الصفحة الإسلامية

دعوة السيد المسيح (ع)


 

د.علي حكمت شعيب * ||

    

 

لماذا تألم السيد المسيح (ع) وتعرّض للاتهامات والافتراءات والتجريم والتعذيب.

لماذا اتهم بالكذب والتجديف.

لماذا تعرّض للسخرية والتكفير.

لماذا وضع حياته على هذا الطريق وتخلّى عن متاع الدنیا وزينتها وزخرفها وبهجتها من النساء والبنين والذهب والفضة والخيل المسوّمة والحرث وسلك طريق ذات الشوكة.

لماذا ارتضى لنفسه عيش الزاهدين كما وصفه الإمام علي ابن أبي طالب(ع):

"وَإِنْ شِئْتَ قُلْتُ فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ (ع)، فَلَقَدْ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْحَجَرَ، وَيَلْبَسُ الْخَشِنَ.

وَكَانَ إِدَامُهُ الْجُوعَ، وَسِرَاجُهُ بَاللَّيْلِ الْقَمَرَ، وَظِلاَلُهُ في الشِّتَاءِ مَشَارِقَ الاَْرْضِ وَمَغَارِبَهَا، وَفَاكِهَتُهُ وَرَيْحَانُهُ مَا تُنْبِتُ الاَْرْضُ لِلْبَهَائِمِ.

وَلَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ تَفْتِنُهُ، وَلاَ وَلَدٌ يَحْزُنُهُ، وَلاَ مَالٌ يَلْفِتُهُ، وَلاَ طَمَعٌ يُذِلُّهُ دَابَّتُهُ رِجْلاَهُ، وَخَادِمُهُ يَدَاهُ"

أليس مروياً عنه في الإنجيل دعوته الآتية:

" تَعَالَوا إِليَّ يَا جَمِيعَ المُتْعَبِينَ والمُثْقَلِينَ بِالأَحْمَال، وأَنَا أُريْحُكُم.

إِحْمِلُوا نِيْري عَلَيْكُم، وكُونُوا لي تَلاميذ، لأَنِّي وَدِيعٌ ومُتَواضِعُ القَلْب، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُم.

أَجَل، إِنَّ نِيْري لَيِّن، وحِمْلي خَفِيف"

لقد تحمّل كل ذلك العذاب لأنه حمل آهات وآلام المعذبين والمظلومين والمتعبين وفكر في كيفية إزاحة كل ذلك عن أولئك الرازحين تحت أثقال الاستعباد والفقر والتجهيل من قبل مترفين طغاة متحكّمين.

أليس هذه دعوة تغييرية للإصلاح في المجتمع لتعديل المنظومة الثقافية التي بني عليها، ولإيجاد جماعة مؤمنة به لحمل مسؤولية قيادة وإدارة هذا التغيير، الذي بذل في سبيله السيد المسيح (ع) كل ما يملك لأنه اعتقد أن خدمة الإنسان تستحق ذلك.

إن الدعوة الجامعة التي أطلقها السيد المسيح تتجاوز في إطارها قومه لتشمل كل الناس على امتداد الأعراق والقوميات والشعوب.

إنها دعوة منحازة لصالح الفقراء والمعذبين والمحرومين والمستضعفين غير حياديّة أبداً عندما يتعلق الأمر باستنقاذهم من نير الاستعباد والقهر والظلم المفروض عليهم من قبل الطغاة المستبدين والمترفين.

عسى أن تشكل لنا القراءة الموضوعية لسيرة السيد المسيح(ع) مصدراً للاقتداء في حياتنا العملية وتزيل عنا كل تشويش  عليها.

فالأنبياء العظام والأحرار والمصلحون الكبار تجمعهم القضايا الإنسانية العادلة.

 وهم منحازون دائماً الى الحق والعدل

يناضلون من أجل تلك القضايا والقيم خدمة للناس المظلومين والمقهورين من قبل الطغاة والظالمين دونما اعتبار لعرق أو قومية أو طائفة أو مذهب.

* أستاذ جامعي / لبنان بيروت

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك