الصفحة الإسلامية

المرأة.. القدوة لنساء عصرنا

3252 2022-01-23

  د. علي المؤمن ||

 

    هل يمكن لامرأة عاشت قبل أربعة عشر قرناً، أن تكون نموذجاً صالحاً للمرأة في عصرنا؟     وهل يمكن لأسرتها أن تكون قدوة للأسرة في المجتمعات الجديدة؟     وهل يمكن للدروس التي تُستَخلص من حياة تلك المرأة أن تشكّل حلاً لمعضلات المرأة المعاصرة؟     ثم؛ هل يستدعي الإقتداء بهذا النموذج أن نعود إلى الماضي، ونعيش ذلك العصر، فنتقمّص أجواءه ومشاعره ووعيه، ليكون الإقتداء بالنموذج ـ حينها ـ واقعياً؟     هذه التساؤلات تدور في خَلَدِ المرأة عند البحث عن مثَلٍ أعلى، ونموذج حيٍّ صالح لحياتها، أو عند التفكير بجدوى البحث عن مثلٍ أعلى.     ولسنا هنا بصدد الحديث عن وحوب وجود مثل أعلى، أو مرجعية إنسانية واجتماعية وأخلاقية للإنسان، سواء أكانت هذه المرجعية تاريخية، أو معاصرة؛ فالإسلام بيّن رأيه بهذا الموضوع، من خلال النّصوص المقدسة، حين أكّد على القدوة الإنسانية المتصلة بالمثل الأعلى المطلق، والمتمثلة في رسول الله محمد، ثم أهل بيته، ومن بينهم المرأة القدوة، الصالحة لكل الأزمان.      يقول رسول الله محمد مخاطباً ابنته الزهراء: (( يا فاطمة ألا ترضين أنْ تكوني سيدة نساء العالمين وسيّدة نساء هذه الأمة وسيّدة نساء المؤمنين )).     ويشير الرسول هنا إلى حقيقتين:     الأولى: حقيقة مفهومية، وتتمثّل في وجود مثل أعلى إنساني ثابت للنساء المؤمنات.     الثانية: حقيقة مصداقية، وهي أنّ هذا المثل الأعلى ليس إلاّ فاطمة بنت محمد.     وتتأكد أهمية اقتداء المرأة بالنموذج الذي أراده الإسلام لها، وضرورته يوماً بعد آخر، وخاصة في مرحلة احتدام الصراع الثقافي والسياسي والميداني بين حالة الصعود الإسلامي، والهجمة الغربية المضادة، ولا سيما في بعدها الإجتماعي؛ إذ تحاول التيارات الغربية والمتغرِّبة في المجتمعات الإسلامية، فرض نماذجها الوضعية في مجالي الأسرة والمرأة.     وتتلّخص هذه النماذج الوافدة؛ في المرأة التي فقدت هويتها وشخصيتها الحقيقية، وضاعت في متاهات الانحراف الفكري والإجتماعي والسلوكي. وفي الوقت الذي تفتقد التيارات المتغربة إلى النموذج المقبول والصالح للمرأة، فإنها تحاول نقل ضياعها الثقافي، وتجاربها الاجتماعية الفاشلة إلى مجتمعاتنا؛ لتكون جزءاً منها. وإذا نجحت في ذلك، فإنها تكون فقد حققت مقدّمة أساسيّة في الهيمنة الحضارية على واقع المسلمين.     وعلى مستوى التطبيق؛ فإن النماذج الوافدة، أو النماذج التي تُصنّع محلّياً في إطار مناهج متغرّبة، والتي تُطرح كقدوة للمرأة العربية والمسلمة، تتمثل ـ عادة ـ في ممثلاث ومغنيات يتاجرن بشخصية المرأة، أو أديبات وإعلاميات (متحررات)، أو ناشطات اجتماعيات وسياسيات يمارسن لعبة المتاجرة نفسها، و ما شاكل ذلك.    و لاشك أن موجات التغريب والغزو الثقافي التي تستهدف مجتمعات المسلمين، حققت كثيراً من أهدافها، من خلال التركيز على قطاع المرأة أكثر من غيره، تحت شعار: ((المرأة قبل أيّ شيء))، لأن حرف المرأة يؤدي الى حرف الأسرة والمجتمع، و الى تصدع بناه الثقافية والإنسانية والسلوكية.    وإيقاف الغزو الثقافي التغريبي عند حدوده، وطبع النموذج الحقيقي في عقول النساء العربيات والمسلمات وقلوبهن، وحماية الأسرة المسلمة؛ يتطلب جهوداً مكثّفة ومتظافرة على مختلف المستويات.    إنّ التمسك بالمرأة القدوة التي طرحها الإسلام قبل ما يقرب من 1400 عام، هي عودة إلى الأصول المقدّسة، وإلى المرجعية التي أمر الله باتّباعها، وهي ليست عودة زمنية إلى الماضي، والتشبث به، بذريعة عدم وجود نموذج عصري؛ بل هي عودة سلوكية وروحية إلى فاطمة الزهراء، لإخضاع الواقع النسوي المسلم الى سيرتها وسلوكها، بما ينسجم وعملية استيعاب الشريعة الإسلامية للمجتمع استيعاباً كاملاً.     ولا يعدّ هذا الإقتداء جزءاً من عملية استنطاق التّراث؛ لأن فاطمة الزهراء ليست جزءاً من التراث أو الماضي، بل هي نموذج صالح للماضي، والحاضر والمستقبل.     هذه المرأة القدوة، قال عنها رسول الإسلام: «فاطمة بضعة منّي»، وأن اللَّه ليغضب لغضبها، كما في قوله: «يا فاطمة إن اللَّه ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك». و لذلك؛ فإن المرأة التي تقتدي ببنت رسول الله، هي وفيّة لدينها، وإنسانيتها، وتكتسب العظمة من سيدتها.. سيدة نساء الأمة. وعندها لن تكون هناك جدوى من البحث عن قدوة أخرى.. عصرية كما يقولون.     ولكي نُخضِع واقعنا لهذه الحقيقة، ونُبقي نموذج المرأة المسلمة القدوة ماثلاً في العقل والقلب؛ لا بد أن يبقى فهمنا لسيرتها متجدّداً، وواعياً للتحولات التي يفرضها الزمان على مستوى المعرفة والثقافة والفكر. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك