الصفحة الإسلامية

اشارات الشيخ جلال الدين الصغير عن الامامة في القرآن الكريم (ح 2)


الدكتور فاضل حسن شريف

قال الله تبارك وتعالى "هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ" (ال عمران 7) جاء في كتاب الامامة ذلك الثابت الإسلامى المقدس للشيخ جلال الصغير: وحول التلاعب بآيات الله لغرض تغيير مفهوم الامامة ذكر الشيخ الصغير هذه الاية وقال: وهذا الأمر سيسهل مؤونتنا في إماطة اللثام عن حقيقتين جوهريتين، اولهما إن المعايير التي تتحكم في المفاهيم مطلقة وليست نسبية، بمعنى أن هناك ضوابط صارمة في تحديد اتجاهات الاطلاق في النص، واتجاها التغير والتحول فيه. فهذا النص فيه محكمات "هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ" (ال عمران 7) لا يمكن العبث فيهما أبدا، وكل انحياز عنهما يعني الانحياز عن الدين، وثبات هذه المحكمات يحدد بدوره ثبات التفاصيل المتعلقة بها، والتي تطلق الآية الكريمة عليها اسم "المتشابهات" (ال عمران 7). ولكن لطبيعة التداخل بين هذه المتشابهات مع تفاصيل الحياة الرسالية المختلفة، وإمكان التصادم بين الأوليات المطروحة أمام هذه الحياة سميت بالمتشابهات حيث سنرى أن التحول في الالتزام بها والذي سيطرأ عليها نتيجة لظروف الحياة المختلفة لا يلغيها بحيث يجعلها نسبية قابلة لتغير كما توهم ذلك بعض الكتاب ومنهم محمد حسين فضل الله في مقالات عدة حيث اعتبر القيامة في الأديان نسبية حيث يقول ما نصه: (إن قضية الحلال والحرام لا تتجمد في هذه المفردة أو تلك المفردة، وإنما تنطلق إلى ما وراء ذلك من الهدف الذي يتحرك الحرام من أجل أن يبعده أو يتحرك الحلال من أجل أن يؤكده، على هذا الأساس القيمة حتى في الأديان نسبية). وكذا قوله: (عن الإنسانية ليست قيما غير مثالية ومطلقة وإنما هي قيم نسبية، إلى أن يقول لك إن القيمة في الإسلام في جانبها السلبي أو الإيجابي ليست مطلقة، بل هي نسبية). نجد النص القرآني يوجد سلما في الأولويات لجعله هو الضابطة المعيارية التي تتحكم في تطبيق الأحكام في حال التعارض. ولكن هذه الضابطة إن لم يتم التعرف عليها بدقة، فإنها ستكون مدعاة لحصول واحدة من نتيجتين على الأقل: الأولى: أنها ستكون إدارة بيد المتسلطين على عامة المجتمع بأي شكل من أشكال التسلط فيستغلونها لتحقيق مآربهم وأهدافهم السيئة، كما صورهم البادي جلت قدرته في نفس هذه الآية "فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ" (ال عمران 7) أو كما نرى النتيجة في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" (التوبة 34) الثانية: أن هذا الكتاب الذي أطلق هذه المتشابهات نزل من عند الله، وفيه من الأسرار التي لا يستطيع الضرورة نيلها وإدراكها كل من رام إليها سبيلا، فدين الله وعلمه قد أتيح لخاصة أوليائه فقط، وليس لعامة الناس، "ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا" (فاطر 32) وإلا لما افترض وجود وحي، وجعل المنزل عليه معصوما لا ينزل ولا يخطئ، ويتلقى هذا العلم بصورة استثنائية لعلنا نتلمس بعض آفاقها في ما تعكسه لنا مقدمة سورة النجم "وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ (9) فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ (17) لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ (18)" (النجم 1-18) ولهذا فإن هذه الأسرار إن تصدر لحلها من لا أهلية له في هذا المجال فإن العاقبة الحتمية لعملية ابتغاء التأويل بهذه الصورة ستكون زيغا عن الهدى، وضياعا عن الطريق لأن لعملية التأويل المطلوبة جهة محددة لم يفسح المجال لغيرها في فك أسرار هذه الكتاب وفق ما تبينه الآية الكريم: "فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ" (ال عمران 7).

قال الله جل وعلا "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ" (الاعراف 175) واستطرد الشيخ جلال الدين الصغير عن من يتلاعبون بموضوع الامامة: مثلما رأينا أن الضابطة التي تحكم الثبات والتغيير في التشريع حين النص، فمن البداهة بمكان أن يكون مصدر تخصيص الغير والثبات، ومحل الحسم في خصوصيات التزاحم بينهما هو المؤتمن على هذا النص، لا أي أحد من الناس، ففي قوت حذرنا الله جل وعلا من خطورة التأويل لأنها تكتنف الوقع في الفتنة، وأوضح لنا أن عملية التأويل هذه في أحسن صورها ستكون زيغا عن الطريق وإن لم تقترن بفساد النوايا، وضرب لنا مثلا في كيفية انتهاب الكثير من الأحبار والرهبان لمصالح العباد وعبثهم بدين الله، بل أوضح لنا أن حتى من حظي بكرامات الله لم يكن بمنأى من الوقوع في مخاطر أهواء النفس وشهواتها كما في قصة بلعم بن باعوراء في الآية المباركة الاعراف 175 ولهذا فمن العبث بمكان الحديث عن ضابطة واقعية للتأويل بمعزل عن من اختصه الله لعلمه وائتمنه على وحبه، ولهذا شخص الله هذه الحقيقة بصورة قاطعة لا مجال لأي لبس فيها "وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ" ( ال عمران 7) وعليه فإن تشخيص الثبات والتغير في الشريعة إنما هو من اختصاص النص الإلهي وحده والذي يمثله في عرفنا نحن الإمامية الكتاب الكريم كنص مكتوب، والسنة المعظمة للمعصوم صلوات الله عليه كقول وفعل وتقرير له صلوات الله عليه كقول وفعل وتقرير له صلوات الله عليه، وأي دعوى للخروج بهذا الفهم عن هذه الدائرة تمثل معلما أساسيا من معالم الانحراف عن إطار هذا النص.

قال الشيخ جلال الدين الصغير نحن نختلف مع المسيحيين في قدسية دينهم، ومع اليهود في قداسة معتقدهم، ويختلفون معنا في قداسة ديننا ونبينا وكتابنا وقبلتنا وكل شئ فينا "ولَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ" (البقرة 120) فهل سيعني ذلك أن نتنازل عن قداسة مقدساتنا لمجرد أن هؤلاء يثيروا نقاشا حول ذلك؟.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك