الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب علوم القرآن عن مفهوم التأويل للسيد محمد باقر الحكيم: ختصاص أهل البيت عليهم السلام بهذا العلم: أن أهل البيت عليهم السلام وهم رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله والصديقة الزهراء والأئمة الاثنا عشر عليهم السلام يختصون من بين المسلمين بامتيازات كثيرة، أحدها هي أنهم يعلمون تنزيل القرآن وتأويله وظاهره وباطنه ومحكمه ومتشابهه. ومع غض النظر عن مصدر هذا العلم فإنه لا بد أن نشير في هذا المجال إلى عدة نقاط:
الأولى: إن المراد من اختصاصهم بهذا العلم كما هو مقتضى الجمع بين هذه الروايات هو اختصاص العلم ب جميع تفسير القرآن و كل القرآن بهذا المعنى الواسع الذي أشرنا إليه، لا أن القرآن لا يفهمه غير أهل البيت عليهم السلام، ولذا جاء التعبير بهذا الاختصاص مقرونا أحيانا بكلمة كل و جميع، وجاء هذا التعبير مقرونا أحيانا أخرى ببيان تفصيل أبعاد هذا العلم. وهذا المعنى لا ينافي كما ذكرنا أن يكون القرآن هاديا للبشرية ولجميع الناس، حيث يمكن للناس أن يفهموا القرآن ويرجعوا إليه فيما يعرفونه من معانيه، وفق الضوابط والقوانين العلمية الصحيحة.
الثانية: أن أهل البيت في الكثير من هذه الروايات كانوا يحاولون معالجة الواقع الخطير الذي كان عليه بعض المفسرين للقرآن الذين اعتمدوا على الرأي والظنون دون الرجوع إلى الضوابط العلمية والسنة المروية والعترة الطاهرة التي جعلها النبي الأكرم مرجعا للمسلمين والثقل الاخر الذي لا يفترق عن القرآن الكريم. فأهل البيت أنكروا على بعض المسلمين العدول عن العلم إلى الظن، وهذا غير جائز باجماع المسلمين.
الثالثة: أن من الطبيعي أن يكون أهل البيت عليهم السلام لهم هذا النوع من الاختصاص إذا أخذنا التفسير بمعناه الواسع الذي أشرنا إليه. فكما صح أن يكون هذا النوع من الاختصاص ليوسف عليه السلام وهو من أنبياء بني إسرائيل، أو يكون لعبد من عباد الله الصالحين آتاه الله العلم والمعرفة، يمكن أن يكون هذا الامر للأئمة الطاهرين وهم ورثة النبي في علمه. وهذا النوع من المعلومات لا دليل على وجود قواعد وضوابط يمكن من خلالها الاطلاع عليها وتعلمها - كما يحاول أن يذهب إلى ذلك العلامة الطباطبائي بل قد تكون هي من الأمور الغيبية التي يكون علمها عند الله تعالى وهو الذي يلقيها ويعلمها للأنبياء، أولهم وللأوصياء والأولياء الذين يختارهم تعالى ويصطفيهم عندما تقتضي حكمته ذلك، أو يحجبها عنهم عند اقتضاء الحكمة ذلك. ولعل هذا هو وجه الجمع بين الالتزام بالوقف على قوله تعالى: "وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ " (ال عمران 7) وبين قوله تعالى: "لا يمسه إلا المطهرون" (الواقعة 79). فالراسخون في العلم لا يعلمون التأويل الذي هو من الغيب بل يؤمنون به و "يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا " (ال عمران 7)، ولكنهم في نفس الوقت يعلمون التأويل بتعليم الله تعالى لهم عندما يكونوا من المطهرين كما أشار إلى ذلك العلامة الطباطبائي نفسه. فأهل البيت عليهم السلام يختصون بعلم جميع تفسير القرآن، وهذا الاختصاص أمر طبيعي بعد أن كان هذا الجانب من العلم من الأمور الغيبية التي علمهم الله تعالى إياها.
جاء في موقع مؤسسة تراث الشهيد الحكيم عن آثار الإمام محمد باقر الحكيم في الاقتصاد الاسلامي للباحثين محمد حسين الشويطي وعلي خوير مطرود: دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة: وهو سفر جليل خطه الإمام محمد باقر الحكيم لأجل إبراز معالم الأطروحة الرسالية لأهل بيت النبوة والعصمة في بناء مجتمع إنساني، من خلال الممارسات العملية وما ورد عنهم من أقوال ونصوص، ليتسنى من خلال ذلك توضيح الأسس المتينة لقيام كتلة إسلامية واحدة تحقق مبدأ الخيرية في قوله تعالى: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ" (ال عمران 110). ويقع هذا الكتاب في مجلدين كبيرين، تتجاوز عدد صفحاتهما الألف والسبعين (1070) صفحة، خصصه الإمام الحكيم لبيان طروحات أهل البيت عليهم السلام في الرسالة الإسلامية بأبعادها المتعددة العقائدية والاجتماعية، ذلك لكونهم امتداداً للنبوة في خط الإمامة وولاة الأمر الذين أوجب الله طاعتهم وولايتهم ومودتهم. وحاول الإمام الحكيم فأجاد في ان يحقق تطويراً نوعياً في الأبحاث والدراسات حول أهل البيت، وبشكل يهتم اهتماماً خاصاً باكتشاف وتفسير جميع أبعاد أثر أهل البيت في الحياة الإسلامية من ناحية، والتركيز على جانب علاقة هذه الأبعاد بالنظرية الإسلامية من ناحية أخرى. وقد قسم هذا الكتاب على سبعة أبواب، تضمن الباب الأول الأهداف والخصائص وتطرق الثاني الى القواعد والأسس، وتناول الباب الثالث نظام الجماعة العام، في حين خصص الباب الرابع الى نظام امن الجماعة، وتضمن الباب الخامس النظام الاقتصادي، وتطرق الباب السادس الى نظام العلاقات الاجتماعية، أما الباب السابع فخصص للشعائر والعبادات.
ولان الجماعة الصالحة لا يمكن ان تكون الا وفق اعتماد نظرية اقتصادية تضمن لجميع أفراد هذه الجماعة حياة معاشية هانئة، لذا تطرق السيد الحكيم في الباب الخامس من كتابه الى النظام الاقتصادي الإسلامي مع التركيز على روايات وسلوكيات أهل البيت عليهم السلام كونهم نطاق الدراسة وهدفها المنشود. وتناول السيد الحكيم أهداف النظام الاقتصادي والمشكلة الاقتصادية في فكر أهل البيت والتشريعات الاقتصادية العامة وهي: الزكاة ـ الأراضي الموات ـ الأراضي الخراجية ـ الأوقاف العامة والخاصة وأهمية هذه التشريعات وما يترتب عليها من تبعات مالية. كما تطرق الى التشريعات الاقتصادية الخاصة في فكر أهل البيت عليهم السلام وهي الخمس وأثره في إصلاح الأوضاع الاقتصادية للجماعة الصالحة واليات التكافل الاجتماعي، و درس أيضاً النشاط الاقتصادي بأوجهه المختلفة كالتجارة والصناعة والزراعة وضوابطه، وكيف يكون مفيداً للمجتمع.
https://telegram.me/buratha