إن حشداً كبيراً من الروايات الشريفة التي تحدثت عن علامات الظهور الشريف، صدرت بشكل مستفيض عن الأنبياء والائمة صلوات الله عليهم.
لاشك ولاريب أن الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم، حينما ذكروا هذه العلامات، لم يذكروها لمجرد الرواية واستعراض القصة، فليس هذا من شأنهم، ولا يتناسب مع دورهم وشخصياتهم الرسالية، ولا لمجرد أن يعرف الناس ومن يتبعهم أن لديهم علماً بالمستقبل، فعلى الرغم من أهمية ذلك في إقامة الحجة، الا انه لا يشكل هدفاً بحد ذاته، ولهذا يجب أن نبحث عن أهداف ذلك بالشكل الذي يتناسب مع أهمية الظهور وأهداف الظهور.
إن حياة الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم "سيما النبي محمد وأئمة أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين" لم تكن الا تعبيراً عن ذوبانهم الكامل في المهمة الربانية التي أوكلت إليهم، ولهذا فإن من الطبيعي بمكان أن نلاحق أسباب روايتهم وتحديثهم بهذا الكم الكبير من خلال مسؤوليتهم الرسالية في تحقيق المهمة الربانية التي كلفوا بها، وهذا ما يجب أن يكون القاعدة الأولى والأساسية في كل عملية تحاول ان تفهم حركة الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم، بأي صورة من الصور، وفي أي موضوع من موضوعات هذه الحركة.
لهذا فإن ملاحقة أهداف علامات الظهور ومحاولة فهمها يجب أن تنطلق بشكل يتناسب وموقع عملية الظهور من المهمة الربانية، كما يجب أن يتم النظر الى هذه الأهداف بشكل تكاملي مع كل منظومة المهمة الربانية، لا أن تؤخذ بشكل منفصل عن هذه المنظومة، ولا أن تلحظ بشكل تجزيئي مع بعض مفرادات هذه المنظومة، فهذه المنظومة تضم الهدف، ومن وضع الهدف، ومن أؤتمن على تحقيق الهدف، وفيها الانسان المدعو للوصول الى هذا الهدف، وتضم أيضاً الاستراتيجيات المرحلية وما هو أكبر منها، كما أن فيها الصيغ والبدائل المطروحة لتحقيق الهدف؛ فضلاً عن كيفية تنظيم وإدارة الحركة (التكتيك) المطلوبة لتنفيذ تلك الصيغ والبدائل.
وحينما تكون الأمور بهذه الصورة فإن من البداهة القول بأن أول ما تتوخاه علامات الظهور هو ربط الانسان بمخطط التربية الربانية وبمنهاجها التربوي، فمن الواضح ان تشخيص الهدف بالنسبة لأي تحرك له الأثر البالغ في عملية التحريك الموضوعي للإرادات الساعية لتحقيق هذا الهدف، ومن الملاحظ أن علامات الظهور لا تشخص الهدف وإنما تحدد رؤية استشرافية لحركة المستقبل، وهذه الرؤية تتعلق أساساً بحركة الهدف نفسه، مما يعطي لديمومة عملية التحريك تلك زخماً كبيراً وهائلاً من الفاعلية على صعد شتى. 🕊
https://telegram.me/buratha