الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب فاجعة الطف للسيد محمد سعيد الحكيم: خطبة السيدة زينب عليه السلام في الكوفة: قال الخوارزمي: قال بشير بن حذيم الأسدي: نظرت إلى زينب بنت علي يومئذ ـ ولم أرَ خفرة قط أنطق منه، كأنما تنطق عن لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وتفرغ عنه أومأت إلى الناس أن اسكتو. فارتدت الأنفاس، وسكنت الأجراس. فقالت: (الحمد لله والصلاة على أبي محمد رسول الله وعلى آله الطيبين الأخيار آل الله. وبعد يا أهل الكوفة، ويا أهل الختل والخذل، والغدر! أتبكون؟ فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنة. إنما مثلكم كمثل "الَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ" (النحل 92) أتتخذون أيمانكم دخلاً بينكم؟ ألا وهل فيكم إلا الصلف والطنف، والشنف، والنطف، وملق الإماء، وغمز الأعداء، أو كمرعى على دمنة، أو كقصة على ملحودة ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم، أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون. أتبكون وتنتحبون؟ إي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليل، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبد. وأنى ترحضون قتل سليل خاتم الأنبياء وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ خيرتكم ومفزع نازلتكم، ومنار حجتكم ومدره ألسنتكم. ألا ساء ما تزرون، وبعداً لكم وسحق. فلقد خاب السعي وتبت الأيدي، وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة. ويلكم يا اهل الكوفة أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم؟ وأي دم له سفكتم؟ وأي كريمة له أبرزتم؟ وأي حريم له أصبتم؟ وأي حرمة له انتهكتم؟ "لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّ" (مريم 89-90) . إن ما جئتم بها لصلعاء عنقاء، سوءاء، فقماء، خرقاء، شوهاء كطلاع الأرض، وملأ السماء . أفعجبتم أن قطرت السماء دم؟ ولعذاب الآخرة أشدّ وأخزى وأنتم لا تنصرون. فلا يستخفنكم المهل، فإنه عز وجل لا يحفزه البدار، ولا يخاف فوت الثار. كلا إن ربكم لبالمرصاد، فترقبوا أول النحل وآخر صاد. قال بشير: فوالله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى، كأنهم كانوا سكارى، يبكون ويحزنون، ويتفجعون ويتأسفون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم. قال: ونظرت إلى شيخ من أهل الكوفة، كان واقفاً إلى جنبي، قد بكى حتى اخضلت لحيته بدموعه وهو يقول: صدقتِ بأبي وأمي. كهولكم خير الكهول، وشبانكم خير الشبان، ونساؤكم خير النسوان، ونسلكم خير نسل، لا يخزى ولا يبزى).
من وصايا المرجع الراحل السيد محمد سعيد الحكيم في محاضرة في موقع الائمة الاثنا عشر: لقاء الاربعين حياة للدين: شهر، شهرين من أول محرم الى آخر صفر نحن مشغولين بذكر الحسين عليه السلام، والحسين هو الذي حافظ على الصلاة في أوقاتها في أحلك الظروف في أحلك الأوقات في أحلك الظروف حافظ على الصدق، وابتداءً تكلم بكل صدق فقال سأستشهد، لم يخدع أحداً ولم يكن في مقام خديعة، بل في مقام (وخُير لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء)، وكتب الى بني هاشم (من الحسين بن علي إلى محمد بن علي ومن قبله من بني هاشم أما بعد فان من لحق بي استشهد، ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح والسلام)، ومعنى ذلك أنه صدق في حديثه، الإهتمام بصدق الحديث وكشف الواقع على واقعه، ليس هناك تغرير وليس هناك خديعة وتحايل ولف ودوران، يوجد وضوح منهج أنا هذا منهجي من أراده فبها ومن لم يريده فلا يريده (فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين)، هذا حديثه ولابد أن نستفيد منه طوال حياتنا لا فقط في أيام الزيارة. وهذا الشيء يجب على المؤمنين أن يهتمون به وأن يعايشوا العالم كله، أصبحت رسالتهم موجهة للعالم كله، لأن العالم كله في أقصى الأرض في بوليفيا في تشيلي في المكسيك كلها جاءت تريد ان ترى أوضاع هذه الزيارة فالشيعة الآن أصبحوا مسؤولين أن يكونوا دعاة الى مذهبهم في أقطار الأرض، لا أن يفكر كل واحد منهم في تجارته وعمله بل لابد ان يفكر بأن له هدف وهو أن يكون مذكر بمذهبه مذكر بدينه مذكر بالله، قد شكى لي بعض رجال الدين المحترمين من بعض الأديان بأن التكنلوجيا الحديثة تعمل على أن تُنسي الناس ذكر الله، فقلت له علاجها أن يكون الانسان المبلغ صادق في دعواه؛ فاذا صدق المبلغ في دعواه يؤثر أثره، والقدر المتيقن أن هؤلاء هم المسؤولون في اقطار الأرض عن رفع كلمة الإسلام الصحيحة الصافية التي أخذت من القرآن ومن أحاديث النبي صلى الله عليه وآله ومن أحاديث الأئمة عليهم السلام ومن سيرتهم، وحتى سيرة الأنبياء عيسى عليه السلام أيضاً سيرته نفس السير وموسى أيضا نفس السيرة، كون الأمم شذت عن واقعها وخرجت عن تعاليم أنبيائها ليس معناه أن الأنبياء تعاليمهم منحرفة، بل تعاليمهم هي تلك التعاليم، وكذلك تعاليم إسلامنا أيضاً تعاليم صحيحة، ولكن شذوذ الأمم ليس معناه شذوذ التعاليم، الآن على المؤمنين الذين يؤمنوا بالحقيقة أن يبرزوها عملياً للناس، وهذه الزيارة مذكرة، بل المواسم كلها مذكرة فموت أمير المؤمنين يذكرنا بمواقف أمير المؤمنين المبدئية مقتل الإمام الحسن ومقتل الإمام الحسين والإمام الكاظم كذلك، وهكذا كل المناسبات التي لدينا في طول السنة هي تذكرنا بهذه المبادئ، فإذا أحد لديه تذكار فما عذره؛ فيجب عليه ان يستفيد من هذه المدرسة استفادة عملية، ويبرز وجه الإسلام الصحيح من طريق سلوكه الصادق لا ان يكون مبني على الرياء بل على الحقيقة، وهذه هي حقيقتي ليس لي غيرها، هذا الشي الذي يلزم ان نهتم به في ما بيننا وتعبير الآية الكريمة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ "وَالْعَصْر ِإِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْر ٍإِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر" (العصر 1-3)، وإلا الانسان في خسران إذا لم يسير على الموازين التي رسمها الله سبحانه وتعالى لعباده، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل من المؤمنين. ونحن أيضاً نقدم شكرنا واعتزازنا وامتناننا للمؤمنين المشاركين على اختلاف مشاركاتهم كل بموقعه على أن تكون القضية مبنية على حقيقتها وأن لا تخرج عن حقيقتها التي رسمت لها وهي دعوة سيد الشهداء كما يقول: (خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي ابن أبي طالب عليه السلام فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر)، فليس لنا حالة عنف تعالوا اصبحوا مثلي، أنا عليّ أن أبرز ما عندي والباقي كلٌ بتوفيقه من أراد الله أن يوفقه يوفقه وأن أراد هو ان يعرض والشيطان يغلبه، هو وشيطانه "لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" (المائدة 105)، "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ" (المدثر 38)، لابد أن نستفيد من هذه الزيارة وأمثالها من المواسم بما يذكرنا وينبهنا الى ابراز واقعنا وحقيقتنا. "اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ" (النحل 128)، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (ال عمران 200)، ونسأل الله حسن العاقبة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
https://telegram.me/buratha