الصفحة الإسلامية

مشاهد وحكايات في الفضاء الأربعيني

2225 2020-10-18

 

حسين فرحان||

 

المشاهدُ والحكايات في هذا الفضاء الأربعيني الواسع بعدد الخطوات على كل الطرق المؤدية للحسين..

المواقف المشرفة بعدد الحركات والسكنات والعَبرات، والدروس بعدد أنفاس أساتذة العطاء في مدارس العشق، والنتائج الباهرة بعدد الدموع التي تناثرت كعِقد لؤلؤ انفرط على طول درب المشاية..

للسائرين على الدرب، وللخدام على جانبيه حَكايا، ومن انشغل بتوثيق حكاية منها بأداة تصويره فقد فاتته ألف غيرها في مواضع أُوكلت مهمتها لملائكة السماء تُحصيها.

كانت المواكب التي تَشرفتُ بالجلوس أمام واجهاتها نافذة أُطلُ منها على تلك المشاهد، أحصي جوانب منها دون أن أمنحها ولو الجزء اليسير من حقها، فقضية أُوكِل أمرها للسماء ستعجز أمامها كل أدوات التوثيق البشرية وإن بلغت ما بلغت من التطور..

زائرٌ يطلب من زوجته الجلوس على كرسي أمام الموكب لتستريح بينما يطلب هو من الخدام مكنسة وأكياس نفايات، يأخذها ويبدأ بتنظيف الأرض، يجمع منها ما استطاع ويملأ بها الأكياس، بعد ساعة من العمل يتجه صوب زوجته، ليكملا مسيرهم نحو كربلاء، غادر المكان وخلف وراءه بصمة من عطاء.

زائرة في عقدها السابع من العمر، كانت تقف بالقرب من المجمعات الصحية لأحد المواكب، كانت منهمكة بتنظيف ألأرضيات، سألتُها: هل أنت من أصحاب الموكب؟ أجابت: ( لا يمه، بس آني على طول الطريق، من اشوف الصحيات تحتاج تنظيف أنظفها، خطيه أهل المواكب تعبانين واكفين ليل ونهار.. وآني اساعدهم بهاي الشغلة).. لم أنبس ببنت شفة، واحترت في أن أدعو لها أم ألتمسُ منها الدعاء، فاخترتُ أن تدعو لي..

زائراتٌ أقبلن من البصرة.. دخلن لموكب كان يستعد لتقديم وجبات السمك للزائرين، طلبن من صاحب الموكب ان يأذن لهن بتنظيف هذه الكميات الكبيرة من الأسماك، بعد الإذن لهن أنجزن المهمة وبوقت قصير، ثم مضين لإكمال ما تبقى من مسافة في طريق كربلاء، وسط مناشدة صاحب الموكب بأن يتناولن وجبة الغداء..

زائرٌ آخر التقيتُه، فكان مما دار بيننا من حديث خلو هذه الزيارة من الزوار العرب والأجانب بسبب تفشي الوباء، أخبرني همسا بأنه سيزور بالنيابة عنهم جميعا وقالها وهو يحاول إخفاء عَبرته: ( أزور نيابة عن أهل البحرين وأهل أيران وأهل لبنان واهل الكويت وكل واحد ماكدر يجي ..) ثم انفجر باكيا وهو يسجل أجمل موقف ولائي عابر لكل الحدود المصطنعة.

رجلٌ مسنٌ آخر كان يقف على إحدى ضفتي نهر العشق بالقرب من لافتة كبيرة تضم صورا لشهداء الفتوى وهو ينادي بصوت ضعيف طغت عليه أصوات مكبرات الصوت: ( لا تنسوهم بالزيارة، لو ما ذوله ما بقت زيارة).. أي معروف هذا الذي لم يتنكر له هذا الرجل المسن، وأي دماء هذه؟.

زائر آخر، كان يلتقط الصور للأطفال وهم يخدمون مع آبائهم في المواكب، سألتُه: كم صورة التقطت؟ قال: الكثير، وكلها للأطفال، قلت له ولماذا الأطفال فقط؟ أجاب بشيء من الحزن والحماسة: (يا أخي عجيب أمرهم، وعندما أحتاج للبكاء والتوجه واتذكر مصيبة الحسين عليه السلام أتفرج على هاي الصور.. ماكو على وجه الأرض طفولة تحمل عقيدة مثل طفولتهم). عجزتُ عن إكمال ما تبقى من أسئلة، فقد أجاب عنها جميعا، ودعتُه وهو مشغول بتصوير طفل آخر.

أكملت مسيري باتجاه موكب آخر، التقط من أمام واجهته صورا جديدة لمشاهد لا مثيل لها، وصوت قصيدة حسينية يرافقني وهو يردد: ( يمشي شعب حسين بهيبه وحزامه براية عباس)..

إنها الأربعين..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك