون؟ فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنة. إنما مثلكم كمثل "الَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ" (النحل 92) أ "تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ" (النحل 94)؟ ألا وهل فيكم إلا الصلف والطنف، والشنف، والنطف، وملق الإماء، وغمز الأعداء، أو كمرعى على دمنة، أو كقصة على ملحودة ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم، أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون. أتبكون وتنتحبون؟ إي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليل، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبد. وأنى ترحضون قتل سليل خاتم الأنبياء وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ خيرتكم ومفزع نازلتكم، ومنار حجتكم ومدره ألسنتكم. ألا ساء ما تزرون، وبعداً لكم وسحق. فلقد خاب السعي وتبت الأيدي، وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة. ويلكم يا اهل الكوفة أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم؟ وأي دم له سفكتم؟ وأي كريمة له أبرزتم؟ وأي حريم له أصبتم؟ وأي حرمة له انتهكتم؟ "لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّ" (مريم 89-90) . إن ما جئتم بها لصلعاء عنقاء، سوءاء، فقماء، خرقاء، شوهاء كطلاع الأرض، وملأ السماء . أفعجبتم أن قطرت السماء دم؟ ولعذاب الآخرة أشدّ وأخزى وأنتم لا تنصرون. فلا يستخفنكم المهل، فإنه عز وجل لا يحفزه البدار، ولا يخاف فوت الثار. كلا إن ربكم لبالمرصاد، فترقبوا أول النحل وآخر صاد. قال بشير: فوالله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى، كأنهم كانوا سكارى، يبكون ويحزنون، ويتفجعون ويتأسفون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم. قال: ونظرت إلى شيخ من أهل الكوفة، كان واقفاً إلى جنبي، قد بكى حتى اخضلت لحيته بدموعه وهو يقول: صدقتِ بأبي وأمي. كهولكم خير الكهول، وشبانكم خير الشبان، ونساؤكم خير النسوان، ونسلكم خير نسل، لا يخزى ولا يبزى.

يقول السيد الحكيم قدس سره: فقد ادخر الله الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه لينتقم من قتلة الإمام الحسين عليه السلام في الدنيا، وأما في الآخرة فإن لقتلة الإمام الحسين عليه السلام عذاباً شديداً، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه واله أنه قال: إن قاتل الحسين بن علي عليهما السلام في تابوت من نار، عليه نصف عذاب أهل الدنيا، وقد شد يداه ورجلاه بسلاسل من نار، منكس في النار، حتى يقع في قعر جهنم، وله ريح يتعوذ أهل النار إلى ربهم من شدة نتنة، وهو فيها خالد ذائق العذاب الأليم، مع جميع من شايع على قتله، كلما نضجت جلودهم بدل الله عز وجل عليهم الجلود. وقول السيدة زينب صلوات الله عليها: فترقبوا أول النحل وآخر صاد. وآخر صاد فقوله عز من قائل: "وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ" (ص 88).

قول العقيلة زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين عليهم السلام في خطبتها في مجلس يزيد: (فلئن اتخذتنا مغنماً لتجدنا وشيكاً مغرم، حين لا تجد إلا ما قدمت يداك، وإن الله ليس بظلام للعبيد. فإلى الله المشتكى وعليه المعول. فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك. فوالله لا تمحو ذكرن، ولا تميت وحين، ولا تدرك أمدن، ولا ترحض عنك عاره، ولا تغيب منك شناره. فهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وشملك إلا بدد يوم ينادي المنادي: "أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" (هود 18). فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة والرحمة، ولآخرنا بالشهادة والمغفرة).

قال السيد الحكيم قدس سره في كتابه: فقد ورد أنه عليه السلام جمع وجوه من بقي من المهاجرين والأنصار، وجماعة ممن يعرف بالنسك والصلاح من التابعين المنتشرين في الأقطار الإسلامية، وخطبهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال صلوات الله عليه: (أما بعد فإن هذا الطاغية قد فعل بنا وبشيعتنا ما قد رأيتم وعلمتم وشهدتم. وإني أريد أن أسألكم عن شيء، فإن صدقت فصدقوني، وإن كذبت فكذبوني. أسألكم بحق الله عليكم، وحق رسول الله، وحق قرابتي من نبيكم، لما سيرتم مقامي هذ، ووصفتم مقالتي، ودعوتم أجمعين في أنصاركم من قبائلكم من أمنتم من الناس ووثقتم به، فادعوهم إلى ما تعلمون من حقن. فإني أتخوف أن يدرس هذا الأمر، ويذهب الحق ويُغلَب. "وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" (الصف 8)). ثم ما ترك صلوات الله عليه شيئاً مما أنزل الله تعالى فيهم من القرآن إلا تلاه وفسره، ولا شيئاً مما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أبيه وأمه وأخيه وفي نفسه وأهل بيته صلوات الله عليهم إلا رواه. وفي كل ذلك يقول من شهد الحديث من الصحابة: (اللهم نعم، وقد سمعنا وشهدنا). ويقول التابعي: (اللهم قد حدثني به من أصدقه وأئتمنه من الصحابة). فقال عليه السلام: (أنشدكم الله إلا حدثتم به من تثقون به وبدينه). ثم تفرقوا على ذلك.

وورد في الكتاب عن الخوارزمي في موضوع السبايا: قال الخوارزمي: (ثم أُتي بهم حتى أقيموا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي، وإذا شيخ أقبل حتى دنا منهم قال: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم، وأراح العباد من رجالكم، وأمكن أمير المؤمنين منكم. فقال له علي بن الحسين: يا شيخ هل قرأت القرآن؟ قال: نعم. قال: هل قرأت هذه الآية "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى" (الشورى 23) قال الشيخ: قرأته. قال: فنحن القربى يا شيخ. وهل قرأت هذه الآية "إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِير" (الاحزاب 33)؟ قال: نعم. قال: فنحن أهل البيت الذي خصصنا بآية الطهارة. فبقي الشيخ ساكتاً ساعة نادماً على ما تكلم به. ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: اللهم إني أتوب إليك من بغض هؤلاء. وإني أبرأ إليك من عدو محمد وآل محمد من الجن والإنس).

وورد في الكتاب عن أهمية بقاء معالم الدين ووضوح حجته: ومن الظاهر أن ذلك من أهمّ المقاصد الإلهية، فإن الله عز وجل لابد أن يوضح الدين الحق، ويتم الحجة عليه، ليتيسر لطالب الحق الوصول إليه، والتمسك به، و "لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ" (الانفال 42). وقد قال الله عز وجل: "وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ" (البقرة 115). وقال تعالى: "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُول" (الاسراء 15). وقال سبحانه: "لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ" (النساء 165) إلى غير ذلك.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك