الصفحة الإسلامية

اشارات الشهيد السيد محمد باقر الحكيم عن القرآن الكريم من سورة البقرة (ح 20))


الدكتور فاضل حسن شريف

عن المجتمع الانساني في القرآن الكريم للشهيد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره: يفترض‌ الشيخ محمد عبده أن العلم هـو الذي جـعل الإنسان مستحقاً للخلافة، وهذا العلم ذو بعدين: أحدهما‌: العلوم الطبيعية التي يمكن للإنسان أن‌ يـحصل‌ عـليها‌ من‌ خلال‌ التجارب‌ والبحث، والتي يتمكن الإنسان بواسطتها من الهيمنة على العالم المادي الذي يعيش فـيه، كـما نشاهد ذلك في التاريخ وفي عصرنا الحاضر بشكل خاص. والآخر: العلم‌ الإلهي المـنزل مـن خـلال الشريعة، والذي يمكن للإنسان من خلاله أن يعرف طريقه إلى الكمالات الإلهية، ويشخص المصالح والمفاسد والخير والشر. وهـذا التـصور يـنسجم مع إطلاق كلمة العلم في‌ الآية‌ الكريمة، ومع فرضية أن الجواب الإلهـي للمـلائكة، إنّما هو تفسير لجعل الإنسان خليفة، لأن الجواب ذكر خصوصية العلم كامتياز لآدم على الملائكة.‌ ما ينسجم هـذا التـصور مع ما أكده القرآن الكريم في مواضع متعددة من دور العقل ومدركاته في حـياة الإنسان، ومسيرته وتسخير الطبيعة له،‌ وكذلك‌ دور الشـريعة في تـكامل الإنسان‌ ووصوله‌ إلى أهدافه. ولكن هذا التصور نـلاحظ عـليه: أولاً: ما ذكرناه من أن الشريعة قد افترض نزولها في هذا المقطع الشريف‌ بعد‌ هـذا الحـوار: "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" (البقرة 38)، إذن فهي ليست من العـلم الأول. ثـانياً: الظاهر أن الإرادة والاختيار يمثلان ميزة أخرى لآدم والإنسان‌ على‌ الملائكة، على ما يظهر مـن الشـيخ محمد عبده، حيث ذكر: أن هذه الخـصوصية هي التي أثارت مـخاوف المـلائكة وسؤالهم، كما نبهنا عليه وأشـار إليـه الشيخ محمد عبده. وأما‌ العلامة‌ الطباطبائي فقد‌ افترض أن هذا الاستحقاق للخلافة، إنما كـان بـاعتبار العلم بالأسماء وحده، ولكنه فـسر الأسـماء بـأنها موجودات عاقلة‌ لهـا مـراتب من الوجود، حيث يـمكن مـن خلال العلم بها أن‌ يسير‌ الإنسان‌ في طريق التكامل. ولكن هذا التفسير فيه شـيء مـن الغموض ولعله يعتمد على بعض المـذاهب الفـلسفية.‌ ‌‌نعم‌؛ هـناك فـرضية تـشير إليها بعض الروايات المـأثورة عن أهل البيت ـ عليهم‌ السلام‌ ـ وسبقت الإشارة إلى ذلك ـ وهي أن هذه الأسماء عبارة عن أسماء الأنبياء والربـانيين‌ والأحـبار، الذين جعلهم الله تعالى شهوداً على البـشرية والإنـسانية واسـتحفظهم عـلى كـتبه ورسالاته.‌ والظاهر أن هـذه‌ الفـرضية‌ هي التي ذهب إليها أستاذنا الشهيد الصدر قدس سره، في بحثه عن خلافة الإنسان وشهادة الأنـبياء (خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء: الشهيد السيد محمد‌ باقر‌ الصدر). ولكـن هـاتين الصورتين كانتا على مستوى مدلول هذا المـقطع القرآني الشـريف.

 

جاء في كتاب علوم القرآن عن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: دراسة قصة موسى عليه السلام: بعد دراسة الظواهر السابقة للقصة يحسن بنا أن نتناول قصص الأنبياء موضوعا من موضوعات التفسير الموضوعي. ومن هذا المنطلق نجد أمامنا أبعادا متعددة وكثيرة لدراسة القصة في القرآن الكريم، من أهمها البعد الأدبي والتصويري وكذلك البعد الذي يرتبط ببيان أغراض القصة في هذا الموضع أو ذاك، إضافة إلى الجانب التأريخي أو السنن والمفاهيم العامة التي يمكن انتزاعها منها. ولكن سوف نتناول هنا مثالا واحدا للقصة وهو قصة موسى عليه السلام، حيث تعتبر قصة موسى عليه السلام من أكثر قصص الأنبياء ورودا في القرآن الكريم وتفصيلا. ونعني هنا بالموارد القرآنية لهذه القصة: الموارد التي تحدث القرآن الكريم فيها عن علاقة موسى مع فرعون أو علاقته مع قومه أو لحالة اجتماعية قارنت عصره.

 

وسوف ندرس قصة موسى في القرآن الكريم لنأخذها نموذجا لدراسة تفصيلية يمكن أن تستوعب قصص جميع الأنبياء المذكورين في القرآن الكريم، كما اننا سوف ندرسها من خلال بعض الابعاد المهمة ذات العلاقة بالمضمون، وبالقدر الذي يتناسب مع هذه الدراسة من حيث الاختصار والمنهج. 1 - دراسة القصة بحسب مواضعها في القرآن الكريم: ونأخذ النقاط التالية بعين الاعتبار في دراستنا للقصة هذه: أ - التنبيه إلى أسرار تكرار القصة الواحدة في القرآن. ب - التنبيه إلى الغرض الذي سيقت له في كل مقام. ج - التنبيه إلى أسرار تغاير الأسلوب في القصة بحسب المواضع. 2 - قصة موسى بحسب تسلسلها التأريخي. 3 - دراسة عامة للقصة من خلال المراحل التي مر بها موسى والموضوعات العامة التي تناولها. ونكتفي هنا بالتنبيه بشكل اجمالي إلى هذه النقاط، لنترك معالجة جميع التفصيلات وكذلك الابعاد الأخرى إلى دراسة مستوعبة في ظرف آخر. وعلى هذا الأساس سوف نتناول القصة من زاوية نحو تسعة عشر موضعا من القرآن الكريم ونترك المواضع الأخرى التي جاءت فيها القصة بشكل إشارات أو تلميحات.

 

قصة موسى عليه السلام بحسب مواضعها من القرآن الكريم: الموضع الأول: الآيات التي جاءت في سورة البقرة والتي تبدأ بقوله تعالى: (وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم * وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون * وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون) (البقرة 49-51) إلى أن يختم بقوله تعالى: (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وان من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون) (البقرة 74). والملاحظ في هذا المقطع: اولا: جاء في سياق قوله تعالى (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون) (البقرة 40). ثانيا: انه يتناول احداثا معينة أنعم الله بها على بني إسرائيل مرة بعد الأخرى، مع الإشارة إلى ما كان يعقب هذه النعم من انحراف في الايمان بالله تعالى أو في الموقف العبادي الذي تفرضه طبيعة هذا الايمان. ثالثا: ان القرآن الكريم بعد أن يختم هذا المقطع يأتي ليعالج المواقف الفعلية العدائية لبني إسرائيل من الدعوة ويربط هذه المواقف بالمواقف السابقة لهم بقوله تعالى: (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعدما عقلوه وهم يعلمون... وأني فضلتكم على العالمين) (البقرة 75-122). وعلى أساس هذه الملاحظة يمكننا أن نقول: إن هذا المقطع جاء يستهدف غرضا مزدوجا وهو تذكير بني إسرائيل بنعم الله المتعددة عليهم، وذلك موعظة وعبرة لهم تجاه موقفهم الفعلي من ناحية، ومن ناحية أخرى كشف الخصائص الاجتماعية والنفسية العامة التي يتصف بها الشعب الإسرائيلي للمسلمين، لئلا يقع المسلمون في حالة الشك والريب في هذه المواقف، فيتصور بعضهم أنها تنجم عن رؤية موضوعية تجاه الرسالة، الامر الذي جعل اليهود يتوقفون عن الايمان بها، خصوصا وأن اليهود هم أهل الكتاب في نظر عامة المسلمين فأراد القرآن هنا أن يبين أن هذا الموقف انما هو موقف نفسي وذاتي ومتأثر بهذه الخصائص الروحية والاجتماعية. وهذا الغرض فرض أسلوبا معينا على استعراض الاحداث إذ اقتصر المقطع على ذكر الوقائع التي تلتقي مع هذا الغرض وتتناسب مع هذا الهدف، دون أن يعرض التفصيلات الأخرى للاحداث التي وقعت لموسى عليه السلام مع فرعون أو الإسرائيليين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك