الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب مرشد المغترب للسيد محمد سعيد الحكيم: قد قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه في وصيته لولده الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام: (وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين الله إن أنت أخذت به). ولا تغفلوا تعاهد ذلك في ممساكم ومصبحكم. ولاسيما في أوقاته المعروفة، ومواسمه المعهودة، كأدبار الصلوات، وأيام الجمع ولياليه، وشهر رمضان المبارك، والأعياد، وليلة النصف من شعبان... إلى غير ذلك. ولأهل البيت صلوات الله عليهم من ذلك كنوز ثمينة، ولآلي مكنونة، وجواهر منضدة، حملها عنهم شيعتهم، وحافظوا عليها وتعاهدوه، حتى عرفوا به، فكانت عنوان فخرٍ لهم، ووسام عز وشرف يشهد بانتمائهم لأهل البيت صلوات الله عليهم حقاً وركوبهم لسفينتهم، وبتمسكهم بهم، وبخوعهم لهم، واختصاصهم بهم، حتى خصهم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام بالعلوم والمعارف الإلهية التي أودعها الله تعالى عندهم، وأعطاهم مفاتيحه. و "الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ" (الاعراف 43). ويؤكد ذلك عليكم أنكم في بلاد أطبق عليها ظلام الضلال والغفلة، لا يعرف فيها الله تعالى، ولا يذكر، فاجهدوا أن تكثروا من ذكره لتكونوا نوراً في ذلك الظلام، ومصابيح لله تعالى في تلك البلاد. وفي وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: (قال: يا أبا ذر الذاكر في الغافلين كالمقاتل في الفارين في سبيل الله) ونحوه نصوص كثيرة. وقد ورد في حديث غزوة مؤتة: (فلما ودّع عبدالله بن رواحة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له: مرني بشيء احفظه عنك. قال: إنك قادم غداً بلداً السجود به قليل، فأكثر السجود. فقال عبدالله: زدني يا رسول الله. قال: أذكر الله فإنه عون لك على ما تطلب).
جاء عن دار السيدة رقية للقرآن الكريم في استفتاءات المراجع للمرجع السيد محمد سعيد الحكيم: السؤال: هل حاتم الطائي وكسرى وعنتر من الأعراف؟ وما الأعراف ؟ الجواب: المروي عن أهل البيت عليهم السلام أن الأعراف كثبان من مسك مشرفة على الجنة، يجلس عليها كل إمام مع مذنبي عصره من شيعته، بانتظار الحساب أو الشفاعة لعلهم يدخلون الجنة، وهو الذي يشير إليه قوله تعالى "لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ" (الاعراف 46).
جاء في كتاب مصباح المنهاج / التجارة للسيد محمد سعيد الحكيم: الكذب: وأما الكذب في الوعد ـ بأن يخلف في وعده ـ فالظاهر جوازه، والنذر واليمين. وهو المناسب لكثير من الاستعمالات الشرعية والعرفية. ولاسيما ما تضمن منها ذكر الوفاء به، لأن الوفاء بالشيء فرع صيرورته في العهدة. نعم الظاهر شيوع استعماله في مطلق الإخبار بالأمر المستقبل وإن لم يكن من أفعال الواعد التي من شأنه أن يلتزم بها، كما في قوله تعالى "وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِن المُرسَلِينَ" (الاعراف 77)، وغير ذلك مما تضمن نسبة الوعد لغير الله تعالى مع كون الموعود به من أفعاله سبحانه. ولعله يبتني على التوسع بلحاظ المعنى الأول. ولذا لا يبعد اختصاص الاستعمالات المذكورة بصورة إصرار المخبر على وقوع الأمر الذي يخبره به وتبنيه لذلك، وعدم الاكتفاء بمجرد الإخبار بالأمر المستقبل من دون ذلك، حيث يقرب تشبيه الإصرار والتبني المقارن له بالتزام الإنسان بالشيء على نفسه وتعهده بفعله الذي هو قوام المعنى الأول، مع كون المعنى الحقيقي الأصلي للوعد هو الأول، كما يناسبه ما يأتي في المقام الثالث من نصوص الوفاء بالوعد، وغيرها من الاستعمالات الكثيرة المبتنية على أن الوعد موضوع للوفاء. وكيف كان فالوعد بالمعنى الأول يتقوم بالتزام الواعد بالأمر الموعود به على نفسه، بحيث يكون مقتضى التزامه المذكور تحقيق الأمر الموعود به. ولذا لا يتعلق إلا بما يكون مقدوراً له، وراجعاً بالآخرة إليه. سواء كان إبراز الالتزام المذكور بطريق الإخبار عن الأمر المستقبل، كما لو قال: أزورك غداً، أم بطريق التعهد والالتزام بالأمر المستقبل ابتداء، كما لو قال: لك عليّ أن أزورك غداً.
https://telegram.me/buratha