الصفحة الإسلامية

لامفر لنا ولا مهرب من العزاء الحسيني  


إيليا إمامي|| #Ailia_Emame

 

 *  المرة الأولى التي عرفت فيها .. وتصفحت كتاب ( قصة الحضارة ) للمؤرخ والفيلسوف الأمريكي ويل ديورانت .. لم تكن في شارع المتنبي .. ولا في مكتبة شخص يعتمر قبعة ويدخن الغليون .. ولا في بيت شخص يلتقط صورة لكتاب بجانبه فنجان قهوة .. وكأن ذلك يكفي لصنع الثقافة !!

 *  بل كان ذلك في بيت المرجع الراحل السيد محمد الشاهرودي نجل المرجع الراحل السيد محمود الشاهرودي ( مرجعية معاصرة للسيدين الحكيم والخوئي ) .

* الشاهرودي في كلمة مختصرة ( خادم الشعائر الحسينية ) فالرجل كان متفانياً في تعظيم الشعائر الى أبلغ حد .

 *  لماذا أبدأ بهذه المقدمة ؟ لأن هناك من يسأل هل نقيم الشعائر أم لا ؟! وكأنهم لايعرفون أن الشعائر مصير خارج إرادتنا و حتى لو تعمدنا تركها لن نستطيع !

 *  دعني أفصل لك الأمر كالتالي : الرأي العام للأسف أصبح عبداً تابعاً للمظاهر .. فالثقافة في نظر الكثيرين هي الشكل الظاهري الذي وصفته قبل قليل .. ( قبعة وكتاب وفنجان قهوة ) وعندما يشاهدون شخصاً يحمل زنجيله ويضرب ظهره .. أو يلطم صدره في عزاء الحسين .. أو يصر على إحياء العزاء في زمن كورونا ..  لايفترضون أن هذا الشخص يحمل ثقافة كافية!!

 *  أن الفارغ ثقافياً هو من يذوب في بقية المجتمعات بمجرد أن ينفتح عليها .. أما المثقف الحقيقي فهو من يدرك أن لديه هوية حتمية لامفر منها .. وبدل أن يتحول الى كائن هجين من عدة ثقافات .. عليه أن يعزز هويته ويعتز بها ويعمقها .

* فلو تجولت في شوارع أوربا .. ولو زرت مبانيها حتى الماسونية منها .. واستعرضت فنونها حتى المبتذلة منها .. و درست فلسفتها حتى الإلحادية منها .. و قرأت أدبها حتى الناقد للدين منه .. لعرفت أن هناك هوية مسيحية حتمية تغلغلت في كل مفاصل الوعي واللاوعي .. وثقافة كنيسية لامفر من تأثيراتها حتى على من يصنفون أنفسهم كأعداء للمسيحية أو للكنيسة .

 *  وهنا أعود الى الشاهرودي لأقول : هذا السيد وأمثاله من المدافعين عن شعائر أهل البيت .. لايفعلون ذلك عن توارث أو طلب للثواب فحسب .. ولكنهم يقرؤون ثقافة الشعوب .. و يدركون تماماً المزية الفريدة لدى شعبنا .. و أن الثقافة الحسينية هوية حتمية لنا .. يجب تنميتها والحفاظ عليها .

 *  لامفر ولا مهرب من ثقافة عاشوراء .. وهي المصير المحتوم الذي زرع في عمق وجدان المجتمع .. حتى طيفه غير الملتزم دينياً . 

 *  وقد اتفقت كلمة مراجع الطائفة كافة على ضرورة إقامة العزاء بالشكل الذي يحفظ التعليمات الصحية الوقائية .. لكن المرجع الأعلى للطائفة ذهب الى أبعد من ذلك .. حيث افترض أن ظروف الوباء الجديد .. وضرورة الالتزام الصارم بالتعليمات .. إذا كانت ستؤثر بلا شك على مستوى الحضور من الناحية العددية .. فيجب تعويض ذلك بكل الأساليب الإعلامية الممكنة .. وتكفل هو في جوابه ببيان بعض هذه الجهود المطلوبة .. رغم أن العلماء ليس من عادتهم التصدي للكيفية .. ولكن عاشوراء استثناء في كل شيئ .

 *  وليس من المستغرب أن نرى ردود الفعل الساخطة على تصريح محافظ كربلاء .. فالحسين رأس مالنا ومآلنا .. ويجب أن تتخذ كافة الأجراءات الممكنة قبل أن يلعب الخطابي وغيره بتصريحاتهم على الخط الساخن و في المنطقة المحرمة ( منع الزيارة ) .

 *  ( منع الزيارة ) بين قوسين .. يحمل كل دلالات التحدي لدى العراقيين .. ففي يوم ما كانت حلب السورية شيعية .. و قاهرة مصر شيعية .. و وليلي المغرب شيعية .. ولكن التشيع تمت إبادته عن آخره لعدم وجود منطقة محرمة تموت الناس دونها .. أما في العراق وما حوله من بلاد فارس والحجاز فكانت زيارة الحسين مسألة خارج حسابات الموت والحياة .. ومادام هناك ما أنت مستعد للموت من أجله .. فسوف يعيش .

 *  لا أجد في شرق الأرض وغربها وعياً يستحق الاحترام أكثر من وعي هذه المجاميع التطوعية التي تسمى مواكب والتي لديها من الطاقة المعنوية ما يكفي للدخول في كل معترك وفي كل وقت بل وتعمل تحت الضغط النفسي وتحمل كلام السفهاء .. ومع ذلك فهي مستمرة .. فأي طاقة وأي ثبات تحلم به شعوب الأرض .. منحه الحسين لنا !

* أما فاقدو الهوية والانتماء .. الذين يهون عليهم التخلي ببساطة عن ثوابتهم لأبسط سبب .. فليست ذريعة كورونا أول ذرائعهم لمهاجمة الشعائر .. ولن تكون الأخيرة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك