الدكتور فاضل حسن شريف
كان للنبي إبراهيم عليه السلام صفات ذكرها القرآن الكريم منها حنيفاً غير مشرك حيث قال الله سبحانه "وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (البقرة 135)، راشداً منذ صغرة "وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ" (الانبياء 51)، سليم القلب أي خالٍ من الشرك بالله "إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" (الصافات 84)ً، حليماً منيباً أي صابرا يعفو عن الآخرين ويفوض أمره إلى الله "إِنَّ إِبراهيمَ لَحَليمٌ أَوّاهٌ مُنيبٌ" (هود 75)، بصيرا قوي البنية "وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ" (ص 45)، مِضيافاً "هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ" (الذاريات 24). ومن سمات الانبياء الوفاء فهذا ابراهيم عليه السلام "وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى" (النجم 37).
أنّ الرسول محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم التقى نبيّ الله إبراهيم عليه السلام في رحلة الإسراء والمعراج في السماء السابعة "وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى * ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى * لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى" (النجم 13-18).
ومن ألقابه الاصطفاء "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ" (ال عمران 33)، و "وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ" (البقرة 130)، صديقا "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا" (مريم 41)، خليلا "وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا) (النساء 125).
ومن الوثائق التاريخية فإن هاجر المصرية صحبتها سارة زوجة ابراهيم عليه السلام من مصر الى بيت المقدس وطلبت سارة من إبراهيم عليه السلام ان يتزوج هاجر ليرزقه ولد فأنجبت اسماعيل عليه السلام الذي ولدته في مدينة الخليل في الشام مكان إقامة ابراهيم عليه السلام. وبعدها أوحى الله تعالى الى ابراهيم عليه السلام ان يهاجر الى بيت الله الحرام في مكة مع هاجر وابنها وتركها في أعلى المسجد بأمر الله. ودعا ابراهيم عليه السلام عند مغادرته مكة “رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ” (إبراهيم 37). وهذه آية ان جعل هاجر تمثل المرأة القادرة على التحمل عكس ما يتصوره البعض ان المرأة خلقت ضعيفة والرجل خلق قويا ولم يعلموا ان كليهما خلقا ضعيفين "وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا" (النساء 28). بعد فترة قصيرة نفذ الماء الذي تركه لهما إبراهيم عليه السلام فأخذت تبحث عن الماء بين الصفا والمروة فقد كانت تسرع في الوادي بين جبلي الصفا والمروة لأنها ترى سراب وتظنه ماء. فاول طلب إبراهيم عليه السلام من الله سبحانه ان يكون البلد آمنا وبعد ذلك طلب الرزق "وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ" (البقرة 125-126). من معاجز ابراهيم عليه السلام قدومه ورجوعه من مكة.
إن جبرائيل صاحب إبراهيم عليه السلام وعرفه مشاعر الحج وكان يردد عليه القول (أعرفت أعرفت) ومنها جاءت تسمية عرفات " فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ" (البقرة 198). وفكرة رمي الشيطان بالحصيات او الجمرات تعود الى عهد ابراهيم عليه السلام عندما بين له جبرائيل مناسك الحج حيث عند وصوله موقع العقبة بمنى اعترضه الشيطان فرمى الشيطان بحصيات سبعة كون هذا الرقم له قدسية في ايات عديدة منها "الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا" (الملك 3). وقيل ان ابليس اعترض على ابراهيم بذبح ابنه اسماعيل عليهما السلام فرجمه في العقبة "فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ" (الصافات 103). اما في ايام التشريق الثلاثة فإن إبليس وسوس لإبراهيم وإسماعيل وهاجر في مواقع الرمي الثلاثة فتم رجمه. وفي رواية ان آدم عليه السلام أول من رجم الشيطان وقد رماه بمنى فأسرع اي اجمر فسميت الحصاة و موقع الرمي بالجمرة.
https://telegram.me/buratha