الصفحة الإسلامية

كذب التأريخ، لم يقتل يزيد، حسينا!!


علياء الانصاري ||

 

/ كاتبة / باحثة اسلامية / العراق

 

من قال بأن يزيد بن معاوية، قتل الإمام الحسين عليه السلام سنة 60 للهجرة؟!

يزيد كان جالسا على عرشه في دمشق، يشرب الخمر ويلاعب القردة.. فمتى حمل سيفه وقتل الحسين عليه السلام؟! هذا إن كان يجيد حمل السيف أصلا.

كل ما في الأمر، أن يزيدا طلب من الحسين بن علي، سبط النبي (ص) أن يبايعه كخليفة للمسلمين، فكان ردّ الامام الحسين: (مثلي لا يبايع مثله)، بمصطلحاتنا المعاصرة: لن أنتخب يزيدا.

وفي ظل دولة لا ديمقراطية، ذات جذور عربية بدوية، فمن الطبيعي جدا ان يستفز جواب الامام الحسين، يزيد بن معاوية بن ابي سفيان، كما ان من الطبيعي جدا أن يرفض الحسين سبط النبي، وأمه فاطمة الزهراء أن يعطي بيده إعطاء الذليل أو يقر إقرار العبيد.

كل هذا طبيعي نسبة ليزيد، غضبه وثورته وقراره قتل الحسين عليه السلام، كما ان من الطبيعي أن يثور الحسين عليه السلام على شخص فاجر وفاسق يريد ان يحكم رقاب الناس بالظلم والجور والفجور، وهدر الحقوق، من الطبيعي جدا على أبن بنت رسول الله، ان يعلنها (نهضة) أو (ثورة) أو (حركة) على إختلاف المسميات، وكما يسميها هو: (خرجت طلبا للإصلاح).. من الطبيعي على الحسين عليه السلام، ان يخرج مصلحا في أمة جده، تلك الأمة التي نخرّ الظلم فيها حد العظم، وبانت نواذجها جوعا وفقرا وعوزا، تلك الأمة التي سُلبت حقوقها وحريتها وفكرها، وأصبحت مسلوبة الإرادة من قبل أنظمتها السياسية الحاكمة.. كل ذلك طبيعي من كلا الطرفين.

غير الطبيعي، هو ما حدث فعلا!!

كل أولئك الناس الذي خرجوا لقتال الحسين، وكل أولئك الناس الذين خذلوه، وكل الذين وقفوا على الحياد يتفرجون.

يا ترى ماذا كان يحدث لو لم يجد يزيد من يعينه على فكرته في قتل الحسين عليه السلام؟

نعم، فكرة، هي مازالت فكرة في رأس يزيد ورغبة في قلبه.. وكان بإمكانها أن تبقى مجرد فكرة ورغبة.. من حوّل تلك الفكرة الى واقع، ومن نفخ في الرغبة، الحياة؟!

أنّهم من حمل سلاحا، وركب فرسا، وأطلق كلمة.. في سبيل تحقيق أمنية يزيد..

هل هي أمنية يزيد فقط؟!

أم أن تلك الفكرة الدائرة في رأس يزيد والرغبة المشتعلة في قلبه، وجدت مرتعا مناسبا وملائما لها لتنمو وتكبر وتصبح واقعا؟!

كم هي من الأفكار والرغبات، ماتت في أعماق أصحابها لأنها لم تجد من يروّج لها ويفعّلها حقائق على وجه الأرض.

فكرة يزيد، وجدت من يتبناها، ويجاهد لأجل تحقيقها، يا ترى هل لأنها فكرة صائبة؟ أم لان صاحبها يستحق أن يضحي المرء لأجله، يضحي بدينه ودنياه؟!

هل فقط يزيد أراد رأس الحسين عليه السلام؟! أم أن هناك رؤوس عديدة أرادت (فكر الحسين) عليه السلام؟! أرادت ان تقتل فكر الحسين، ونهجه ومبادئه وقيمه، لان ذلك النهج وتلك المبادئ والقيم تقف دوما  حائلا بينها وبين مصالحها ومطامحها ورغباتها الدفينة؟! فأنتهزت فرصة (طغيان يزيد ومجونه)، لتركب الموّجة وتمتطي الفرس وتقاتل الحسين عليه السلام، لتصل الى تلك المصالح والرغبات.

يزيد بن معاوية، أطلق الفكرة، فسرعان ما تلاقفتها رؤوس الكثير، وأنطلقوا ليصنعوا ملحمة الطف، كما أطلق الحسين صرخته الخالدة بوجه البشرية جمعاء: (أن لم تكونوا مسلمين فكونوا أحرارا بدنياكم)..

نعم، لم يتوقع الحسين منهم أن يكونوا مسلمين يؤمنون بجده رسولا، وبالاسلام دينا ونهجا للحياة، أخبرهم بانه يعرف بأنهم ينتمون لدين آخر غير دينه، ويعبدون ربّا آخر غير ربّه، وإلا لما استطاعوا قتله وأهل بيته لو كانوا ينتمون لدين جدّه ويعبدون ذات الربّ الواحد..

كان يعرف ذلك، لذلك طلب منهم أن (يكونوا أحرارا بدنياهم)، والحرّ هو الذي لا تستعبده أفكار الآخرين، لا يرزح تحت قيود العبودية لشخص أو حاكم سياسي أو حزب سياسي أو فكر طائفي أو مصالح..

الحرّ، هو كل شخص، يملك إرادته وخياراته بعيدا عن الضغوطات والمصالح والرغبات، هذا ما كان يريد الحسين الثائر أن يوصله من رسالة إليهم في ذلك الزمن والى كل إنسان في كل زمن.. ومنهم نحن.

قتلة الحسين عليه السلام، كثيرون!! ليس يزيد فحسب، يزيد نكرة في عالم الوجود.

قتلة الحسين عليه السلام، من يقفون على التلة، ينظرون معركة الحق والباطل.. قد يتعاطفون مع الحق، يذرفون دموعهم عندما يسقط جريحا، ولكنهم لا يتحركون من أماكنهم.

قتلة الحسين عليه السلام، الكذّابون، المتزلفون، المنافقون، المتصنعون، وما أكثرهم.

قاتل الحسين عليه السلام، من يلبس السواد عليه ويلطم الصدر وهو ظالم لزوجته أو أبنته أو أمه أو أخته، يصادر منها أبسط حقوق الحياة، ولا يكرمها كما أكرمها الله (ولقد كرمنا بني آدم).

قاتل الحسين عليه السلام، من لا يجيد إتقان عمله، يتسكع في وقته، لا ينجز معاملات الناس ولا يتعامل مع حقوقهم بإنصاف وأمانة..

قاتل الحسين عليه السلام، من يبني مجده على أنقاض حقوق الناس وحياتهم الكريمة.

الحسين عليه السلام، خرج ضد الحاكم السياسي الذي أراد ان ينصب نفسه على رقاب الناس، ليعيّد مسار الحق، ويحمي حقوق الناس وأعراضهم، وما أكثر الحكّام السياسيين من بعده وفي زمننا الآن، ينصبون أنفسهم على رقاب الناس، ويصادرون حقوقهم، ويسلبونهم حقّ الحياة الكريمة، ويسرقونهم.. لقد أهلكوا العباد والبلاد.. وفي كل عاشوراء، يلبسون السواد ويسيرون للحسين مشيا على الأقدام.

التفريق بين قتلة الحسين عليه السلام وبين أنصاره، في زمننا هذا واضح للجميع، إلا القتلة أنفسهم!!

الحسين عليه السلام، ثورة ضد الظلم، ضد الذّل، ضد العبودية، ضد الفساد.

لذلك أعتقد أفضل ما يمكن أن نفعله الآن، في هذا الزمن العاشورائي المبارك، أن نراجع إعداداتنا الذاتية الداخلية، لنرى بوصلتنا الى أين تتجه.. كيف قُتل الحسين عليه السلام؟ أم لماذا قُتل الحسين عليه السلام؟!

الأجابة عن هذين السؤالين، يحددان في أي مسار ٍ نحن..

في (كيف)، سنعتاد على قراءة المقتل وإقامة الطقوس.

في (لماذا) سنتعلم، معنى الثورة وأسبابها ونتقن مهارة (أن نكون أحرارا في دنيانا)!!

السلام عليك يا مولاي يا أبا عبدالله، ما بقي الليل والنهار، وما بقي للظلم أوتاد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك