سجاد رائد
ليلة القدر هي من الليالي العظيمة التي ذكرها القران الكريم لاسيما في سورة القدر المباركة، كما اكد على فضلها رسول الله (ص) وسائر ائمة الهدى (ع) واكدتها أحاديث جميع المذاهب الاسلامية، وهنالك ترابط يصرح به القران الكريم في سورتي القدر و الدخان بين هذا الليلة المباركة وبين امام اهل كل زمان، لاسيما امام زماننا الأمام المهدي (ارواحنا فداه) ولابد لنا من الاستفادة من هذا التصريح للاستدلال على وجود الامام المهدي عج.
عن الإمام الباقر (عليه السلام) في حديث يبين سبل الإحتجاج في إثبات الإمامة واستمرارها على منكريها قال: "يا معشر الشيعة، خاصموا بسورة إنا أنزلناه تفلحوا، فوالله إنها لحجة الله على الخلق بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإنها لسيدة دينكم ومبلغ علمنا.. يا معشر الشيعة خاصموا بـ "حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين"
جاء في سورة القدر بقوله تبارك وتعالى "تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ" وهنا (تَنَزَّلُ) بصيغة الفعل المضارع الذي يفيد الإستمرارية وعدم الإنقطاع، وسورة القدر نزلت في حياة رسول الله (ص) وهي مستمرة الى يوم القيامة لان القران مستمر وشامل لجميع الأزمنة ولايتوقف عند زمن معين، وتنزل الملائكة والروح فيها في كل ليلة قدر، بمعنى في كل عام من شهر رمضان ويستمر الى يوم القيامة، فعلى من تنزل في زماننا هذا، لان الملائكة والروح لا تتنزل الا على نبي او امام معصوم ولا بد من وجود امام معصوم وحجة تتنزل عليه الملائكة والروح، ولا يوجد حجه او امام معصوم على وجه الارض في هذا الزمان غير الأمام المهدي عج.
نجد أيضاً مورد ثاني ذكر القرآن به ليلة القدر المباركة وقد جاء في مطلع سورة الدخان حيث يقول عزوجل "حم{۱} وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ{۲} إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ{۳} فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ{٤} أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ{٥} رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{٦}" أذن فالحدث المستمر في كل ليلة قدر هو تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر إلهي حيث يفرق فيها كل أمر حكيم، وتقسم فيها كل أمور العباد الى ليلة القدر في العام التالي مما يدل على الاستمرارية وعدم الإنقطاع ليلة القدر بعد وفاة النبي الاكرم.
قد صرح النبي الأكرم (ص) بأن ليلة القدر باقية إلى يوم القيامة، فإذا كانت مستمرة الى يوم القيامة فلا بد من وجود أوصياء وحجج لله في الارض، بعد النبي الاكرم منصبون من قبل الله عزوجل، يهدون الناس ويعملون بدين الله، كما تتنزل عليهم الملائكة والروح بما يفرق من كل أمر إلهي حكيم في تدبير شؤون العباد، وعندما نرجع إلى القرآن الكريم نجده يصرح بأن الذين يهدون بأمر الله هم الذين جعلهم الله أئمة للناس، قال تبارك وتعالى في الآية ۷۳ من سورة
الأنبياء:"وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ"
وقال عز من قائل في الآية ۲٤ من سورة السجدة: "وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ"
إذن فالملائكة والروح تتنزل بإذن ربهم في كل ليلة قدر على من جعله الله (اي نصبه واختاره) إماماً للناس يهدي بأمره.
بعد كل ماتقدم في بيان ليلة القدر نجد تصريح القرآن الكريم في سورة القدر ومطلع سورة الدخان، على تنزل الأمر الإلهي في ليلة القدر من كل عام، دليل على وجود الإمام الهادي بأمر الله في كل زمان لكي يتلقى هذا الأمر الإلهي ويتولى الهداية للعباد به، وهذا ماصرحت به سورتي الانبياء والسجدة، والأمام الهادي في زماننا هذا هو بقية الله الاعظم صاحب الزمان الامام محمد ابن الحسن العسكري (المهدي المنتظر) عليه السلام.
https://telegram.me/buratha