مصطفى الهادي.
💠 ظلامة السيد المسيح من قومه لا مثيل لها فهو يختلف عن بقية الأنبياء لأن مجتمعه زعم أنه (الله). وكان هذه يؤلم السيد المسيح فكان يبكي ويصرخ ويؤكد لهم بشريته في نصوص كثيرة جدا في هذا الكتاب الذي بين أيدينا (الأناجيل). ولكنهم إلى هذا اليوم يقولون أنه الله تعالى عن ذلك.وقد كان هذا في حياته عليه السلام وبعد موته اضافوا مصيبة أخرى بزعمهم أن مريم العذراء هي أم الله التي تستحق منهم العبادة.
💠 المشكلة أن المسيحيين يقرأون تلك النصوص الدالة على بشرية السيد المسيح وأمه وهي ما ثلة أمامهم في كتابهم المقدس ولكنهم مع ذلك يُكابرون ويُصرون على أنه الله ، وهذه هي ظلامة السيد المسيح الكبرى التي لم يمر بها نبي من الأنبياء.
💠 ونظرا لخطورة هذه المزاعم وما يترتب عليها من كفر وجحود، نرى الله يسأل السيد المسيح أمام أمته يوم القيامة : (قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله).(1) صحيح أن السيد المسيح قال : لا لم اقل ذلك ، وان الله يعلم صدق نبيه ولكن المشكلة أن المسيحيين لا يؤمنون بالقرآن النافي لإلوهية السيد المسيح ومن هنا كان لزاما علينا أن نضع لهم بشرية نبيهم من كتابهم الذي يؤمنون به.نصرة منا لهذا النبي المظلوم.
💠 يا أمة المسيح ، أول الأمور التي تدل على بشريته هي أن السيد المسيح ولد كبقية البشر من رحم امرأة يهودية : (ولما ولد يسوع في بيت لحم).(2) وأنه عاش تسعة اشهر في بطن أمه ورضع من ثديها : (طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما).(3) وبعد ولادته بسبعة أيام قاموا بختانه كبقية الاطفال (ولما تمَّت ثمانية أيام ختنوا الصبي).(4)
💠 وأنه كان مثل البشر بحاجة إلى أن يتعلم ويدرس وكذلك ينمو جسديا كبقية البشر : (وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة عند الله والناس). (5)
💠 وأنه صرخ فيكم بالفم المليان أنه إنسان : (لأني أنا أيضا إنسان تحت سلطان). (6) وقد شهد له يوحنا بإنه رجل مثل الرجال فقال لكم : (يسوع الناصري رجل قد جاء لكم من قبل الله).(7)
💠 وشهد بولص بعد وفاة المسيح بأن يسوع كان إنسان فقال لكم : (يوجد وسيط واحد بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح).(8)
💠 وقال لكم المسيح بكل وضوح : (من قبلني فليس يقبلني أنا بل ــ الله ــ الذي أرسلني).(9) ثم قال لكم من يقبل دعوتي فسوف اقبله أمام الله : (فكل من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا أيضا به قدام الله الذي في السماوات).(10)
💠 حتى الإنجيل نفسه يصرخ بصوت عال فيقول لكم : (يسوع الناصري، الذي كان إنسانا نبيا أمام الله وجميع الشعب).(11)
💠 المشكلة هي أنكم أردتم قتل ربكم لأنه قال لكم إنه إنسان : (تطلبون أن تقتلوني، لأني إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله).(12)
💠 وقبل رحيله اكد لإمتهِ عجزه كإنسان من أن يفعل أي شيء من دون الله فقال لهم : (أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً).(13) وعندما بدأوا يُشككون بكلامه قال لهم مبينا سبب عدم مقدرته: (لأنني خرجت من قِبل الله وأتيت، لأنني لم آت من نفسي بل الله أرسلني).(14) والأغرب من ذلك ان أمته تعلم أن نبيها يضطرب ويخاف كأي بشر : (الآن نفسي قد اضطربت). والاضطراب لا ينشأ إلا عن خوف من المجهول الذي لم يكن عيسى يعلمه.
💠 وهكذا ذكر الإنجيل كل الصفات البشرية التي يتمتع بها عيسى (ع) والتي يحملها كل البشر مثل جوع، والعطش، والتعب، والنوم، والبكاء، والضعف، والحزن، والصوم، والعذاب، والضرب ، والخوف وحتى الغائط والاكل والاشتهاء ثم ختم الإنجيل كلامه عن موت المسيح كبشري ضعيف يعتريه الموت فقال واصفا ذلك لأتباعه : (صرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح).(15) وبعد مرور أعوام طويلة على موت المسيح أكد بولص موته بنص لا يزال ماثلا في إنجيله فقال : (إن المسيح مات من أجل خطايانا).(16)
💠 وهكذا رحل السيد المسيح حاملا ظلامته إلى ربه ليقف أمام الأشهاد يوم القيامة ويرد على سؤال الله تعالى له : هل هو قال للناس اتخذوني أنا وامي آلهة ؟ فيقول (ع) : (سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلمُ ما في نفس ولا أعلمُ ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب).(17)
🔺️ المصادر :
1- سورة المائدة آية : 116.
2- إنجيل متى الاصحاح 2: 1.
3- إنجيل لوقا 11/27.
4- إنجيل لوقا 2/21.
5- إنجيل لوقا الاصحاح 2: 39و52.
6- إنجيل متى 8: 9.
7- سفر أعمال الرسل 2: 22.
8- تيموثاوس الأولى 2: 5.
9- إنجيل مرقس 9: 37.
10- إنجيل متى 10: 32.
11- إنجيل لوقا 24: 19.
12- إنجيل يوحنا 8: 40.
13- إنجيل يوحنا 5/30.
14- إنجيل يوحنا 8:42. و إنجيل يوحنا يذكر اضطرابه في الاصحاح : 12/27.
15- إنجيل متى 27: 50.
16- انظر رسالته الأولى إلى كورنثوس 15: 3.
17- سورة المائدة آية : 116.
[url=https://up.top4top.net/][img]https://4.top4top.net/p_13862hi8b1.png[/img][/url]
https://telegram.me/buratha