الدكتور فاضل حسن شريف
ان الطغاة قد يسمون انفسهم مسلمين بل امراء للمؤمنين ولكنهم اشد البعد عن الاسلام والايمان قال الله تعالى"وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ" (الصف 7). والاذعان ليس بالقول وانما بالفعل "أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ" (القلم 35) فقد يقول انا مسلم قولا ويقوم باعمال اجرامية بل يعذب الاخرين، و "وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا" (الجن 14) والقاسط هو الجائر، و "عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ" (التحريم 5) اي مسلمات بالفعل وليس فقط بالقول.
الذي يطلب منه ان يقوم بالتعذيب عليه ان ينظر للاخرين الذين كانت مهمتهم التعذيب وهو اسوء انواع الاجرام كما قال عز من قائل "قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ" (النمل 69). وعلى الانسان ان لا يكون ظهيرا للظالم فعندما يطلب منه ان يعذب الاخرين عليه ان لا يطيع اوامره قال الله تعالى " رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ" (القصص 17).
والمجموعات التي تعذب والذين يأتمرون باوامر الطغاة والمجرمين سيحاسبهم الله ليلاقوا العذاب وخسارة العاقبة كما فعلوا بعذاب الابرياء "وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا" (الطلاق 8-9). اذا كان قول الانسان فيه رقابة ربانية فكيف بافعاله "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" (ق 18) فالانسان يعذب الاخرين ويتصور ان الله تعالى غافلا عنه وغير مراقبه قال الله عز وجل "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ" (ابراهيم 42) بل يؤخر هؤلاء المجرمين ليوم يحدده الله سبحانه.
الظالم وزمرته لابد ان الله يحدد لهم موعد لهلاكهم ويبقى عار الظلم والاجرام يلاحقهم في الدنيا قبل الاخرة قال الله عز وجل "وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا" (الكهف 59) ومن الضروري ان تقوم الدول بتشييد نصب ومتاحف تظهر اجرام الحكام الظلمة يوثق ما قاموا به من تعذيب ومقابر جماعية وحروب ودمار، وما هي هذه المتاحف الا عار يلاحقهم في الدنيا، والله جلت قدرته لا يخلف الوعد "فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ" (ابراهيم 47).
تعرض علماء الدين للقتل والتعذيب في العراق في العصر الحديث فمثلا تعرض سماحة السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره للسجن في العهد الصدامي نحو ثمان سنوات منذ 1983 بعد قتل اكثر من 70 شخص من عائلة الحكيم، وتعرض للتعذيب خلال اعتقالاته. ولكن الظالم وزمرته الذين قتلوا وعذبوا الالاف من الشعب العراقي المظلوم وعلى رأسهم السادة آل الحكيم المظلومين، نالوا الجزاء في الدنيا ولدار الاخرة اشد واظلم. وعلى الدولة العراقية تشييد متاحف ونصب توثق جرائم الحقبة المظلمة.
https://telegram.me/buratha