الدكتور فاضل حسن شريف
29- ي قصة أصحاب الاخدود يمكن تميز الخبيث من الطيب فالخبيث هو احد أصحاب الاخدود والطيب هو الذي يرميه الظالم في المقابر الجماعية او الاخدود كونه اصر على ايمانه بالله الواحد الاحد. قال الله عز وجل "لِيَميزَ اللَّـهُ الخَبيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجعَلَ الخَبيثَ بَعضَهُ عَلى بَعضٍ فَيَركُمَهُ جَميعًا فَيَجعَلَهُ في جَهَنَّمَ أُولـئِكَ هُمُ الخاسِرونَ" (الانفال 37).
30- َوَى العلامة المجلسي عن مقاتل أنَّ هناك جماعات ثلاثة يُعرفون بأصحاب الأخدود، قال: كان أصحاب الأخدود ثلاثة: واحد منهم بنجران، و الآخر بالشام، و الآخر بفارس، كلهم إستخدموا أسلوباً واحداً لتعذيب المؤمنين فحفروا الخنادق و ملؤها بالنار ثم قذفوا المؤمنين بها و أحرقوهم بالنار و هم أحياء. أما الذي بالشام فهو أنطياخوس الرومي، و أما الذي بفارس فهو بختنصر، و أما الذي بأرض العرب فهو يوسف بن ذي نواس، فأما ما كان بفارس و الشام فلم ينزل الله تعالى فيهما قرآنا، و أنزل في الذي كان بنجران، و ذلك أن رجلين مسلمين ممن يقرءون الإنجيل أحدهما بأرض تهامة، و الآخر بنجران اليمن، آجر أحدهما نفسه في عمل يعمله و جعل يقرأ الإنجيل، فرأت ابنة المستأجر النور يضيء من قراءة الإنجيل، فذكرت ذلك لأبيها فرمق حتى رآه، فسأله فلم يخبره، فلم يزل به حتى أخبره بالدين و الإسلام، فتابعه مع سبعة و ثمانين إنسانا من رجل و امرأة، و هذا بعد ما رفع عيسى عليه السَّلام إلى السماء، فسمع يوسف بن ذي نواس بن سراحيل بن تبع الحميري، فَخَدَّ لهم في الأرض و أوقد فيها، فعرضهم على الكفر، فمن أبى قذفه في النار، و من رجع عن دين عيسى عليه السَّلام لم يقذف فيها، و إذا إمرأة جاءت و معها ولد صغير لا يتكلم، فلما قامت على شفير الخندق نظرت إلى ابنها فرجعت، فقال لها: يا أماه إني أرى أمامك نارا لا تطفأ، فلما سمعت من ابنها ذلك قذفا في النار، فجعلها الله و ابنها في الجنة، و قذف في النار سبعة و سبعون. قال ابن عباس: من أبى أن يقع في النار ضرب بالسياط فأدخل أرواحهم إلى الجنة قبل أن تصل أجسامهم إلى النار. وَ قد تنبأ الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السَّلام بما سيجري على حُجْر بن عدي و أصحابه الذين قتلهم معاوية بن أبي سفيان صبراً و شَبَّههم بالمقتولين صبراً في قصة أصحاب الأخدود، فَعَنْ عبدُ الله بن رَزِينٌ الْغَافِقِيُّ أنَّهُ قالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عليه السَّلام يَقُولُ: (يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، سَيُقْتَلُ مِنْكُمْ سَبْعَةُ نَفَرٍ بِعَذْرَاءَ، مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ) فَقُتِلَ حُجْرٌ وَ أَصْحَابُهُ. وَ عَنْ مِيثَمٍ التَّمَّارِ أنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السَّلام وَ ذَكَرَ أَصْحَابَ الْأُخْدُودِ، فَقَالَ: (كَانُوا عَشَرَةً وَ عَلَى مِثَالِهِمْ عَشَرَةٌ يُقْتَلُونَ فِي هَذَا السُّوقِ).
31- قال الله تعالى "فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" (الاعراف 176)، فقصة اصحاب الاخدود وهم اصحاب المقابر الجماعية هي للتفكر والاعتبار واتخاذ العبرة بعدم تكرار عمل اصحاب الاخدود المشين والسير بما قام به الذين وقفوا ضد الطغاة المجرمين.
32- ومن عبر قصة أصحاب الاخدود ان شلة المنتفعين في كل قصة من قصص القرآن وفي كل زمان يعاقبهم الله جل جلاله كعقاب ملكهم او قائدهم او فرعونهم او طاغيتهم فهم أصحاب الاخدود وليس صاحب الاخدود لان الاصحاب هم الذين زينوا افعال ملكهم وارسلوا له الرسائل بتشجيعه على فعلته المنكرة كما يفعل اليوم كتاب التقارير على الابرياء والذين يمسكون المؤمنين ارضاءا لطاغيتهم او يمدحونه بقصائدهم ومقالاتهم او ما يسمى بالاعلام المنافق.
33- جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: وفي حديث عن الإمام علي عليه السلام أنه قال: (إن الله بعث رجلا حبشيا نبيا، وهم حبشية، فكذبوه فقاتلهم، فقتلوا أصحابه، فأسروه وأسروا أصحابه، ثم بنوا له حيرا، ثم ملأوه نارا، ثم جمعوا الناس فقالوا: من كان على ديننا وأمرنا فليعتزل، ومن كان على دين هؤلاء فليرم نفسه في النار، فجعل أصحابه يتهافتون في النار، فجاءت امرأة معها صبي لها ابن شهر، فلما هجمت هابت ورقت على ابنها، فنادى الصبي: لا تهابي، وارميني ونفسك في النار، فإن هذا والله في الله قليل فرمت بنفسها في النار وصبيها، وكان ممن تكلم في المهد). ويفهم من هذه الرواية، إن في الحبشة قسم رابع قد انطبقت عليهم قصة أصحاب الأخدود. هناك قصة عمار بن ياسر وأبويه وأمثالهم، وما جرى للحسين عليه السلام وأصحابه في ميدان التضحية والفداء كربلاء، وكيف أنهم قد تسابقوا على شرف نيل وسام الشهادة، كما هو معروف في التاريخ.
34- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله وسلم (الْمُؤْمِنُ الَّذِى يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِى لاَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَلاَ يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ). وهذا الحديث النبوي الشريف ينطبق على المؤمنين الذين جابهوا اصحاب الاخدود وهم اصحاب المقابر الجماعية.
35- وروى ابن ماجه في سننه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال (أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم أَنْ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ). وهذه الوصية تطابق ما فعله الأبرياء المؤمنين الذين رموهم أصحاب الاخدود في المقابر الجماعية ذات الوقود المحرقة.
https://telegram.me/buratha