الدكتور فاضل حسن شريف
ان ابراهيم عليه السلام مع ابنائه وزوجاته لهم علاقة بمنسك الحج واماكنه كالبيت الحرام و مقام ابراهيم وحجر اسماعيل والصفى والمروة ومنى وعرفات والمزدلفة ورمي الجمرات وبئر زمزم بالاضافة الى الأضحية والعيد وغيرها.
يستحب المبيت في منى ليلة عرفة وهي ليلة شريفة ويستحب فيها الدعاء. يمكن جمع حصى الجمرات من منى ومكة عدا المسجد الحرام و مسجد الخيف في منى ولو ان جمع الجمرات في المزدلفة. الوجود من طلوع الفجر الى طلوع الشمس من يوم العيد في مزدلفة فهو واجب ركني عند عموم الفقهاء وبعد طلوع الشمس يسير الحاج مشيا نحو منى وهي مسافة قريبة. عند الانتهاء من مناسك الذبح يذكر الله في منى كأن يقول الحاج ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وليس ذكر الدنيا فقط كذكر الاباء والله سريع الحساب لا يخفى عليه خافية كما قال الله تبارك وتعالى "فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا ۚ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ" (البقرة 200-202). والمغادرة الى عرفات بالتلبية والتكبير بعد طلوع الشمس يوم التاسع من ذي الحجة. وليس من الواجبات المبيت في منى ويمكن الذهاب مباشرة الى عرفات محرما.
يوم التروية هو يوم الثامن من ذي الحجة حيث يذهب الحجاج في هذا اليوم من مكة المكرمة الى منى للمبيت فيها ويفضل بعد الظهر. وسميت بالتروية من الري اي التزود بالماء للارتواء كون في السابق لا يوجد ماء في منى اما الحاج يأخذ الماء لنفسه واصحابه او للبيع، و يستحب الغسل والصوم فيه لغير الحاج. وفي روايات عن يوم التروية تروى ابراهيم عليه السلام من ذبح ابنه اسماعيل عليه السلام نتيجة الرؤيا "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ" (الصافات 102) لسماعه نداء السماء بان يفتديه بذبح عظيم "وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ" (الصافات 107). و كذلك فان لهذا اليوم أهمية لاتباع أهل البيت خاصة لخروج الحسين عليه السلام من مكة المكرمة الى العراق سنة 60 هجرية رغم اعتراض بعض أهله ومحبيه خوفا على حياته ولكنه عليه السلام اعتبر ذلك تكليفا شرعيا وقال كلمته المشهورة: خط الموت على ولد آدم
و يفضل النوم جيدا في منى ليلة عرفة والقدوم بالباص من منى الى عرفات وليس مشيا حتى يتهيأ الحاج للعبادة عند الوقوف في عرفات. في حج التمتع يكون الإحرام من مكة يوم الثامن من ذي الحجة والذهاب الى منى والمبيت فيها ثم الذهاب صباح التاسع من ذي الحجة الى عرفات حتى قبل الظهر ويفضل القدوم صباحا الى عرفات من منى. ان شعائر الحج اذا بدأ الحاج بها عليه باتمامها من الاحرام يوم التروية الثامن من ذي الحجة الى نهاية يوم التشريق "وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ" (البقرة 196). والحالة التي يترك فيها الحج المرض والعدو وغير ذلك من الحصر "فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ" (البقرة 196)، وعدم نزع الاحرام و حلاقة الشعر حتى هدي الاضاحي يوم العيد "وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ" (البقرة 196). المتمتع والقارن والمفرد الفاسخ للاحرام يغسل ويحرم من مسكنه قبل ذهابه الى منى يوم التروية والذي يعتبر من الايام العشر الاوائل من ذي الحجة التي اقسم الله بها في القرآن الكريم "وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْر" (الفجر 1-2) والذي تبدأ به اعمال الحج "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ" (الحج 28). اما القارن والمفرد غير الفاسخ للاحرام فيبقى على احرامه. والمسافة بين مكة ومنى نحو ستة كيلومترات عبر النفق حاليا يمكن مشيها للقادر على ذلك.
مشعر منى حاليا يسمى مدينة الخيام البيضاء او مدينة الايام الستة لان الحجاج يبيتون فيها من يوم التروية الى نهاية ايام التشريق. وسميت منى لتمني ادم فيها الجنة، وتسمي العرب المكان الذي يجتمع فيه الناس منى. وفي منى رمى ابراهيم عليه السلام الجمار وذبح فدية لابنه اسماعيل عليه السلام. وفي منى نزلت سورة النصر اثناء حجة الوداع التي تبتدأ بالاية المباركة "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ" (النصر 1). وتمت بيعة الانصار في منى المعروفة ببيعيتي العقبة الاولى والثانية من اعيان قبيلتي الاوس والخزرج قبل الهجرة الى المدينة، وفيها نزلت سورة الممتحنة "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ" (الممتحنة 12). وخلال التواجد في منى تستغل بالذكر والقرآن "سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ" (يس 58).
اما ايام التشريق فهي الحادي عشر (يوم القر اي المكوث في منى) والثاني عشر (يوم النفر الاول اي الخروج من منى للمتعجل) والثالث عشر (يوم النفر الثاني) من ذي الحجة وقد جاء في الحديث الشريف (ايام التشريق ايام اكل وشرب وذكر الله). وسميت بالتشريق لان الناس كانوا يشرقون او يشررون فيها لحم الاضاحي في الشمس، وفي رواية اخرى ان الاضاحي لا تذبح حتى تشرق الشمس. وسميت ايام النحر الاربع "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ" (الكوثر 2) حيث احدى تفاسيرها نحر الاضاحي، لانها الوقت المسموح به لذبح الاضحية، وافضل وقت لنحر الاضحية هو يوم العيد الاول بعد صلاة العيد "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ" (ال عمران 133). ومن تكبيرات يوم العيد (الله اكبر الله اكبر الله اكبر، لا اله الا الله والله اكبر، الله اكبر ولله الحمد) وفي روايات يستمر التكبير حتى اخر يوم في منى. وايام العيد اربعة تبدأ باليوم العاشر وتنتهي بيوم الثالث عشر من ذي الحجة. ولا يتم التقصير بعد سعي الحج لان الحاج قد حلق او قصر في منى يوم العيد ولا يتم الحلق بعد عمرة التمتع وإنما التقصير لان هنالك حلق يوم العيد، والتقصير يتم في كل عمرة حتى ولو حصلت اكثر من عمرة في يوم واحد.
https://telegram.me/buratha