عبد الحسين الظالمي
تمر علينا خلال السنة مناسبات تتعلق بالائمة المعصومين سلام الله عليهم اجمعين، يسعى اتباع ال بيت رسول الله ص الى تعظيمها امتثالا لامر الله سبحانه وتعالى باعتبارها مودة في القربى ( قل لا اسالكم عليه اجرا الا المودة في القربي ) واعتبار ان تعظيمها من شعائر الله ( ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب).
بمناسبة شهادة الامام الجواد سلام الله عليه ذلك الامام الهمام ابن الخامسة والعشرون من العمر الفطحل الذي اقحم والجم الخصوم بالتقوى والمعرفة رغم حداثة السن وبهذه المناسبة نحاول استعراض بعض من فيوضات وجود الائمة المعصومين وابنائهم في حياة اتباعهم على مدى قرون وسوف يبقى الى قيام الساعة.
قال الله في محكم كتابه الكريم وفي اول اية من كل سورة من القران الكريم (سوى واحدة وهي التوبة) بسم الله الرحمن الرحيم والتي تسمى بالبسملة هذه التي يقول في تفسيرها امير المؤمنين علي عليه السلام مايعجز عن تدوينه مداد البحر والشجر اقلاما ، ولكن الذي يهمنا من الاية هو اسماء الله (الرحمن الرحيم ) التي وردت في البسملة المباركة التي عدها البعض اية من كل سورة وهي جزء منها وهي مختلفة عن غيرها في السور الاخرى في معانيها في مكنون الغيب واللوح المحفوظ في ام الكتاب ، فيما ذهب اخرون الى عدم عدها جزء من السورة .
الرحمن الرحيم ..
قيل في تفسير هذين الاسمين باعتبارهم من اسماء الله الحسنى وصفاته التي تلي لفظ الجلالة وهو كما يقول البعض اسم الله الاعظم (الله) الكثير من الاراء عدهم البعض من اسماء الله الحسنى ومن صفاتة تتجلى بهم صفات الرحمة الالهية بين الرحمن والرحيم وقد اختلف العلماء والمفسرين في تفسير ودلالة هذين الاسمين ولكن اغلب العلماء والمفسرين ذهبوا الى القول بالعموم والخصوص فقالوا الرحمن (رحمة الهية عامة تشمل المؤمن والكافر رحمته سبقت غضبه) وهذه خاصة في الدنيا اذ من دواعي الرحمة والعدل الالهي التي غلبت رحمته غضبه وهي ان يشمل الخالق عباده في وقت الامتحان بالرحمة واللطف لانهم في قاعة امتحان لذلك هو رحيم بالكافر والمؤمن وبمن يعبد او ينكر .
نعم الله في الدنيا تصيب الكافر كما تصيب المؤمن وربما امد الله الكافر بنعمة لم تصل الى المؤمن وذلك امتحان في كل الحالتين فخيرات الارض والسماء مباحة لكل من يجد ويشتهد ويفكر ويستثمر وقد سبقت رحمته غضبه ، مع ما ذكر الله للمؤمن من محفزات .
فيما ذهب اصحاب هذا الراي الى التخصيص في تفسير الرحيم اذ قالوا ان من دواعي عدل الله سبحانه وتعالى ان يكون هناك جزاء وان يكون هناك تفضيل في يوم الحساب ولذلك كان الله رحيم بعباده المؤمنين سوف يجزيهم بما عملوا افضل جزاء المحسنين ويعاقب الذين اسأءوا وسلكوا سبلا غير سبل الله فتفرقت بهم السبل وقد خص الله الرحيم في الاخرة فيما خص الرحمن في الدنيا وذلك من دواعي عدله ورحمته ولطفه. ( الطبطبائي .تفسير الميزان المجلد الثامن ص 254) .
ما يمهنا في هذا المجال هو الرحمن بأعتبار انها باب من ابواب رحمة الله في الدنيا اذ جعل لعباده ابواب يلجأون اليها كلما نشدوا ذلك فعندما نقول الله رحمن رحيم يبدأ السؤال كيف ننال ونصل الى رحمة الله؟ الجواب ان الله فتح ابواب متعددة منها الصلاة والدعاء والتوسل والصوم والحج والجهاد صحيح انها تكاليف ولكنها في نفس الوقت ابواب رحمة ( الجهاد باب من ابواب الجنة فتحه الله لخاصة اوليائه )، اذا هذه رحمة وهذا واحد من الابواب .
الائمة المعصومين حجة وباب رحمة....
وجود المعصومين في الارض حجة على العباد في الحضور والغيبة ، وهم باب رحمة الله في الارض نشرهم الله احياء وشهداء في عموم المعمورة يلجأ اليهم عباده متوسلين بالله وداعين في مراقدهم لانهم سبيل الله ، موحدين الله سبحانه وتعالى وغير مشركين به اذا لا تجوز العبادة الا له وحده مقرين له بالوحدانية مستذكرين ان هؤلاء شهداء وهو احياء عند ربهم يسمعون الكلام ويردون السلام.
فهم سبل طاعة الله وهم سبل كشف الهموم النفسية عن اتباعهم وطمأنة الارواح وهدوء الانفس ، هذه الحالة التي يبحث عنها العلماء والاطباء لمعالجة شتى الامراض والعقد، فمنهم من هو باب الحوائج ومنهم من هو حاضر الشدات ( نادي عليا مظهر العجائب تجده عوننا لك في النوائب ) ومنهم من هو انيس النفوس ومنهم من يغوص بك في اعماق الليل توسلا كاشفا عن ظهرك ثقل الايام ومشاكلها ومنهم من تلجأ اليه عندما تضيق بك النفس ويضيق الصدر ومنهم من تنهل العلماء من علمه ومنهم تنهل منه الحلم والكرم ومنهم من تنهل منه الصبر والتضحية والفداء ومنهم من تتعلم منه الحكمة والشجاعة ومنهم من يعطيك درسا في الوفاء ومنهم من تقصده للشفاء باذن الله .
تشد الناس اليهم حزام الرحيل لتجدهم اينما تكون فهم وابنائهم في متناول يد القريب والبعيد الغني والفقير ففي كل رقعة هناك مزار تنشده الناس كأبواب من ابواب الرحمة الالهية وتقصده الناس من اقطار وامصار مختلفة وبذلك اصبحت مشاهدهم مصدر عيش لملاين من البشر تجارة وعمل وسياحة وترفيه وقد اصبحت بعض المشاهد متنفس للناس البسطاء والذين لا يجدون متسعا في بيوتهم ولا طاقة لهم ان يذهبوا الى ما يذهب اليه المترفون او لم يجدوا حلول لمشاكلهم فيقصدون ابواب رحمة الله ، وحتى من لايجد الطعام ولا يتذوق ملذاته فعلى سفرتهم يجد ذلك . وهذه نعمة كبيرة تستحق الشكر والثناء لله .
https://telegram.me/buratha