الدكتور فاضل حسن شريف
لا شك ان آية الاطعام التي تطرقنا لها في الحلقة السابقة تكسب سورة الانسان اهمية عند المسلمين عامة واتباع اهل البيت خاصة "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا" (الانسان 8-9). جاء في التفاسير ان آية الاطعام نزلت بالرسول محمد صلی الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسبن عليهم السلام. قال النّبي صلى الله عليه وآله: (من أطعم ثلاث نفر من المسلمين أطعمه الله من ثلاث جنان في ملكوت السموات) وقال (من أفضل الأعمال عند الله إبراد الكباد الحارة وإشباع الكباد الجائعة والذي نفس محمد بيده لا يؤمن بي عبد يبيت شبعان وأخوه أو جاره المسلم الجائع). وقال الإمام الصادق عليه السلام (من أطعم مؤمناً حتى يشبعه لم يَدْرِ أحد من خلق الله ما له من الأجر في الآخرة، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل إلاّ الله ربّ العالمين) وقال ايضا عليه السلام (لئن أطعم مؤمناً محتاجاً أحبُّ إليَّ من أن أزوره، ولئن أزوره أحبُّ إليَّ من أن أعتق عشر رقاب). جاء في تفسير نور الثقلين: فلما جلسوا خمستهم (علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وجاريتهم فضة) فأول لقمة كسرها علي عليه السلام اذا مسكين على الباب يقول : السلام عليكم يا أهل بيت محمد انا مسكين من مساكين المسلمين أطعمونى مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة فوضع اللقمة من يده وقال : فاطم ذات المجد واليقين يا بنت خير الناس أجمعين اما ترين البائس المسكين قد قام بالباب له حنين يشكو الينا جائع حزين كل امرئ بكسبه رهين امرك سمعا يا ابن عم وطاعة ما في من لؤم ولا وضاعة أطعمه ولا أبالي الساعة ارجوا اذا اشبعت ذا مجاعة ان ألحق الاخيار والجماعة وادخل الخلد ولي شفاعة. ودفعت ما كان على الخوان اليه وباتوا جياعا ، واصبحوا صياما ولم يذقووا الا الماء القراح.
قال الله سبحانه "إِنَّ الاْبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْس كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً" (الانسان 5) الابرار جمع بر وهو الاتساع كما يطلق على الصحراء بالبر لانها واسعة، وتطلق على الانسان الذي لع اعمال واسعة صالحة. والبر بكسر الباء هو الاحسان. والخير اعم من البر. من معاني الكافور الرائحة الطيبة وهو الاقرب الى معاني الآية. ومن معاني الكافور عين في الجنة.
قال الله تعالى "عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً" (الانسان 6) قال الامام الباقر عليه السلام (هي عين في دار النّبي تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين). يفجرون اصلها فجر اي الشق الواسع كما في شق الارض وهو اقرب لمعنى الاية. ومن معاني الفجر نور الصباح الذي يشق الليل قال الله تعالى "إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا" (الاسراء 78). و الفاجر الذي يشق الارض بافعاله المشينة كما قال عز من قائل "أُولَٰئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ" (عبس 42).
قال الله جل وعلا "وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً" (الانسان 20) عن تفسير هذه الاية قال الامام الصادق عليه السلام: أي لا يفنى ولا يزول. سندس ثوب رقيق من الحرير، واستبرق ثوب غليظ من الحرير، وقيل اصله برق اي تلألؤ "عَـلِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُس خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّواْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّة وَسَقـَهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً" (الانسان 21) اساور جمع اسورة، والاسورة جمع سوار كما قال الله عز وجل "يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ" (الكهف 31) و "فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ" (الزخرف 53). والله تعالى هو الساقي عن طريق الولدان المخلدون. وعن الشراب الطهور قال الامام الصادق عليه السلام: يطهرهم عن كلّ شيء سوى الله. ووردت كلمة الطهور ايضا في الاية المباركة "وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا" (الفرقان 48).
https://telegram.me/buratha