الدكتور فاضل حسن شريف
49- على الداعية ان يأخذ تفسير رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن قصة أصحاب الاخدود بان لم يتطرق الى أسماء القوم ولا مكان القصة حتى لا ينصرف السمع الى العبرة والعظة من القصة. والداعية ليس شرطا ان يكون رجل دين انما المتعلم لدينه عليه ان يعلم الاخرين ويدعوهم الى طريق الهداية قدر استطاعته. و ليس شرط الداعية ان ينتصر لنفسه في نهاية المطاف فقد يكون من ضحايا المقابر الجماعية كما حصل في لضحايا اصحاب الاخدود المؤمنين. فالله تعالى اعز المؤمنين في سورة البروج واذل اصحاب الاخدود. و ما ائمة اهل البيت عليهم السلام الا امثلة لتعظيم الله امر الداعية ضد الظالم حيث ظالمي اهل البيت لم يذكر عنهم سوى الفسق والاجرام والرذيلة.
50- ومن العبر والدروس من قصة أصحاب الاخدود هو ابتلاء المؤمنين وان دخول الجنة لا يأتي الا بعد المرور بالسراء والضراء. قال الله عز من قائل "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ" (محمد 31) و "أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ" (البقرة 214). فان الربح والخسارة في الدنيا ليس بالمفهوم المادي الذي يتصوره البعض وانما الربح هو الاصرار والصبر على الوقوف بجانب المبدأ الحق حتى وان ادى ذلك الى الموت، والانتصار هو خلود الذكر في الدنيا ولدار الاخرة هي الحياة السعيدة الابدية. قال الله تبارك وتعالى "وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" (العنكبوت 64).
51- من المصادر التأريخية عن اصحاب الأخدود: قيام الملك يوسف ذو النواس الحميري بحرق سكان مدينة نجران قبل أكثر من 1500 عام عقابا لهم على ايمانهم بالله، ولم يعلم عنهم أحد شيئا حتى ورد ذكرهم في القرآن الكريم. ورغم مرور آلاف السنين مازالت العظام الهشة السوداء والرماد الكثيفة شاهدة على الحريق الهائل التي اصاب مدينة الاخدود في عام 525 من الميلاد. وللآن تروي تلك الأطلال والمباني قصة اصحاب الاخدود الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم. رقمات أو مدينة الاخدود الأثرية والتي تقع على مساحة 5 كيلو مترات مربعة على الحزام الجنوبي من وادي منطقة نجران جنوب السعودية مازال يكتنفها الغموض والأسرار رغم عمليات التنقيب والحفر المتواصل لمدة عشر سنوات متتالية. ويشير علماء الآثار بمنطقة نجران إلى أن منطقة الاخدود الأثرية تحتاج إلى مايقارب 30 سنة لمعرفة جميع أسرارها، وان ماتم اكتشافه للآن لايمثل إلا جزءا من آثارها ومعالمها.
https://telegram.me/buratha