الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: (ألم) (البقرة 1) اسم لسورة البقرة. وقد أختار هذا الرأي أكثر المتكلمين وجماعة من اللغويين واستحسنه الشيخ الطوسي كما رجحه الطبرسي ودافعا عنه بعد أن أوردا عليه بعض الشبهات كما اختاره أيضا الشيخ محمد عبده. وانما هما من الرجم بالغيب فلا مناسبات الظروف الموضوعية، ولا مناسبات الكلام اللغوية هي التي تشير إلى هذا المعنى، وحالهما حال كل تفسير أو فرضية أخرى يمكن أن تذكر في هذا المجال، شريطة أن لا تتنافى مع بديهيات العقيدة القرآنية. أن هذه الحروف مقتطعة من أسماء لها دلالة معينة بحسب الواقع، وهي مجهولة لنا معلومة للنبي صلى الله عليه وآله، ويؤيد ذلك أن هذه الطريقة كانت معروفة لدى بعض العرب في مخاطباتهم وأحاديثهم، وقد روي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود وجماعة من الصحابة. كما أن ما ذهب إليه الطبري وروي عن ابن أنس يكاد يتفق مع هذا المذهب أيضا، وهذا المذهب قريب إلى المذهب الأول الذي روي عن ابن عباس أيضا. ويمكن ان يناقش هذا المذهب بنفس مناقشتنا للمذهبين السابقين. انها أسماء للسور التي جاءت فيها، ف (ألم) (البقرة 1) اسم لسورة البقرة. وقد أختار هذا الرأي أكثر المتكلمين وجماعة من اللغويين واستحسنه الشيخ الطوسي كما رجحه الطبرسي ودافعا عنه بعد أن أوردا عليه بعض الشبهات كما اختاره أيضا الشيخ محمد عبده. وتحمس الفخر الرازي في تأييده وأطنب في بيان الشبهات التي أوردوها عليه ونقضها وأهم ما اورد عليه الشبهتان التاليتان: الشبهة الأولى: أن الاسم انما يوضع للتمييز بين المسميات، وهذا لا يتفق مع تسمية عدة سور باسم واحد كما حدث في البقرة وآل عمران، فأنه ورد في اولهما (ألم) (البقرة 1) (ال عمران 1). الشبهة الثانية: أن الاسم لا بد ان يكون غير المسمى في الوقت الذي قام الاجماع على أن هذه الحروف جزء من السور التي جاءت فيها. وقد أجاب الشيخ الطوسي عن الشبهة الأولى: بأنه لا مانع من تسمية عدة أشياء باسم واحد مع التمييز بينهما بعلامة مميزة، وقد وقع هذا في الاعلام الشخصية كثيرا. كما أجاب عن الشبهة الثانية بأنه لا مانع من تسمية الشئ ببعض ما فيه، كما حدث في تسمية سورة البقرة وآل عمران والأعراف من السور.
عن المجتمع الانساني في القرآن الكريم للشهيد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره: ويـظهر مـن الأحـاديث الواردة عن أهل البيت ـ عليهم السـلام ـ، أن أفـضل شـيء وهبه الله تعالى للإنسان في أصل خلقته هو العقل، فقد روى الكليني بطريق صحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جـعفر البـاقر عليه السلام، قال (لما خلق الله العقل استنطقه ثم قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: وعزتي وجـلالي مـا خـلقت خلقاً هو أحب إلى منك ولا أكملتك إلا فيمن أحب، أما إني إيـاك آمر وإياك أنهى وإياك أعاقب وإياك أثيب) (الكافي 1 / 10 ـ ح 1). ولعل هذا العقل أو بعض درجاته العالية، هو الذي وصل إليه آدم في جـنة الأولى التي أسكنه الله تعالى فيها، وابتلاه واختبره بالتكاليف الإلهية عندما نهاه وزوجه عـن أكـل الشجرة فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، حيث وجدت عنده قـدرة التـمييز بـين الحسن والقبيح على ما يظهر من القرآن الكريم، والله سبحانه أعلم. والإرادة: هي الحـرية التي تـمثل الميزة والخصوصية الثالثة التي يختص بها الإنسان من بين المخلوقات، وهي تعني الإرادة والاختيار في أن يـسلك طـريق الهدى والصلاح والشكر لله تعالى، فتتطابق إرادته السلوكية مع الإرادة التشريعية لله تعالى فيصل إلى الجنة ورضـوان الله تـعالى، أو يختار طريق الضلال والفساد والكفر بالله تعالى، فتختلف إرادته السلوكية مع إرادة الله التشريعية، فـيسقط في مـهاوى النار. وهذه الحرية تؤهل الإنسان إلى الامتحان والفتنة والاختبار فيتكامل بذلك، كما تجعله أمام المـسؤولية الإلهـية والعقاب والثواب، عندما يكون كامل العقل والعلم بلطف الله تعالى. وبهذه الحرية يواجه الإنـسان جـهاد النـفس، وجهاد العدو، ويتحمل المصاعب والآلام من أجل الأهداف الكبرى. كما أن الإنسان بهذه الحرية، يكون فـي مـوضع خطر السقوط والفساد، وسفك الدماء والوقوع تحت تأثير الهوى والشهوات. وهذه الإرادة هـي نـفخة مـن الصفات الإلهية، التي اتصف بها الله تعالى، ويمكن أن تعبر عنها الآية الكريمة التي تحدثت عن النـفخ فـيه مـن روح الله. ولكن مع ذلك نجد أن آيات الاستخلاف تحدثت عن هذه الصفة ـ أيضاً ـ مـثل مـا سبق من آية سورة يونس، وفاطر، وغيرهما. كما أن القرآن الكريم تحدث عن هذه الحرية في خـلق الإنـسان، وقانون الابتلاء الذي يتعرض لها في أصل هذا الخلق. وقد أشير إلى هـذا الاختيار في هذا المـقطع الشـريف في قضية النهي عن أكـل الشـجرة، وفي آخره؛ بقوله تعالى: "... فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة 38-39) وهـذه العناصر والميزات الثلاثة، هي التي استحق بها الإنسان الخلافة من الله تعالى، كما تحمل بـها المـسؤولية العظيمة في العهد والميثاق، وأصبح الإنـسان فـيها مؤتمناً عـلى هـذا العـهد والميثاق.
جاء في كتاب القصص القرآني للسيد محمد باقر الحكيم: العلاقة باللّه تعالى: و هي الصفات التي تتحدّث عن نوع و مستوى العلاقة بين اللّه تعالى و عيسى عليه السّلام، و هنا نلاحظ أنّ القرآن الكريم يتحدّث في هذا البعد عن الخصال التي تعبّر عن موقف العناية و الرحمة الإلهية بعيسى عليه السّلام في تصوير هذه العلاقة، بدل الصفات التي تعبّر عن موقف عيسى عليه السّلام من اللّه باستثناء صفة واحدة، و هي صفة العبودية. كان عيسى عليه السّلام مؤيدا بروح القدس؛ إذ ذكر ذلك من جملة النعم التي أنعم اللّه بها عليه، و قد أكّد القرآن ذلك في عدّة مواضع: "وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ" (البقرة 87)، و كذلك الآية 253 من البقرة.
https://telegram.me/buratha