الدكتور فاضل حسن شريف
43- ويستنتج من قصة أصحاب الاخدود ان بطل القصة غلام مما يتطلب رعاية الأطفال ليقودوا المجتمع. فكان الغلام المؤمن شجاعا لا يهاب الملك الطاغية ويدعو الناس الى الايمان بالله الخالق. قال الله سبحانه "سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ" (الانبياء 60) و "إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى" (الكهف 13).
44- قال الله جل جلاله "إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا" (البروج 10) جاء في تفسير ابن كثير: بعد كل هذا الإحراق، إذا ما تابوا لهم عذاب جهنم، وإذا تابوا تاب الله عليهم، فما أعظم هذه التوبة، وما أحسن هذه المنزلة، وما أفضلها عند الله إنه يعرض عليهم التوبة، وقد حرقوا أولياءه، انظر إلى حلم الله يحرقون أولياءه، ثم يعرض عليهم التوبة.
45- جاء في قصص الأنبياء للجزائري: قصص الأنبياء للراوندي طاب ثراه باسناده إلى أبي جعفر عليه السلام قال: ان أسقف نجران دخل على أمير المؤمنين عليه السلام فجرى ذكر أصحاب الأخدود، فقال عليه السلام: بعث الله نبيا حبشيا إلى قومه في الحبشة فدعاهم إلى الله تعالى فكذبوه وحاربوه وظفروا به وخدوا الأخدود وجعلوا فيه الحطب والنار. فلما كان حراقا، قالوا لمن كان على دين ذلك النبي: اعتزلوا والا طرحناكم فيها فاعتزل قوم كثير وقذف فيها خلق كثير، حتى وقعت امرأة ومعها ابن لها من شهرين فقيل لها: اما ان ترجعي واما ان تقذفيه في النار، فهمت تطرح نفسها. فلما رأت ابنها رحمته، فأنطق الله الصبي وقال: يا أماه ألقي نفسك وإياي في النار، فان هذا في الله قليل.
46- القرآن الكريم عادة لا يذكر أماكن وقوع القصص القرآنية ولا أسماء أصحابها والفترات الزمنية التي وقعت. فمثلا اين موقع الاخدود في سورة البروج، ومن هم أصحاب الاخدود او ملكهم او قائدهم، وفي أي زمن او وقت أي نبي. ان المهم في القصص القرآنية العبرة من القصة بان لا تتكرر امثالها مرة اخرى. فالذي يشارك الظالم في ظلمه سوف يلاقي الجزاء العادل في الدنيا والاخرة، وان المظلومين هم المنصورون في الدنيا والاخرة. فمظلوم المقابر الجماعية له الجزاء الاوفى في الاخرة بدخوله جنة الخلد اما اصحاب المقابر الجماعية فخاتمتهم الدنيوية الخزي والعار ولعذاب الاخرة اشد واخزى. جاء في الحديث القدسي (يا عبادي، إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم محرَّماً، فلا تظَّالموا). وقال الرسول صلى الله عليه واله وسلم (اتقوا الظلم فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة). قال الله جل وعلا "وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً" (طه 111) و "أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" (هود 18).
47- من الدروس المستخلصة من قصة أصحاب الاخدود الإصرار في الوقوف ضد الظالم مهما تجبر ومهما كانت النتائج حتى المعرفة بان التضحية ستكون في مقابر جماعية وحرق. قال الله تبارك وتعالى "وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ" (هود 113) و "وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ" (الشورى 39) و "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ " (ابراهيم 42).
48- يعتقد البعض ان أصحاب الاخدود هم المنتصرون بعد رمي المؤمنين في المقابر الجماعية. وهذا الاعتقاد باطل بل بالعكس انما الله جل جلاله يؤخر لهم العقاب ليزدادوا اثما كما قال الله سبحانه "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَار" (ابراهيم 42).
https://telegram.me/buratha