الدكتور فاضل حسن شريف
ورد ذكر اصر في ايات قرآنية "وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ" (الاعراف 157) اصرهم تتكون من جزءين الاول الاسم اصر والثاني ضمير هم، و اصرهم اي العهد الذي جاء في التوراة والانجيل، و "رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا" (البقرة 286) اصرا اي ثقلا، و "قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي" (ال عمران 81) اصري اي العهد المبرم بيني وبينكم. الاصر هو حبس الشئ، والمأصر محبس السفينة.
جاءت كلمة الاغلال في الايات المباركة "أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ" (الرعد 5) السلاسل في اعناقهم ومنها يسحبون الى النار، و "وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا" (سبأ 33) الاغلال هي السلاسل التي تجمع العنق باليدين، و "إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ" (غافر 71) كما جاء في معنى الاغلال في الاية (سبأ 33)، و "وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ" (الاعراف 157) الاغلال هنا الشدائد في الدين، و "إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا" (يس 8) كما جاء في معنى الاغلال في الاية (سبأ 33)، و "إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا" (الانسان 4) كما جاء في معنى الاغلال في الاية (سبأ 33). وورد ايضا كلمة غل ومشتقاتها في ايات اخرى منها قوله تعالى "وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (ال عمران 161) جذر الفعل غل هو غلل ومعناه توسط الشئ مما يجعل الاعضاء وسطه، و "وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ" (الاعراف 43) الغل الحقد والضغن والعداوة، و" وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ" (الحجر 47) الغل يعني الحقد، و "وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ" (ال عمران 161) يغل اي يخون في الغنائم، وغل اي خان، و "وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ" (المائدة 64) قيل للبخيل مغلول اليد اي ذموه بالبخل، و "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ" (الاسراء 29) اي لا تكن بخيلا، و "وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" (الحشر 10) الغل يعني الضغن، و "خُذُوهُ فَغُلُّوهُ" (الحاقة 30) فغلوه الفاء حرف عطف وغل فعل والواو ضمير والهاء ضمير، فغلوه اي اجعلوا الغل في يديه وعنقه.
جاءت كلمة عزر في الايات الكريمة "وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ" (المائدة 12) عزرتموهم اي نصرتموهم، و "فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (الاعراف 157) عزروه اي وقروه وعظموه، و "لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ" (الفتح 9) تعزروه اي تنصروه.
قال الله تعالى "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (الاعراف 157) لخص الامام الباقر عليه السلام مفهوم الرسول والنبي بقوله (الرسول الذي يأتيه جبرئيل قبلا، فيراه ويكلمه، اما النبي فهو الذي يرى في منامه كرؤيا ابراهيم عليه السلام ورؤيا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اشارات قبل نزول جبرائيل عليه السلام بالرسالة). هنالك ثلاثة تفاسير للامي اوضحها كما جاء في تفسير الامثل هو من لا يقرأ ولا يكتب حتى ولو كان ظاهرا لكي لا يحصل شك بان ما يذكره النبي هو من وحي وليس من قراءة "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ" (الاعراف 157) يجدونه اليهود والنصارى مكتوبا عندهم في كتبهم يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر "مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ" بالاضافة الى الحلال والحرام والطيبات والخبائث. جاء في تفسير الامثل الإصر يعني في الأصل عقد الشئ وحبسه، ويطلق على كل عمل يمنع الإنسان من الفعالية والحركة، ويطلق على العهد والميثاق أو العقوبات لفظ الإصر، لأن هذه الأمور تحد من حركة الإنسان، والاغلال هي الشدائد في الدين "وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ" (الاعراف 157). في الاية المباركة تأكيد على الحلال ومقابله الحرام، والطيبات التي تقابلها الخبائث "وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ" (الاعراف 157). في الاية السابقة "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ" (الاعراف 156) ذكرت الايمان بالله واداء الزكاة، و هذه الاية تتحدث عن اتباع الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم لان الايمان بالله غير قابل للفصل عن الايمان بالنبي محمد صلى الله عليه واله وسلم "فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ" (الاعراف 157) عزروه يعني وقروه وعظموه وحموه من الناس. عن علي بن إبراهيم بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام في تفسير "وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ" (الاعراف 157) النور في هذا الموضع علي أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام، وكما جاء في خطبة الغدير ايضا ذكر النور من هذه الاية.
https://telegram.me/buratha
