سجاد العسكري
ان اول الانظمة السياسية التي رافقت بني البشر منذ هبوطه على الارض هو نظام حكم السماء , وكان خير من يمثله هم بني البشر ؛ ولكن الواسطة التي تعمل على نقل الاحكام والتشريعات والمباديء , اشخاص تم اختيارهم واختبارهم وكانوا هم الاصلح , والاجدر في نقل هذه التشريعات الى عموم البشر , وهم الانبياء او الرسل او الاوصياء او الصالحين , وهذه التشريعات والاحكام هو الدين , ونستطيع ان نصف جميع القوانين اليوم في العالم بأنها قوانين ودساتير ثانوية ,اما الدين هو الدستور وقوانينه هي الاصل ؛واغلب القوانين الوضعية نستطيع الجزم بأنها من مشتقات الدين وتشريعاته , والهدف من تشريعات الدين والتي منها:
• تحقيق سعادة الخلق جميعا سواء في الدنيا او الاخرة .
• تحقيق واعمام النظام المتوازن للاسرة والاقتصادي والسياسي والفرد ...
• رفاهية وتكافل والمساواة المجتمع..
• حسن التدبير شؤون العامة ..
• التخلص من هيمنة الدول المتسلطة ....
وغيرها من اهداف الدين الحنيف, ولو تأملنا قليلا لهذه الاهداف فهي بحاجة الى من له الخبرة وحسن التدبير في كل اختصاص من الاختصاصات المذكورة؛ لأدارتها , ونجد انفسنا امام انشاء مؤسسة قادرة على الادارة والتنفيذ للاحكام او المقاصد والاهداف ,اذن كل هذا بحاجة الى حكومة وسلطة تنفيذية وادارية , كما كان رسول الله ص على رأس تشكيلات الدولة التنفيذية والادارية ... , ومن ثم من بعده امير المؤمنين علي ع ؛ لكن ما نشاهده من مساعي الكثير من الحكام والاتجاهات , وعبر العصور لهم ادعائات لفصل الدين عن السياسة , والاغراض واضحة في خدمة مصالحهم الشخصية , ومواقعهم السياسية ومكانتهم الاجتماعية , لذا نجد امير المؤمنين علي عليه السلام يؤسس لمبدأ (سياستنا عين ديننا )؛لأنها الاقدر والانجح , ولا تفكر بمصالح شخصية ضيقة الافق , ولا تكرس ظلم الاخرين على حساب المنفعة , او الامكانات والموارد والقوة العسكرية ؛ بل تسعى لبناء علاقات قوية ذات روابط ومشتركات علمية ثقافية انسانية , لذلك فان سياسة الدين هي ليست فرض المعتقدات والدخول للاسلام بقوة السلاح والحرب , وخصوصا اليوم في عالم له حدود جغرافية وقوانين ودول مستقلة وتراث ثقافي , ومن المعيب ونحن في زمن عصري ان تكون افاقنا وتفكيرنا مؤطرة بنزعة التوسع, واستغلال الدول الكبيرة لتلتهم الدول الصغيرة , او التي تخالف سياستها التوسعية تتعرض للحصار, وفرض عقوبات وتدخلات متناسين القضية الانسانية , اما في مفهوم الدين فان من اولويات السياسة محورية القضية الانسانية والعدل , وهو ما جسده الامام علي عليه السلام اذ قال: (رأس السياسة استعمال الرفق) و (ملاك السياسة العدل ) ...فالحكومة الاسلامية لدى الامام علي عليه السلام هي انعكاس الشريعة الغراء , وقد عمل بتطبيق النهج الاسلامي بابهى صوره , وهذا ماكدته الرسائل التي بعثها لعماله وولاته في الامصار , ولعل من اروعها هو عهده لمالك الاشتر النخعي ومنها:( وليكُن نظرك في عِمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأن ذلك لا يُدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلا قليلاً). وهذا المقطع كفيل في احلال السلام والامن والاعمار والبناء , وقد رسم في هذا العهد الخطوط السياسية العامة ,والتي ان يتحلى ويسير على نهجها المتصدين للعمل السياسي وقيادة الدولة , فتنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية هو تنظيم سياسي دقيق, يعتمد على اسس العدل والحرية والمساواة , وقد انطلق الامام من الانسانية الاسلامية ,والتي تكفل للجميع الاستقرار والتقدم , بالاضافة تحفظ كرامة وعزة واستقلال الامة , فعلى الجميع ان يعي هذه الحقائق لبقاء الدولة وحكمها , فعلينا ان نحكم بانسانية وعدل الاسلام لذا قال امير المؤمنين ع: "من حَسُنت سياستهُ وجبت إطاعتهُ".
https://telegram.me/buratha