الصفحة الإسلامية

مفاهيم قرآنية؛  قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُِ }  


محمّد صادق الهاشميّ ||

 

السؤال فی الأیة المذكورة هو : أنّ كلمة «ذلك» اسم إشارة للبعيد، والقرآن حاضرُ، فكيف اُشير للحاضر بإشارة البعيد، وكان ينبغي أنْ يقال: «هذا الكتاب لا ريب فيه ...»؟.

 

الجواب عن هذا التساؤل الأوّل: هو  أنّ هذا التساؤل ساقط من أساسه؛ ولا ينبغي أنْ يُطرحَ كإشكالٍ؛ لأنّنا - بني البشر -  نحسّ بالقرب والبعد بالقياس إلى حواسّنا، ولكنّه تعالى ليس في ساحته قربٌ وبعدٌ، ولذا فـ (تارة) يعبّر عن القرآن بـ « ذلك الكتاب»، كما في هذه الآية، و(تارة) عبّر  عنه بـ «هذا القرآن»، في 14 موضعاً  من القرآن، كقوله تعالى:{لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ...}، وقوله: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ }.

مضافاً إلى أنّ الإشارة للقريب بكلمة تدلّ على البعد فيها دلالة على علوّ رتبته، وعظيم شأنه، فهو نظير استعمال الكلمة التي تدلّ على الجمع للإشارة إلى المفرد، كقوله: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ} فلم يقل: (أنا)، وإذا أشرتَ لرجلٍ عظيمٍ في نظرك كان المناسب أن تقول: ذلك الرجل، ولا يناسب أنْ تقول: هذا الرجل.

ولكنّ كتب أهل السنّة،  والكثير من تفاسير الإمامية ذهبوا به مذاهب متعددة منها:

1. أنّ الله تعالى كان قد وعد نبيّه (ص) في أيّام مكّة أنْه سينزّل عليه كتاباً ، قال تعالى:{... إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}، وهذه الآية نزلت بمكّة، وسورة البقرة نزلت بالمدينة، فكأنّ الآية في مقامنا تقول: إنّ ذلك الكتاب الذي أخبرتكم عنه منذ زمنٍٍ بعيدٍ لا ريب فيه، فتكون كلمة (ذلك) على ظاهرها، في كونها إشارةً للزمن البعيد.

3. أنه تعالى خاطب بني إسرائيل، أنّ سورة البقرة مدنية، وأكثرها جاء احتجاجاً على بني إسرائيل، وقد كان بنو إسرائيل قد أخبرهم أنبياؤهم كموسى وعيسى (عليهما السلام) أنّ اللّه سيرسل النبيّ محمّداً (ص) وسيُنزلُ عليه كتاباً،  فقال رسول الله: « ذلِكَ الْكِتابُ» الذي أخبركم به الأنبياء المتقدّمون في سالف الأزمان هو هذا، فالإشارة بـ « ذلك» للزمن البعيد الذي أخبر به الأنبياء.

4. أنّ القرآن له نزولان: (الأوّل): النزول الدفعیّ الكامل, نزل إلى هذا العالم في شهر رمضان وفي ليلة القدر: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}، وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ}, وفي هذا النزول كان القرآن في «اللوح المحفوظ»، قال:{بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ *  فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}. (الثانی): (الزول التدريجي): في 23 عاماً، وعلى هذا يكون اسم الإشارة « ذلك » إلى القرآن في ذاك العالم.

والله هو الهادي إلى سبل الرشاد.

21 / 5 / 2020 م ، الموافق: 27 / شهر رمضان / 1441 هـ

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك