وكــالة أنباء الانتظار
يعود تأريخ الصراع بين محورَي الحق والباطل منذ آدم (عليه السلام) فحينما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم سجد الملائكة إلا ابليس أبى ذلك حيث تجسد الباطل بهذا اللعين، فنصب لآدم العداء ومن ثم لأبنائه، قال تعالى : { فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ } طه ١١٧
وقال تعالى:{ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} يس ٦٠
وامتد هذا الصراع عبر الأجيال فعُصور الأنبياء والرسالات وتأكّد هذا الصراع بعداوة بني أمية لبني هاشم والذي كانت شرارته التخاصُم الذي حصل بين هاشم بن عبد مناف (جد النبي ص) مع ابن أخيه أميّة بن عبد شمس ما قبل الإسلام واستمر وسيستمر حتى ظهور القائم (أرواحنا فداه)، قال الإمام الصادق عليه السلام: (إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله، قلنا صدق الله وقالوا كذب الله. قاتل أبو سفيان رسول الله صلى الله عليه وآله وقاتل معاوية علي بن أبي طالب عليه السلام، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي عليه السلام، والسفياني يقاتل القائم عليه السلام). (معاني الأخبار / 346
فصِراعُ الحق والباطل مستمران كونهما طريقين مختلفين، ولكن كلّ من صارع الحق وأهله صُرِع، قال أبوعبدالله (عليه السلام): (ليس من باطل يقوم بأزاء حق إلا غلب الحق الباطل، وذلك قول الله -عز وجل- :(( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق)) الأنبياء ١٨
يتعقّد المشهد السياسي والعسكري في عموم منطقة المشرق أو ما يسمونه بالشرق الأوسط ، هذه المنطقة التي تُعَدُّ النقطة المركزية للصراع الدولي والاقليمي منذ عقود لأهمّيتها سياسياً وحضارياً وأمنياً واقتصادياً ؛ حيث تستحوذ بلدان الشرق الأوسط على أكثر من نصف احتياطيات مصادر الطاقة في العالم.
بحلول نهاية الحرب العالمية الثانية، أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر منطقة الشرق الأوسط (أكثر المناطق الاستراتيجية أهميةً في العالم( و(إحدى أضخم الغنائم المادية في تاريخ العالم) وفقًا لما قاله نعّوم تشومسكي.
في المفاهيم السياسية والعسكرية نحن نعيش ذروة الصراع المشتعل منذ عقود بين محور المقاومة والتمهيد ومحور الشر بقيادة أمريكا، خصوصاً بعد استلام أحمق البيت الأبيض للسلطة وصولاً لارتكاب دولة الشيطان جريمتها الكبرى باغتيال قادة محور المقاومة القاسم والمهندس ورفاقهم (رض) ومن ثَمَّ اغتيال العالِم الإيراني الشهيد (محسن فخري زاده) الأمر الذي زاد من حدة التوتر والصراع بين محورالقيم ومحور اللاقيم .
من نافلة القول إنّ أولى فصول هذا الصراع قد بدأ عندما تأسّس أخطر كيانين في المِنطقة وهما : آل سعود (آل فلان أو بنو فلان روائياً) والكيان الصهيوني (الاسرائيليون الجدد) بمباركة بريطانية وأمريكية، واللذان تأسّسا في فترات زمنية متقاربة ليُشعلا المنطقة بالأزمات والحروب والفتن والدم والدمار حتى يومنا هذا.
لم تشهد المنطقة شحناً إعلاميّا واصطفافاً وتخندقاً في المحاور كما نشهده اليوم ، دولٌ تهرول للتطبيع مع الكيان الغاصب بغية إنشاء ما يسمى بالتحالف الملكي العربي السنّي بزعامة اسرائيل الذي يتبلور حالياً لضرب إيران، مناوراتٌ حربية، تصريحات وتهديدات متبادلة ، منطقة الخليج الفارسي تزدحم بالبارجات والغواصات وحاملات الطائرات، محاصرة دول التمهيد بالحروب الاقتصادية والأمنية والعسكرية والناعمة، جميع المؤشرات تقول أنّ الثلاثي المهزوم (الأحمق والنتن و الدب الداشر) يريدون جرّ إيران لمواجهة بتوقيتهم، أمّا إيران فلن تنجر لعمل عسكري تحدد واشنطن وقته ومكانه ونعتقد أنّ رد المحور الحاسم قادم لكنّ توقيته وكيفيته ونوعيته تحدده قيادة المحور، وكما قال السيد حسن نصر الله : يوم الحرب الكبرى في هذه المنطقة لأي سبب من الأسباب هو يوم قادم.. هذا اليوم القادم هو اليوم الذي سنُصلي فيه جميعا في القدس.
لقد جاء انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران عام 1979 بقيادة فاتح بوابة عصر الظهورالإمام الخميني(قده) ليشكَّل انعطافة كبرى في مسارالتأريخ المعاصر، فحملت إيران راية مقارعة الاستكبارالعالمي المتجسد بأمريكا واسرائيل باستراتيجية عميقة الفهم للمشروع المعادي و بإيـقاع هادئ و بـصـيـرة ثـاقـبـة ،.و خبـرة زوّدتها التجارب بفنون المكر واستدراج الخصوم إلى الملعب الذي يتقن فيه الإيـرانـيـون اسـتخدام أسـلحتهم بكفاءة عـالـية ، لا يـذهـب بـها التهور بعيداً ، ولا يقيّدها الحذر في معركة امتحان الإرادات ، التي انشدَّ إليها بصر العالم منذ سنوات عديدة ، وربما منذ عقود وللشيعة الفخر كل الفخر أن تنتمي هذه الراية المباركة إليهم .
هذه الراية التي استطاعت خلال (٤١) من عمرها إفشال عشرات المؤامرات والمخططات والمشاريع التآمرية لإجهاض الثورة الإسلامية المباركة وإذلال شعوب المسلمين و تقسيم المنطقة عبر مشاريع صدام اللعين والقاعدة وداعش وإشعال الحروب الطائفية وغيرها ، لكن كل ذلك فشل فشلا ذريعاً ببركة دماء الشهداء وتسديد ورعاية صاحب الزمان(أرواحنا فداه) وحكمة السيد الإمام الخميني(قده) وخليفته السيد الخامنئي(دام ظله)
لقد جاء احتلال العراق كمنعطف تأريخي في مسار المواجهة، فأرادت أميركا أن يكون العراق المنطلق الرئيسي لأزمات المنطقة والعالم وكان هدفهم الأساس من الاحتلال ترسيخ الهيمنة على المنطقة ومحاصرة إيران وتحقيق أمن دولة اسرائيل الكبرى من خلال اتباع استراتيجية (إفشال الدولة) وجعل العراق بلد تسوده الأزمات والفوضى وعدم الاستقرار السياسي والأمني فينكفئ على نفسه وتتراجع أولوياته حتى تتمكن العبقرية الاسرائيلية من تحقيق مشروعها الصهيوني العالمي ضمن إسقاط الدول القوية و تقسيم جغرافيتها لكن المشيئة الإلهية ونظرة ورعاية المولى صاحب الزمان (أرواحنا فداه) ووجود المرجعية العليا في النجف الاشرف المتمثلة بسماحة الإمام السيستاني (دامت بركاته) فاجأت الأعداء وأظهرت غبائهم وحماقتهم وخطأ حساباتهم في العراق بشكل مثير للدهشة
وجاءت الأزمة في سوريا لتفتح فصلا جديدا من فصول هذه المواجهة ولتضرب عمق محور المقاومة وأحد الشرايين الرئيسية التي يمتد من خلالها هذا المحور المبارك ، وكان المخطط كبير وكبيرا جداً من حيث التمويل والدعم فأنفق الاستكبار مليارات الدولارات وأطنان من الأسلحة والأعتدة من أجل تطبيق مشروع (الشرق الأوسط الجديد) ومن ثَمّ جاءت ورقة داعش في العراق كامتداد لهذا المشروع لإسقاط الدولة والعملية السياسية والتجربة الشيعية في العراق وهو يأتي بعد سلسلة من الهزائم سياسياً وعسكرياً بحكمة وحنكة وبصيرة بني هاشم أبناء الزهراء (عليها السلام) في لبنان والعراق وإيران إلّا أنّ محور المقاومة والتمهيد المهدوي تصدّى لهذا المخطط الكبير، وبِدماء وتضحيات رجالاته دُفن المشروع الصهيو_أمريكي وتم سحقه
بعد ذاك جاءت أمريكا بورقة الجوكر في العراق بعد انفتاحه على الصين ورفضه للإملاءات الأمريكية فضخّت المليارات لشذاذ الآفاق وعملاء المحتل لتُوظَّف معاناة الشعب لا للانقضاض على الحكومة بل على أُسس الدولة والعملية السياسية وكانت بحق فتنة كبيرة أشعلتها دولة الشيطان وأدارتها من خلف الكواليس
ماذا نتوقع :
١- زيادة حدة التوتر والاحتكاك ما بين محور المقاومة والتمهيد والمحور الأمريكي الصهيوني وأذنابه من دول العربان و أجلاف الصحراء في بلدان مسارح التمهيد المهدوي ووصول الأمور الى مرحلة المواجهة الشاملة المباشرة وتبادل الضربات وتجاوز مرحلة المخططات الطويلة
٢- استمرار الأزمة السورية و لن تنتهي إلّا بتحقيق جزء من أهداف محور الشر بتغيير يلبي المتطلبات الدنيا لهذا المحور المشؤوم والمتمثل بالسفياني اللعين والذي سيكون رأس الحربة لهذا المحور .
ولذا نعتقد بأن آخر فصول الصراع في المنطقة ستكون بين راية الهدى الخراسانية والراية الأهدى اليمانية بمواجهة راية السفياني اللعين الماسونية، وهاتان الرايتان (اليماني والخراساني) ستكونان قوة إقليمية فاعلة في المنطقة و ستُفشلنان آخر المخططات والمشاريع التآمرية للمحور الماسوني الشيطاني في المنطقة وهو مشروع السفياني اللعين المدعوم غربياً وأمريكياً وسعودياً واسرائيلياً وهي قراءة مبنية على الواقع السياسي والعسكري المعاصر وأحداث السفياني التي جاء ذكرها في الموروث الروائي
وهذه الجولة الأخيرة من هذا الصراع الطويل المحتدم ستكون مقدمة قيام دولة العدل الالهي وستُحسَم لصالح المحور الممهّد وندعو ونأمل أن يكون ذلك قريباً والله تعالى أعلم.
اللهم عجل لوليك الفرج والعافية والنصر
إنَّهم يرونه بعيداً
ونراهُ قريباً
https://telegram.me/buratha