الصفحة الإسلامية

اشارات الشيخ جلال الدين الصغير عن الامامة في القرآن الكريم (ح 20)


الدكتور فاضل حسن شريف

واستطرد الشيخ جلال الدين الصغير عن ولاية مخلوقات الله تعالى: وهناك الملائكة التي وصفت بأوصاف متعددة بناء على ما تقوم به من أعمال هذه الولاية كما في قوله تعالى عن أصناف الملائكة التي عبر عنها في الآيات الكريمة: ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا﴾ (الصافات 1-3) وكذا في الملائكة التي سميت بالمقسمات في الآية القرآنية الكريمة: "فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا" (الذاريات 4) وهناك مجموعة الملائكة التي وصفت في سورة المرسلات: "وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا * فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا * وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا * فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا * فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا * عُذْرًا أَوْ نُذْرًا" (المرسلات 1-6) وهناك أيضا مجموعة الملائكة التي وصفت في صورة المنازعات بقوله تعالى: "وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا * وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا * فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا * فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا" (النازعات 1-5)، وفي نفس السياق هناك ملائكة البشارة والعذاب الدنيوي والتي عبر عنها في القرآن بقوله تعالى عن ضيوف إبراهيم (عليه السلام): "وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ" (هود 71) إلى قوله تعالى: "فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ * إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ * يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ * وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ" (هود 74-77) إلى قوله تعالى: "قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ * فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ" (هود 81-82) وكذا ملائكة العذاب الأخروي والبشارة الأخروية كما في قوله سبحانه وتعالى: "وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ۖ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ" (الزخرف 77) أو قوله تعالى: "الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَىٰ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ * وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ ۚ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَٰلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" (النحل 28-32) وكذا حديثه عن ملك الموت: "قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ" (السجدة 11) وكذا مجموعة الملائكة الذين وصفوا بمرافقة الروح لإبلاغ من يتنزلون عليه في كل ليلة قدر من كل سنة بأمر كل شئ كما في قوله تعالى: "تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ" (القدر 4)، وغير ذلك كثير جدا لذا كان لدينا تسميات ملائكة العرش وملك الموت وملائكة الرزق وملائكة الوحي وملائكة المطر وملائكة الأعمار وملائكة الدعاء وملائكة الأقدار وغير ذلك مما تفيض به الآيات الشريفة والروايات الصحيحة مما تواتر لدى السنة والشيعة على الإطلاق، وهذه بمجموعها إنما تشير إلى حقيقة أنها تلي من أمر الله ما الله سبحانه أولاها إياه، دون أن يعني ذلك أي سلب لمقدرة الله جل وعلا بل على العكس تؤكد كمال ولايته.

يقول الشيخ جلال الدين الصغير عن قوله تعالى: "إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ" (هود 57) وكذا قوله تعالى: "وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ" (سبأ 21) غير أن هذه القدرة المطلقة على الحفظ لم تمنع من أن تتحدث بلهجة أخرى لتعطي شأن الحفظ إلى ما أسمتهم بالحفظة وكأنها قد أوكلت جميع الحفظ إليهم حتى تلبسوا باسمه كما في قوله تعالى: "وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ" (الانعام 61) والتوفية المطروحة في الآية الأخيرة هي الأخرى تشير إلى نفس المفهوم فلقد عبرت الآيات الكريمة عن أن الله هو الذي يتوفى الأنفس كما في قوله تعالى: "وَلَٰكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ" (يونس 104) وقوله: "وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ ۚ " (النحل 70) وكذا قوله: "اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا" (الزمر 42) ولكن ذلك لم يمنع أنه في نفس الوقت أوكل أمر الموت إلى ملك الموت فصار وكان جميع أمر الموت إليه "قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ" (السجدة 11). وحينما يكون الأمر بهذه الشاكلة فإنه يطرح أمامنا حقيقة عدم وجود مانع يمنع ممن أن يولي الله جلت قدرته من شؤون ولايته لغيره من مخلوقاته ما يشاء، ولهذا فإن الموضوع من جهة القضية الكبرى لا تطرح أمام وجود الولاية التكوينية بمعزل عن كل التفاصيل أي مانع، طالما أن مصاديق التحقق مطروحة بشكل موسع في القرآن، وهو الأمر الذي سنلتمسه واضحا في المبحث اللاحق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك