عمار الولائي (منتظرون ٥): في الغيبة للنعماني عن علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن قتيبة الأعشى، عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا ظهرت راية الحق لعنها أهل الشرق والغرب، أتدري لم ذلك؟ قلت: لا، قال: للذي يلقى الناس من أهل بيته قبل خروجه. ممكن توضيح لهذا الرواية؟
الجواب: الرواية بصورة عامة وسريعة تشير الى نقمة من قبل اهل الشرق والغرب على نفر من أهل بيت النبي صلوات الله عليه واله الذين ينتمون من الناحية النسبية الى ما ينتمي اليه الامام المنتظر روحي فداه أيضاً، والكلام يقع باتجاهين، فهو تارة يتعلق بهوية أهل الشرق والغرب وماذا تعني عدائيتهم التي تفرز موقف اللعن هذا، وأخرى يتعلق بالمراد هنا باصطلاح "أهل بيته" وطبيعة السر الذي يجعلهم يثيرون كل هذا الغضب عند أهل الشرق والغرب بحيث يتوجه اليهم كل هذا اللعن.
ينبغي ان نلاحظ في البداية أن الزمن الذي تتحدث عنه الرواية هو الزمن الذي عرفته الروايات بأنه سيمتلء بالظلم والجور وسيكون مضاداً للعدل والقسط، والذي سيكون خروج الامام روحي فداه في واحدة من واجهاته هو مواجهة هذا الظلم والجور من أجل إقامة القسط والعدل، ولذلك فإن من البديهي بمكان أن تكون الجهات اللاعنة هي الجهات التي تتصدر كيانات الظلم والجور وتقوده، ولا شك أن هذه الجهات التي ستلعن من قبل هؤلاء ستكون قد سببت لللاعنين أذى كبيراً وتمنّعاً على مشاريعهم الظالمة والجائرة، ورفضت الانخراط معهم في مشاريعهم، بحيث أدى ذلك إلى لعنهم من قبل كيانات الظلم هذه، فاللعن لا يأتي من فراغ، ولا يحصل دون إثارة الملعون غضب اللاعن، ولربما كانت اشارة الرواية الى الناس وهم جهة غير الجهتين الاوليتين مختصة بطبيعة نتاجات سياسات التمنع والرفض لسياسات الظلم والجور على المجتمع الذي يتصدى أهل بيته لشؤونهم، فهم سيتعرضون الى افرازات الظلم والجور هذه وسيكونون ضحايا له.
ولعلنا نتلمس من كونهم ملعونين من أهل الشرق وأهل الغرب ما يفيد أنهم يتوسطونهم، اي لا يكونون من أهل الشرق ولا من أهل الغرب، وهذه المنطقة لا شك أنها هي نفس المنطقة التي سيظهر بها الإمام روحي فداه، بحيث ينحسر لعن هؤلاء الى نفس الإمام بأبي وأمي، وعليه فإن التفتيش عنهم يفترض أن يتركز في نفس هذه المنطقة.
ومع أن الرواية ساكتة عن تشخيص الذين وصفتهم بأنهم أهل بيته الذين سيثيرون كل هذا الغضب الذي سيعتمل في قلوب اهل الشرق والغرب، كما أنها ساكتة عن أسباب هذا الغضب، ولكن يمكن القول بأن من شأن رواية المشرقيين الذين يطلبون الحق ولا يعطونه، ثم يطلبونه ولا يعطونه، ثم يطلبونه ولا يعطونه فيحملون سيوفهم على عواتقهم فينتصرون .. الخ أن تعيننا على التعرف على أحد الجهات التي ستكون ملعونة من قبل أحد الجهتين اي جهتي الشرق والغرب او من كلتيهما.
وتدلنا روايات نقمة السفياني على بغداد والكوفة تحديداً على الجهة الثانية الملعونة، كما وتؤكد لنا رواية الشيصباني وقتله لاسماء مبرزة من اهل الكوفة ومن يمثلهم في مناطق تمثل امتداده على نفس الاتجاه.
ولربما تدلّنا رواية الضعف الصهيوني المتمثل باستعانتهم بمارقة الروم التي ستنزل في ميناء اشدود على الجهة التي ربما كانت ثالثة من الجهات الملعونة، او انها كانت تمثل امتداد ساحة هؤلاء الملعونين.
وعليه فإن الجهات الملعونة من قبل أهل الشرق وأهل الغرب ستكون لها نمط من الهيمنة وهي مستقرة في الجمهورية الاسلامية وفي العراق وفي الشام، وما من ريب أن هذه الجهات ستكون مصدر إزعاج وصداع وقلق كبير للجهات اللاعنة المتمثلة بجهات الظلم والجور، مما سيجعل هذه الجهات اللاعنة تفرض عليهم سياسات الظلم والجور بأقسى صورها فيلحق بالناس ما يلحق بهم نتيجة لذلك.
يبقى أن نلاحظ على هذه الجهات التي تفجر غضب أهل الغرب وأهل الشرق أنها منحصرة بالجهات المنتسبة من حيث السلالة والانتماء الى نفس ما ينتسب اليه الإمام صلوات الله عليه بحيث ينسحب الغضب الغربي والشرقي عليها مباشرة على الإمام بأبي وأمي بمجرد ظهور رايته المباركة بسبب التشابه بين هذه الجهات وبينه عند الجهات اللاعنة.
غني عن البيان أن المراد بأهل الشرق وأهل الغرب في الرواية لا يراد منه ما نفهم الان من المصطلحين في زمننا المعاصر اي بين المعسكر الغربي والشرقي، وانما المراد بها ما يحيط بهذه الراية وبالجهات الملعونة من قبلهم.
وكل ذلك يفضي الى عدة دلالات اهمها أن الجهات التي لها الهيمنة على الجمهورية الاسلامية وما يمتد منها والعراق وما يؤثر فيه، ولربما مواقع شيعة اهل البيت عليهم السلام في الشام والمراد بها سوريا ولبنان وفلسطين أيضاً سيكونون من السادة العلويين الفاطميين، والله العالم.
هذا ما عنّ لنا إبداءه في هذه العجالة من الوقت، والحمد لله اولاً وآخراً وصلواته وسلامه عليه وآله أبداً..
https://telegram.me/buratha