الصفحة الإسلامية

اشارات السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره عن القرآن الكريم من سورة التوبة (ح 30)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب مرشد المغترب للسيد محمد سعيد الحكيم: إن من أعظم الواجبات وآكدها التفقه في الدين، وتعلم أحكامه في العقائد والعمل، فقد حثّ الشارع الأقدس على ذلك مؤكد. قال الله تعالى: "وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ" (التوبة 122). وفي نصوص كثيرة أن طلب العلم فريضة على المسلمين. وفي صحيح مسعدة بن زياد: "سمعت جعفر بن محمد عليهم السلام وقد سئل عن قوله تعالى: "فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ" فقال: إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: أ كنت عالم؟ فإن قال: نعم، قال له: أفلا عملت بما علمت؟ وإن قال: كنت جاهل، قال له: أفلا تعلمت حتى تعمل؟ فيخصمه. وذلك الحجة البالغة". وفي حديث المفضل: "سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: عليكم بالتفقه في دين الله، ولا تكونوا أعراب. فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزك له عملاً". وفي صحيح أبان بن تغلب عنه عليه السلام قال: لوددت أن أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا. إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة. أما أنتم المغتربين فيتأكد ذلك عليكم لأمرين:

1 ـ أن المجتمع الذي تعيشون فيه بعيد عن الدين، غريب عن مفاهيمه. فإذا أهملتم التعلم أو تهاونتم به، ضاع عليكم دينكم، وخفيت معالمه تدريجاً حتى تضمحل بمرور الزمن.

2 ـ أنكم هاجرتم من بلاد الإسلام وأنتم تملكون قدراً من المعلومات الدينية، فإذا تفلتت منكم ونسيتموها كان سفركم لبلاد الكفر تعرباً بعد الهجرة، فإن التعرب بعد الهجرة هو انتقال المسلم للبلاد التي تنقص فيها معلوماته الدينية، ويزداد جهله بدينه. وهو من أكبر الكبائر حتى عدّ من الخمس، ومن السبع منه. ففي حديث ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن الإمام الصادق عليه السلام: وجدنا في كتاب علي عليه السلام الكبائر خمسة : الشرك، وعقوق الوالدين، وأكل الربا بعد البينة، والفرار من الزحف، والتعرب بعد الهجرة". وفي صحيح عبيد بن زرارة: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الكبائر، فقال: هن في كتاب علي عليه السلام سبع: الكفر بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وأكل الربا بعد البينة، وأكل مال اليتيم ظلم، والفرار من الزحف، والتعرب بعد الهجرة، قال: فقلت: هذا أكبر المعاصي؟ فقال: نعم. قلت: فأكل الدرهم من مال اليتيم ظلماً أكبر أم ترك الصلاة؟ قال: ترك الصلاة. قلت: فما عددت ترك الصلاة في الكبائر. قال: أي شيء أول ما قلت لك؟ قلت: الكفر. قال: فإن تارك الصلاة كافر. يعني: من غير علة. وفي حديث أبي بصير عنه عليه السلام: والتعرب والشرك واحد. إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة الدالة على حرمة ذلك بوجه مؤكد. ومن هنا فإن عليكم أن تجدّوا في تعلم دينكم في العقائد والأحكام، وتتعرفوا على الحلال والحرام، والحذر من إهمال ذلك أو التسامح فيه، مهما كلف الثمن، وضاق الوقت، وكثرت المشاغل، فإن خطر التسامح فيه عظيم، وخسائره لا تعوض، والله سبحانه وتعالى يعينكم، وييسر أمركم، لأنه في عون عبده إذا عرف منه الاهتمام بأمره والسير في طريق رضاه.

 

جاء في كتاب فاجعة الطف للسيد محمد سعيد الحكيم: خطبة الزهراء (عليه السلام) الكبرى قال الطبرسي : روى عبد الله بن الحسن بإسناده عن آبائه عليهم السلام: أنه لما أجمع أبو بكر وعمر على منع فاطمة عليه السلام فدكاً وبلغها ذلك لاثت خمارها على رأسه، واشتملت بجلبابه، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها ، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه واله، حتى دخلت على أبي بكر، وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم. فنيطت دونها ملاءة، فجلست ثم أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء، فارتج المجلس. ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم، افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسوله، فعاد القوم في بكائهم. فلما أمسكوا عادت في كلامه. فقالت عليه السلام: الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدم، من عموم نِعَمٍ ابتداه، وسبوغ آلاء أسداه، وتمام منن أولاه، جمّ عن الإحصاء عدده، ونأى عن الجزاء أمده، وتفاوت عن الإدراك أبده، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصاله، واستحمد إلى الخلائق بإجزاله، وثنى بالندب إلى أمثاله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. كلمة جعل الإخلاص تأويله، وضمّن القلوب موصوله، وأنار في التفكر معقوله. الممتنع من الأبصار رؤيته، ومن الألسن صفته، ومن الأوهام كيفيته. ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبله، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثله. كوّنها بقدرته، وذرأها بمشيته، من غير حاجة منه إلى تكوينه، ولا فائدة له في تصويره، إلا تثبيتاً لحكمته، وتنبيها على طاعته، وإظهاراً لقدرته، تعبداً لبريته، وإعزازاً لدعوته. ثم جعل الثواب على طاعته، ووضع العقاب على معصيته، ذيادة لعباده من نقمته، وحياشة لهم إلى جنته. وأشهد أن أبي محمداً عبده ورسوله. اختاره قبل أن أرسله، وسمّاه قبل أن اجتباه، واصطفاه قبل أن ابتعثه، إذ الخلائق بالغيب مكنونة، وبستر الأهاويل مصونة، وبنهاية العدم مقرونة. علماً من الله تعالى بمآيل الأمور، وإحاطة بحوادث الدهور، ومعرفة بموقع المقدور. ابتعثه الله إتماماً لأمره، وعزيمة على إمضاء حكمه، وإنفاذاً لمقادير حتمه. فرأى الأمم فرقاً في أديانه، عكفاً على نيرانه، عابدة لأوثانه، منكرة لله مع عرفانها. فأنار الله بأبي محمد صلى الله عليه واله ظُلَمها، وكشف عن القلوب بُهَمَها، وجلّى عن الأبصار غُمَمَها وقام في الناس بالهداية، فأنقذهم من الغواية، وبصرهم من العماية، وهداهم إلى الدين القويم، ودعاهم إلى الطريق المستقيم. ثم قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار، ورغبة وإيثار. فمحمد صلى الله عليه واله من تعب هذه الدار في راحة، قد حفّ بالملائكة الأبرار، ورضوان الرب الغفار، ومجاورة الملك الجبار، صلى الله على أبي نبيه، وأمينه، وخِيَرته من الخلق وصفيه. والسلام عليه ورحمة الله وبركاته. ثم التفتت إلى أهل المجلس وقالت: أنتم عباد الله نصب أمره ونهيه، وحملة دينه ووحيه، وأمناء الله على أنفسكم، وبلغاؤه إلى الأمم. زعيم حق له فيكم، وعهد قدمه إليكم، وبقية استخلفها عليكم: كتاب الله الناطق، والقرآن الصادق، والنور الساطع، والضياء اللامع، بينة بصائره، منكشفة سرائره، منجلية ظواهره، مغتبطة به أشياعه، قائداً إلى الرضوان أتباعه، مؤد إلى النجاة استماعه، به تنال حجج الله المنورة، وعزائمه المفسرة، ومحارمه المحذرة، وبيناته الجالية، وبراهينه الكافية، وفضائله المندوبة، ورخصه الموهوبة، وشرائعه المكتوبة. فجعل الله الإيمان: تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة: تنزيهاً لكم عن الكِبر، والزكاة: تزكية للنفس، ونماء في الرزق، والصيام: تثبيتاً للإخلاص، والحج: تشييداً للدين، والعدل: تنسيقاً للقلوب، وطاعتنا: نظاماً للملة، وإمامتنا: أماناً للفرقة، والجهاد: عزاً للإسلام، والصبر: معونة على استيجاب الأجر، والأمر بالمعروف: مصلحة للعامة، وبر الوالدين: وقاية من السخط، وصلة الأرحام:منسأة في العمر، ومنماة للعدد، والقصاص: حقناً للدماء، والوفاء بالنذر: تعريضاً للمغفرة، وتوفية المكائيل والموازين: تغييراً للبخس، والنهي عن شرب الخمر: تنزيهاً عن الرجس، واجتناب القذف: حجاباً عن اللعنة، وترك السرقة: إيجاباً بالعفة. وحرم الله الشرك إخلاصاً له بالربوبية. فاتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، وأطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه. ثم قالت: أيها الناس اعلموا أني فاطمة وأبي محمد صلى الله عليه واله. أقول عوداً وبدو، ولا أقول ما أقول غلط، ولا أفعل ما أفعل شطط، "قَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" (التوبة 128). فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم. ولنعم المعزى إليه. صلى الله عليه وآله وسلم. فبلغ الرسالة، صادعاً بالنذارة مائلاً عن مدرجة المشركين ضارباً ثبجهم آخذاً بأكظامهم، داعياً إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، يكسر الأصنام وينكث الهام، حتى انهزم الجمع وولوا الدبر. حتى تفرى الليل عن صبحه وأسفر الحق عن محضه ونطق زعيم الدين، وخرست شقاشق الشياطين، وطاح وشيظ النفاق، وانحلت عقد الكفر والشقاق، وفهتم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخماص.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك