الصفحة الإسلامية

زغاريد رجبيّة(1)

1680 2021-02-25

 

د.أمل الأسدي ||

 

 

هنا في العراق ،حيث التربة المعجونة بالحب والحنان والابتسامة، يجعل الناس  أفراحهم متزامنة مع أفراح أهل البيت، وهم الآن علی أبواب شهر رجب،الشهر الذي له خصوصية عندهم، ولاسيما في نجف الأمير.

فهو شهر الخيرات وشهر ولادة أمير المؤمنين ،صاحب الفضل الذي أنسنَ الحياة، فحول تجاعيدها الی قطيفة خضراء تلفُّ القلوب الباردة وتنزل عليها آيات الدفء!

"صلاح" يحب "زهراء" ابنة خالته، حبا أنيقا يرتدي الغيرة العراقية، فقد رباه والده"عبد الرزاق الموسوي" علی المروءة؛لذا هو يدرك أن الحب هو أن يخاف الحبيبُ  الله في حبيبته!

"أم صلاح" تنتظر   زيارة أختها  يوم الجمعةكي تتمم الأمر وتتفق علی الخطبة، وصلاح لديه وجهة نظر  أخری!

- صلاح : لتكن الخطوبة في شهر رجب

- الأم: خير علی خير، هذا سيوفر لي مزيدا من الوقت لأكمل التحضيرات

ـ الوالد: لتكن الخطوبة وعقد القران في الثالث عشر من رجب، مع ذكری مولد الإمام علي.

استبشرت الأسرة كلها بكلام الوالد  ورحبت بالموعد، وتطايرت الضحكات في أرجاء منزلهم الدائم الخضرة.

الثالث عشر من رجب، يوم ربيعي مشرق.. طرقت أم عادل أبواب غرف البيت مبكرة، وهي تهتف عند كل باب:

ـ انهضوا، لعلكم نسيتم أن اليوم هو عقد قران أخيكم!! هيّا قوموا..

نهض الإخوة بشغف مع أنهم متعبون،فلم يناموا إلا سويعات؛فالنوم يفرُّ مذعنا حين يأتي الفرح!

لبسوا أفخر ثيابهم، وأكثر من لفت الأنظار(أبو صلاح) بعصاه الخشبية الجديدة المرصعة بالفيروز التي اشتراها خصيصًا لهذه المناسبة.

(2)

في الجناح الداخلي للبيت، كانت النساء، ومعهن العروس، وهي في أحلى زينتها.. فستان أبيض فضفاض، وتاج ذهبي صغير، وطرحة أنيقة،

كان وجهها يشع جمالاً، ويزيده تألقا شعرها الكستنائي بتسريحته الساحرة ، وعيناها السوداوان الكحيلتان ترسلان بريقاً ممزوجاً باللهفة للقاء الحبيب.

كانت خواتم القران والعقد النفيس والأقراط والأساور الذهب لاتزال مكنوزة في علبتها البهية على الطاولة الموضوعة أمامها، وبجنبها (صينية البخت) التي تزهو بالورد وأقراص السكر والشموع،وقدماها في آنية الماء والياس!

أما النسوة فقد كن يعبرن عن فرحهن بـ(  الهلال) الحادة، ويرددن أحيانا  الأهازيج مع( الملاية) التي تصور العروس قمراً منيراً ووردة جورية حمراء، وفراشة ربيع. ثم لاتنسى(الملاية) أن تصف ( العريس) بما يخطر في بالها من أوصاف الرجولة، والجمال والقوة.

وهكذا تتعالی الزغاريد والصلاة على النبي وآله... ولابد من ذكر مولد الإمام علي والتغني بفضائله وشكر الله تعالی علی نعمه.

(3)

الشيخ حسن قد حضر  ليأخذ توكيل التزويج من العروس، جلس  خلف الباب المنشق قليلاً، على كرسي من الخيزران الأصفر، طلب  من النساء أن يصمتن، ليتسنَّى للعروس أن تسمع صوته، وليتمكن هو من سماع صوتها، وبعدما أطلق عدة نداءات، ذهبت أدراج الرياح، تأفف مبتسماً، وقالَ:

ـ ستذهب محاولاتي عبثاً.. لا أحد يقدر على اسكات النساء..لا في الأفراح.. ولا في الأحزان!!

وراح يتحدث وقد رفع صوته  قدر المستطاع:

ـ أيتها الآنسة النبيلة زهراء عامر.. إذا رضيت بالزواج من الشاب الوجيه السيد صلاح عبد الرزاق حسين الموسوي على المهر المعلوم ... فقولي: نعم، أنت وكيلي.

وبعد أن أعاد الخطاب مرارا، كما جرت العادة، قالَت العروس أخيراً وبحياء بالغ:

ـ نعم ..أنت وكيلي.

أطلقت النساء الزغاريد، والدعوات بالهناء، ورفعن وتيرة الإنشاد، والصلوات على الرسول وآله.

بعد ذلك توجهَ الشيخ حسن إلى العريس، فألقى عليه صيغة العقد الذي أخذه من موكلته،فأجاب صلاح:

ـ قبلت التزويج.

ولما أتم المراسيم قبّل صلاح يد الشيخ حسن وعانقه، وتوجه نحو أبيه وعمه فقبل يدهما ، وعانق أشقاءه بحرارة، وصافح جميع المدعوين، وتقبل منهم التهاني، وهم يرددون:

ـ مبارك.. مبارك. بالرفاء والبنين..‹‹ألف الصلاة والسلام عليك يارسول الله محمد .. صلوات››.

وتدفقت الحلوى والعصير على الحاضرين ألوانًا وأشكالاً.. وعلت أصوات المنشدين...

دخل صلاح إلى غرفة النساء للقاء حبيبته وعهده الثابت البياض  زهراء" فألبسها محبسها.. وعقدها.. وسوارها..وقرطيها...

التقت العينان واجتمع القلبان،وتوافقت الفرحتان!

أبحر صلاح

وأبحرت زهراء

النبض يركض مسرعا،يغازل الستائر،والنوافذ تشي إلی النهار بالقُبلة الأولی!

 

ـ المشهد مقتبس بتصرف من رواية( عروس الفرات) للكاتب علي المؤمن

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك