الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب فاجعة الطف للسيد محمد سعيد الحكيم: خطبة الزهراء عليه السلام الكبرى قال الطبرسي : وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب ونُهزة الطامع وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام تشربون الطرق وتقتاتون القد أذلة خاسئين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد صلى الله عليه واله، بعد اللتيا والتي. وبعد أن مني ببُهَم الرجال وذؤبان العرب، ومرَدَة أهل الكتاب."كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ" (المائدة 64) أو نجم قرن الشيطان أو فغرت فاغرة من المشركين قذف أخاه في لهواتها فلا ينكفئ حتى يطأ جناحها بأخمصه ويخمد لهبها بسيفه، مكدوداً في ذات الله، مجتهداً في أمر الله، قريباً من رسول الله، سيداً في أولياء الله، مشمراً ناصح، مجد، كادحاً، لا تأخذه في الله لومة لائم. وأنتم في رفاهية من العيش، وادعون فاكهون آمنون، تتربصون بنا الدوائر وتتوكفون الأخبار وتنكصون عند النزال، وتفرون من القتال.
فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه، ومأوى أصفيائه، ظهر فيكم حسكة النفاق، وسمل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الأقلين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفاً بكم، فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللعزة فيه ملاحظين ، ثم استنهضكم فوجدكم خفاف، وأحشمكم فألفاكم غضاباً فوسمتم غير إبلكم ووردتم غير مشربكم . يندمل، والرسول لما يقبر. ابتداراً زعمتم خوف الفتنة. "أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ" (التوبة 49). فهيهات منكم، وكيف بكم، وأنى تؤفكون، وكتاب الله بين أظهركم، أموره ظاهرة، وأحكامه زاهرة وأعلامه باهرة، وزواجره لايحة، وأوامره واضحة، وقد خلفتموه وراء ظهوركم. أرغبة عنه تريدون؟ أم بغيره تحكمون؟ "بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَل" (الكهف 50)، "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (ال عمران 85).
ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها ويسلس قيادها، ثم أخذتم تورون وقدتها وتهيجون جمرتها، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي، وإطفاء أنوار الدين الجلي، وإهمال سنن النبي الصفي، تشربون حسواً في ارتغاء، وتمشون لأهله وولده في الخمرة والضراء يصير [ونصبر] منكم على مثل حز المدى ووخز السنان في الحشا. وأنتم الآن تزعمون: أن لا إرث لن. أفحكم الجاهلية تبغون "وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ" (المائدة 50) أفلا تعلمون؟ بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحية أني ابنته. أيها المسلمون أغلب على إرثي؟. يا ابن أبي قحافة أفي كتاب الله ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئاً فرياً، أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول: "وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ" (النمل 16) وقال: فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ قال: "فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ" (مريم 5-6) وقال: "وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ" (الانفال 75) وقال: "يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ" (النساء 11) وقال: "إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ" (البقرة 180).
https://telegram.me/buratha