الصفحة الإسلامية

9 جمادى الأولى؛ ذكرى استشهاد الشيخ محمد بن مكي العاملي صاحب اللمعة

2565 2017-02-07

 يوافق التاسع من جمادى الأولى ذكرى استشهاد الفقيه  الشيخ محمّد بن جمال الدين مَكِّي العاملي المعروف بالشهيد الأول وصاحب كتاب اللمعة الدمشقية، فبهذه المناسبة نقدم للقراء الأعزاء لمحات من حياته. 
اسمه ونسبه :
الشيخ محمّد بن جمال الدين مَكِّي العاملي الجزِّيني .
ولادته ونشأته :
ولد الشهيد الأوّل سنة 734 هـ بقرية جزِّين ، إحدى قرى جبل عامل في لبنان ، وترعرع في بيت من بيوت العلم والدين ، وتلقّى في قريته - وكانت يومذاك مركزاً فكريّاً إسلاميّاً - مبادئَ العلوم العربية والفقه . فتح الشهيد الأوّل عينيه على مخالطة العلماء ومُجالستهم ، وارتاد في ريعان شبابه الندوات العلمية ، التي كانت تُعقد في أطراف جبل عامل ، واشترك في حلقات الدرس التي شُكِّلت في المدارس والمساجد والبيوت . وقد ساهم كذلك في المحاورات العلمية ، التي كانت تدور بين الأساتذة والطلاّب ، أو بين الطلاّب أنفسهم ، حتّى كان له فيما بعد آراؤه في مسائل الفقه والفكر والأدب ، أعانته على ذلك ثقافته الشخصية ، وقريحته الفياضة ، وبيئته النشطة .
رحلاته ودراسته :
لم يكتفِ الشهيد الأوّل بثقافته التي تلقَّاها في جِزِّين ، بل راح يتطلَّع إلى آفاق أُخرى في مراكز إسلامية لِتَلَقِّي المعارف الجديدة ، فرحل إلى الحلّة وكربلاء المقدّسة وبغداد ، ومكّة المكرّمة ، والمدينة المنوّرة ، والشام ، والقدس . وهذه المدن كانت من أهم مراكز التوعية الدينية يومذاك ، لا سيما الحِلَّة ، التي تكرَّر سفر الشهيد الأوّل إليها ، حيث تلقَّى العلوم فيها على يد كبار شيوخها المرموقين ، أمثال : فخر المحقِّقين ابن العلاّمة الحلّي . ولم يمنعه انتماؤه المذهبي إلى أهل البيت ( عليهم السلام ) من أن يتعرّف على الثقافة السُنية ، بعد أن بلغ شأواً في المعارف ، فاطَّلع وناظر وحاجج في أجواءٍ علمية رحبة ، ونظر في ألوان مختلفة من الفكر ، وارتاد مختلف مراكز الحركة العقلية في البلاد الإسلامية ، وجالس العلماء والأساتذة ، فاستفاد وأفاد ، ويكفي في ذلك قول أُستاذه فخر المحققّين فيه : لقد استفدتُ من تلميذي محمّد بن مكّي أكثر ممّا استفاد منّي . ودرس الشهيد الأوّل على : ابن معيَّة ، وعميد الدين ، وضياء الدين من علماء الحلّة ، وعلى قطب الدين الرازي البُوَيهي ، فتأثّر بهم تأثّراً ظهر في منهجه وكتاباته .
أقوال العلماء فيه :
نذكر منها ما يلي : 1ـ قال الشهيد الثاني : شيخنا المحقِّق ، النحرير المدقِّق ، الجامع بين منقبة العلم والسعادة ، ومرتبة العمل والشهادة ، محمّد بن مكّي أعلى الله درجته ، كما شرَّف خاتمته . 2ـ قال المحقِّق الكَركي : فقيه أهلِ البيت ( عليهم السلام ) في زمانه ، علَم الفقهاء ، قدوة المحقِّقين والمدقِّقين . 3ـ قال الحُر العاملي في أمَلُ الآمِل : كان عالماً ، ماهراً ، فقيهاً ، محدِّثاً ، محقِّقاً ، متبحِّراً ، جامعاً لفنون العقليات والنقليات ، زاهداً ، عابداً ، شاعراً ، أديباً ، منشئاً . 4ـ قال الميرزا النوري في مستدرك الوسائل : جامع فنون الفضائل ، وحاوي صنوف المعالي ، وصاحب النفس الزكية .
مكانته الاجتماعية :
كان بيت الشهيد الأوّل ندوةً عامرة لأصحاب الفضل والأدب ، وطلاّب المعرفة ، وعلماء دمشق ، والأقطار المجاورة ، الذين كانوا يتردّدون على دمشق ، فكان بيته لا يخلو من الزائرين ، وأصحاب الحاجات ، إذ أصبح ملجأهم ، كما أصبح ملجأ العلماء في التدريس . ولِمَكانته الاجتماعية أصبح الشهيد الأوّل موضع حفاوة الطبقات المختلفة ، مكتسباً شعبيةً واسعة ، حتّى استطاع أن يتجاوز بنفوذه الروحي حدود الشام ، فانشدَّ إليه الملوك والحُكَّام من الأطراف ، منهم علي بن مؤيّد ملك مدينة خراسان ، وكان الشيخ على اتصال بهم ، مستغلاًّ ذلك لغاياته الإصلاحية .

مواقفه وخدماته :

 سعى من خلال علاقاته الواسعة ومكانته في الأوساط العلمية لأن ينجز مهَام كبيرة في مجال الإصلاح والتوجيه ، وتوحيد الكلمة ، والضرب على أيدي العابثين المغرضين ، فأخمد فتنة اليالوش الذي ادَّعى النبوّة ، وقلَّص الخلافات الطائفية ، فوافقه أناس وعارضه آخرون ، فكان أن استدعاه حاكم خراسان ، فيما اعتقله حاكم دمشق ، واغتاله فيما بعد ، لأنّ حكومة بيدمر بدمشق كانت تخشاه ، وتحسب له حسابه ، إذ هي حكومة ضعيفة ، فحاولت أن تتخلَّص من الشهيد الأوّل وتقضيَ عليه ، حيث ترى فيه مذهباً مُندِّداً بالانحراف والضلال . وكان الشهيد الأوّل يَلقى أذىً متواصلاً مريراً خلال أعماله ، ولكن الذي كان يعانيه لم يُثنهِ عن أن يُحدِث نهضةً في عالم الفقه وغيره من العلوم ، وأن يفتح في جبل عامل أوَّل مدرسة فقهية هي ( مدرسة جزِّين ) ، فأصبحت طليعة النشاط الثقافي الشيعي هناك ، وقد قُدِّر لهذه المدرسة أن تُخرِّج عدداً كبيراً من الفقهاء والمفكِّرين الإسلاميِّين فيما بعد . فقد كانت حياته حلقاتٍ متصلةً من الجهاد العلمي والاجتماعي ، لم يهدأ حتّى ختَمَها بالشهادة خاتمةً مشرِّفة ، أدرجته في سِجِلِّ الشامخين .

مؤلفاته :

نذكر منها ما يلي : 1ـ الدروس الشرعية في فقه الإمامية . 2ـ البيان . 3ـ الألفية . 4ـ اللُّمعة الدمشقية . 5ـ النفلية . 6ـ ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة . 7ـ غاية المراد في شرح نُكت الإرشاد . 8ـ أربعون حديثاً . 9ـ القواعد والفوائد . 10ـ خلاصة الاعتبار في الحجِّ والاعتمار . 11ـ أحكام الأموات .

شهادته :

وُشِيَ به ( قدس سره ) إلى الملك بيدمر ، فسُجن في قلعة دمشق سنة كاملة ، فلمّا ضجَّ الناس خاف بيدمر ثورتهم وهجومهم على السجن لإنقاذ الشهيد الأوّل ( قدس سره ) ، أو الاستيلاء على الحكم ، فحاول التعجيل بقتل هذا العالم وإراحة نفسه منه ، فقدم وقتل ( قدس سره ) ، وكانت شهادته في التاسع من جمادى الثانية 786 هـ . ثمّ لم تشتفِ القلوبُ المريضة بهذا حتّى طمعت بإهانة الرجل بعد شهادته ، فقد أُمِر به أن يُصلب وهو مقتول على مرأىً من الناس ، ثمّ رجم بالحجارة، و لم يكتفوا بذلك بل قاموا بإحراق جثمانه الطاهر . 
......

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك