الصفحة الإسلامية

لنتعلم العيش في مدرسة الإمام  السجّاد عليه السلام /2


 

د.مسعود ناجي إدريس ||

 

·        العبودية والتقوى

وفقًا للإسلام وقادته،  فإن من مبادئ الحياة هي عبودية الله وعبادته.  الإمام السجّاد (ع) بصفته وريث الأنبياء وتعاليمهم،  يكرر نفس مبدأ الأنبياء عدة مرات ودعا إلى ذلك.  لذلك فإن أفضل طريقة للحياة هي العبودية التي تتجلى في شكل التقوى الإلهية وهي معيار كرامة الإنسان. { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات: 13). قال الامام : (سادة الناس فی الدنیا الاسخیاء، و سادة الناس فی الاخرة الاتقیاء). (مشکاهًْ الانوار، ص 232، س 20، بحارالانوار: ج 78، ص 50، ح 77).

·        الدعوة إلى الحق والصراع مع الظلم

العيش الكريم في ظل حكم القانون متأطر بمحاربة الباطل بجميع أشكاله بما في ذلك القهر والظلم.  قال الإمام الباقر (ع):  والد - الإمام السجّاد (ع) - في اللحظات الأخيرة من حياته وضعني على صدره وقال:  يا ولدي!  تركت لك ما ورثه والدي - الإمام الحسين (ع) - عند استشهاده فقال:  أمره أبوه: «يا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَ ظُلْمَ مَنْ لَا يَجِدُ عَلَيْكَ نَاصِراً إِلَّا اللَّهَ»(الکافي، ج 2، ص 331، باب الظلم، حدیث 5)

قال أبو جعفر (عليه السلام):( لما حضرت أبي علي بن الحسين (عليهما السلام) الوفاة ضمني إلى صدره وقال: يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة وبما ذكر أن أباه أوصاه به يا بني اصبر على الحق وإن كان مرا.) (الکافي، ج 2، ص 91، باب النصر، حدیث 13).

بالطبع،  تم التعبير عن هذين الأمرين في تجميع واحد،  ولكن بسبب تجزئة وفصل الكتب الروائية،  بما في ذلك أصول الكافي تم تبويب الموضوعات.  لذلك،  فإن الإمام (ع) أوصى ابنه بنفس الوصية التي ذكرها الإمام الحسين (ع) أثناء استشهاده.  وهذا يدل على أن الدعوة إلى الحق والصراع مع الظلم من المبادئ الأساسية للإسلام.

بالنظر إلى التعاليم القرآنية،  يتضح أن الطريق المستقيم الذي خطا الأنبياء فيه خطوة وعملوا بها وأصبحوا متلقين للنعم الإلهية هو العمل بالدعوة إلى الحق والصراع مع الظلم.

في سورة الفاتحة،  ذكر الله تعالى أن المؤمنين والمسلمين ينبغي أن يسألوا الله تعالى أن يهديهم إلى صراط المستقيم،  ثم في الآية 69 من سورة النساء،  يذكر من ينعم بالصراط المستقيم،  وهم النبیین والصدیقین والشهداء والصالحین.  لكن في هذه الآيات ليس من الواضح على أي أساس نظموا حياتهم الأساسية.  ولكن يترتب على قصة النبي موسى عليه السلام أن حكم القانون وعدم التعاون مع المجرمين ودعمهم هو أهم مبدأ قامت عليه حياة هؤلاء المختارين.  يقول الله تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ } (القصص، آیه 17).

طاعة الله ، وترك التحدث عن عيوب الاخرين والانفاق مما يحب  الانسان والعبودية لله تم التعبير عنهم بأشكال وكلمات مختلفة في كلمات قرآنية وروائية. في الواقع ، إنهم يدعون الناس للعبادة بأي شكل من الأشكال. لكن كيفية إتمام العبادة مسألة يجب مراعاتها. شخص الذي هو حقًا عبد الله وخادم الله الذي يتصرف مثل ما اراد الله ويظهر الصفات الإلهية في نفسه وبعبارة أخرى يصبح مثل الله. تلعب بعض الأشياء في الحياة دورًا أكثر اكتمالاً في ظهور العبودية لله وخلق الإيمان وتقويته. ومنها: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: 92] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَي . ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ }. (الحجرات،  11 و 12)

قال الامام السجاد (عليه السلام):

(ثلاث منجيات للمؤمن، كف لسانه عن الناس واغتيابهم، وإشغاله نفسه بما ينفعه لأخرته ودنياه، وطول البكاء على خطيئته.)

الأول أن يعطي الإنسان ما يحب لغيره (يعطي الناس ما يحب لنفسه)؛  والثاني:  إنه لا يخطو خطوة حتى يتأكد من أن حركته في طريق طاعة الله أو لا يكون في طريق معصيته.  ثالثًا:  ألا يلوم أخاه المؤمن (على عيبه) حتى يزيل العيب عن نفسه. (تحف‌العقول: ص 204، بحارالانوار: ج 75، ص 141، ح3)

طبعا لا بد من الإشارة إلى أن من يبحث عن عيوب غيره سيبتلى بها في الدنيا.  يحذر الإمام السجّاد (ع) ويقول: ( من رمی‌الناس بما فیهم رموه بما لیس فیه) .(بحارالانوار: ج 75، ص 261، ح 64).

·        محاسبة النفس

فبدلاً من الانشغال بنواقص الآخرين،  ينبغي أن ينشغل الإنسان بمشكلاته ونواقصه،  وأن يجتهد لإكمال نفسه.  لذلك،  بدلاً من محاسبة الآخرين وموازنة حياتهم وسلوكهم،  يجب أن يضع نفسه في ميزان العدالة ويوازن قيمته حتى يتمكن من التفكير في إزالة عيوبه. 

كان علي بن الحسين عليه السلام يقول:  (ابن آدم لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك،  وما كانت المحاسبة من همك،  وما كان الخوف لك شعارا،  والحزن لك دثارا،  ابن آدم إنك ميت ومبعوث،  وموقوف بين يدي الله عز وجل،  ومسؤول فأعد جوابا) . (مشکاهًْ‌الانوار: ص 246، بحارالانوار: ج 67، ص 64، ح 5).

فالمنشغل بنفسه ليس لديه الوقت للتعامل مع عيوب الآخرين والبحث عن نواقصهم والنميمة.  هذه هي الطريقة التي سيهمل بها الآخرين وينقذ نفسه من الدمار بمحاسبة نفسه.

قال الإمام السجّاد (ع): (ثلاث منجيات للمؤمن: كف لسانه عن الناس واغتيابهم، وإشغاله نفسه بما ينفعه لاخرته ودنياه، وطول البكاء على خطيئته).(تحف‌العقول: ص 204؛ بحارالانوار: ج 75، ص 140، ح3).

لذلك يجب على الإنسان أن يراقب نفسه باستمرار وأن يكون حريصًا حتى لا تطغى روحه ولا تضل ولا تفعل شيئًا تَعَسُّفِيًّا.  الرجل الذي يحافظ على نفسه قد بذل قصارى جهده لتحسين ذاته.  يقول الإمام السجّاد (ع) في هذا الصدد:  )الخیر کله صیانة الإنسان نفسه). (تحف‌العقول : ص 201، بحارالانوار: ج 75، ص 136، ح3)....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك