الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب فاجعة الطف للسيد محمد سعيد الحكيم: خطبة الزهراء عليه السلام الكبرى قال الطبرسي : إيهاً بني قيلة أأهضم تراث أبي؟ وأنتم بمرأى مني ومسمع، ومنتدى ومجمع، تلبسكم الدعوة، وتشملكم الخبرة. وأنتم ذوو العدد والعدة، والأداة والقوة. وعندكم السلاح والجنة . توافيكم الدعوة فلا تجيبون، وتأتيكم الصرخة فلا تغيثون. وأنتم موصوفون بالكفاح، معروفون بالخير والصلاح، والنخبة التي انتخبت، والخيرة التي اختيرت لنا أهل البيت. قاتلتم العرب، وتحملتم الكدّ والتعب، وناطحتم الأمم، وكافحتم البهم، لا نبرح أو تبرحون نأمركم فتأتمرون، حتى إذا دارت بنا رحى الإسلام، ودر حلب الأيام، وخضعت ثغرة الشرك، وسكنت فورة الإفك، وخمدت نيران الكفر، وهدأت دعوة الهرج، واستوسق نظام الدين. ألا وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض وأبعدتم من هو أحق بالبسط والقبض، وخلوتم بالدعة، ونجوتم بالضيق من السعة، فمججتم ما وعيتم، ودسعتم الذي تسوغتم، ف "إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيد" (ابراهيم 8).
جاء في موقع الحكيم عن استفسارات المغتربين للسيد محمد سعيد الحكيم: السؤال: المبلّغ المهاجر يعيش بين خليط من الأفكار والعقائد إسلامية كانت أم غير إسلامية، فهل لجنابكم الكريم أن يتفضل علينا ببعض التصورات والتوجيهات التي تساعده على تأدية وظيفته الشرعية التبليغية بشكل أيسر وأنجح؟ الجواب: يجب الحذر كل الحذر من إقحام ما ليس إسلامياً في التبليغ، بل حتى من إقحام بعض الأفكار المنحرفة المنسوبة للإسلام والمحسوبة عليه، حيث يتحمل المبلغ في ذلك أعظم جريمة، لما فيه من تشويه للحقيقة والمبدأ، وإضلال الناس وتسميم أفكارهم. ولنا أعظم رصيد في الأفكار والمفاهيم التي يتضمنها القرآن الكريم وتعاليم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام في أحاديثهم وخطبهم وأدعيتهم، وفيما نستفيده من عِبَر من سيرتهم وسلوكهم، وسلوك أوليائهم الذين مضوا على منهاجهم. فإن في ذلك كله البيان الكافي في العقائد والفقه، والأخلاق والسلوك، وتهذيب النفوس والسير بها نحو الكمال، وهي لا زالت في متناول أيدينا يتيسر لنا الوصول إليها والاستفادة منها. وحق لنا أن نرفع رؤسنا فخراً واعتزازاً بها، وبذلك كله يستغني الباحث والمبلغ عن بقية الأفكار والطروحات مهما كانت، ومن أين صدرت. فإن قليلاً من الحق يغني عن كثير من الباطل، فكيف بالكثرة الكاثرة من تلك المفاهيم الفاضلة والأفكار السامية، قال الله تعالى: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ" (ابراهيم 24-26). والحمد لله على ما أنعم به علينا من الهدى والرشاد.
جاء في موقع الكفيل عن فاجعة الطف للسيد محمد سعيد الحكيم كتابة رضا الله غايتي: العــدل الإلهي في كلمات السيدة زينب عليها السلام إن من يطالع واقعة الطف أو يسمع بقصتها كاملةً وبما تبعها من أحداث لا يمكن له إلا أن يقف إجلالاً وتقديراً لتلك المرأة المثال في الصبر ، والغاية في الحكمة ، والقمة في الصمود والقوة . وما تلك المواقف التي يُشار اليها بالبنان، إلا حكاية عن تلك القوى العظيمة الخافية عن العيان، نعم، هي قوى الصبر والرضا والتسليم لقضاء الله تعالى وقدره النابعة من صدق اليقين وكامل الإيمان . لقد جسدت السيدة زينب عليها السلام بسيرتها العطرة جميع الاعتقادات الحقة ، وقد تجلى العدل الإلهي من بين كل تلك الاعتقادات، كتجلي الشمس في رابعة النهار ، سواء فيما وقفت من مواقف وفيما نطقت من كلمات ، وفيما ألقت من خطابات . ولأن أبرز خطبها صلوات الله عليها كانت لأهل الكوفة ، وفي مجلس ابن زياد، وفي الشام حيث مجلس يزيد، فقد ارتأيت أن أدرج تحت كل خطبة ما ورد فيها من كلمات تشير الى العدل الإلهي . كلمات العدل فــــي خطبتها مع أهل الكوفة: قولها لهم عليها السلام: (فلا يستخفنكم المُهل، فإنه عز وجل لا يحفزه البدار، و لا يخاف فوت الثار . كلا إن ربك لبالمرصاد ، فترقبوا أول النحل و آخر صاد). أي احذروا أن يكون إمهال الله تعالى لكم والتأخير في انتقامه منكم لخلفكم في وعدكم للإمام الحسين عليه السلام في نصرته سبباً لانتعاش نفوسكم من الفرح، و لأمان صدوركم من العذاب ، ولاطمئنان قلوبكم من العقاب. فلا التأخير في العقوبة يعني العفو عن الجريمة، ولا التأجيل في الجزاء يعني عدم ورود الانتقام، فإن الدنيا دار امتحان وبلاء، لجميع الناس من الفجار والأتقياء، وكلٌ منهم سينال عاجلاً أم آجلاً ما يناسب عمله من جزاء. فالإمهال ليس دليلاً على الإهمال، قال تعالى: "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)" (ابراهيم 42-43).
https://telegram.me/buratha