الدكتور فاضل حسن شريف
36- جاء في الدر المنثور: قال مجاهد في أصحاب الأخدود: شق بنجران كانوا يعذبون الناس فيه. فتنوا المؤمنين ليردوهم عن دينهم، لما عجزوا حفروا الأخدود، كالنهر في الأرض، وجمعوا الخطب الكثير، وأججوا النيران، وألقوا فيها عباد الله المؤمنين، الله تعالى فسر قوله: "قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ" (البروج 4 - 5).
37- من عبر قصة أصحاب الاخدود ان الله قادر ان ينصر المؤمنين قبل رميهم في المقابر الجمعية ولكن المؤمن هو المبتلى وكلما زاد الانسان ايمانا كلما زاد البلاء كما قال الله عز وعلا "ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ" (محمد 4).
38- وعن المظلومين في المقابر الجماعية جاء في تفسير نور الثقلين للشيخ الحويزي: وباسناده عن ميثم التمار قال: سمعت أمير المؤمنين وذكر أصحاب الأخدود فقال: كانوا عشرة وعلى مثالهم عشرة يقتلون في هذا السوق. في كتاب الخصال عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن النيران فقال عليه السلام: أربعة: نار تأكل وتشرب، ونار تأكل ولا تشرب، ونار تشرب ولا تأكل، ونار لا تأكل ولا تشرب. فالتي تأكل وتشرب فنار ابن آدم وجميع الحيوان، والتي تأكل ولا تشرب فنار الوقود، والتي تشرب ولا تأكل فنار الشجر، والتي لا تأكل ولا تشرب فهي نار القداحة والحباحب. في روضة الكافي محمد بن سالم بن أبي سلمة عن أحمد بن الريان عن أبيه عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قد كان قبلكم قوم يقتلون ويحرقون وينشرون بالمناشير وتضيق عليهم الأرض برحبها فما يردهم عما هم عليه شئ مما هم فيه من غير ترة وتروا من فعل ذلك بهم ولا اذى، بل ما نقموا منهم الا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد، فاسئلوا ربكم درجاتهم واصبروا على نوائب دهركم تدركوا سعيهم.
39- جاء في قصص الأنبياء للجزائري: ولى عمر رجلا كورة من الشام فافتتحها، فإذا أهلها أسلموا فبنى لهم مسجدا فسقط، ثم بنى فسقط، ثم بنى فسقط، فكتب إلى عمر بذلك. فلما قرأ الكتاب سأل أصحاب محمد صلى الله عليه واله وسلم هل عندكم في ذلك علم؟ قالوا: لا. فبعث إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فأقرأه الكتاب، فقال: هذا نبي كذبه قومه فقتلوه ودفنوه في هذا المسجد وهو متشحط في دمه، فاكتب إلى صاحبك فلينبشه فان جسده طريا، ليصل عليه وليدفنه في موضع كذا، ثم ليبني عليه مسجدا فإنه سيقوم. ففعل ذلك، ثم بنى المسجد فثبت. وفي رواية: اكتب إلى صاحبك ان يحفر ميمنة أساس المسجد، فإنه سيصيب فيها رجلا قاعدا يداه على أنفه ووجهه، فقال عمر: من هو؟ قال علي عليه السلام: اكتب إلى صاحبك فليعمل ما أمرته، فان وجده كما وصفت أعلمتك إن شاء الله. فلم يلبث ان كتب العامل: أصبت الرجل على ما وصفت، فصنعت الذي أمرت به، فثبت إلينا. فقال عمر لعلي عليه السلام: ما حال هذا الرجل؟ فقال: هذا نبي من أصحاب الأخدود، قصتهم معروفة في القرآن.
40- قال الله عز وجل " وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" (البروج 8 - 9) تشمل الايتان المباركتان اوصاف الله تعالى للدلالة على ان ايمان هؤلاء المؤمنين كانت لخالق عزيز أي الغالب حميد مالك السماوات والأرض وسيشهد على المؤمنين والظالمين كل وعمله فاصحاب المقابر الجماعية على باطل فطريقهم الضال سيؤدي بهم الى هلاك الدنيا والاخرة.
41- روى الترمذي في سننه من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (انَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ). وهذا ما فعله الغلام المؤمن امام الملك الجائر قائد أصحاب الاخدود.
42- جاء في القرط على الكامل لابن سعد: قال الشاعر يمدح قومًا، ليس إيمانهم بعيب، فلماذا يحرقون "وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (البروج 8 - 9)، وحده لا شريك له يتصرف فيهما، "وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" (البروج 9) مطلع على كل شيء، يرى الكفار وماذا يفعلون، ويرى المؤمنين كيف يحرقون، قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ" (البروج 10) فتنوهم عذبوهم أحرقوهم.
https://telegram.me/buratha