واما رد الامام عليه السلام للوليد بن عقبة فكان اشبه بصحيفة تاريخه الحافل بالمثالب فقال :"وأمّا أنت يا وليد بن عقبة، فوالله ما ألومك أن تبغض عليّاً، وقد جلدك في الخمر ثمانين سوطاً، وقتل أباك بين يدي رسول الله، وأنت الّذي سمّاه الله: الفاسق. وسمّى عليّاً: المؤمن، حيث تفاخرتما، فقلت له: اسكت يا عليّ، فأنا اشجع منك جناناً، وأطول منك لساناً، فقال لك عليّ: اسكت ياوليد، فأنا مؤمن وأنت فاسق، فأنزل الله في موافقة قوله: (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون) ثمّ أنزل على موافقة قوله: (إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) ، وما أنت وذكر قريش، وإنما أنت ابن عليجٍ من أهلِ صفّورية يقال له: ذكوان.
ورواية الجلد هي بعد سبع سنين من إمارة عثمان، أي في سنة ثلاثين للهجرة جلد الوليد بن عقبة في الخمر، وكان والياً على الكوفة من قبل عثمان، يقول العلامة الأميني «رحمه الله»:
بالإسناد عن أبي إسحاق الهمداني: إن الوليد بن عقبة شرب فسكر، فصلى بالناس الغداة ركعتين، ثم التفت فقال: أزيدكم؟!
فقالوا: لا قد قضينا صلاتنا.
ثم دخل عليه بعد ذلك أبو زينب وجندب بن زهير الأزدي وهو سكران، فانتزعا خاتمه من يده وهو لا يشعر سكراً.
قال أبو إسحاق: فأتى الشهود عائشة، فأخبروها بما جرى بينهم وبين عثمان، وأن عثمان زبرهم، فنادت عائشة: إن عثمان أبطل الحدود، وتوعد الشهود.
وقال الواقدي: وقد يقال: إن عثمان ضرب بعض الشهود أسواطاً، فأتوا علياً، فشكوا ذلك إليه.
فأتى عثمان، فقال: عطلت الحدود، وضربت قوماً شهدوا على أخيك، فقلبت الحكم، وقد قال عمر: لا تحمل بني أمية وآل أبي معيط خاصة على رقاب الناس.
قال: فما ترى؟!
قال: أرى أن تعزله ولا توليه شيئاً من أمور المسلمين، وأن تسأل عن الشهود، فإن لم يكونوا أهل ظنة ولا عداوة أقمت على صاحبك الحد.
فلما شهدوا عليه في وجهه وأراد عثمان أن يحده ألبسه جبة حبر، وأدخله بيتاً، فجعل إذا بعث إليه رجلاً من قريش ليضربه قال له الوليد: أنشدك الله أن تقطع رحمي، وتغضب أمير المؤمنين عليك. فيكف.
فلما رأى ذلك علي بن أبي طالب أخذ السوط، ودخل عليه، ومعه ابنه الحسن، فقال له الوليد مثل تلك المقالة.
فقال علي: ما أنا إذاً بمؤمن. وجلده بسوط له شعبتان.
وفي لفظ الأغاني: فقال له الوليد: نشدتك بالله وبالقرابة.
فقال له علي: اسكت أبا وهب! فإنما هلكت بنو إسرائيل بتعطيلهم الحدود، فضربه وقال:لتدعوني قريش بعد هذا جلادها.
وعند المفيد: أن الوليد لما رأى علياً «عليه السلام» يقصد نحوه ليضربه، نهض من موضعه لينصرف، فبادر إليه «عليه السلام» فقبضه، فشتمه الوليد، فسبه أمير المؤمنين «عليه السلام» بما كان أهله، وتعتعه حتى أثبت إقامة الحد عليه.
فاستشاط عثمان من ذلك، وقال له: ليس لك أن تتعتعه يا علي، ولا لك أن تسبه.
فقال له «عليه السلام»: بل لي أن أقهره على الصبر على الحد. وما سببته إلا لما سبني بباطل، فقلت فيه حقاً.
ثم ضربه بالسوط ـ وكان له رأسان ـ أربعين جلدة في الحساب بثمانين.
وروى البخاري من طريق عبيد الله بن عدي بن الخيار ان الذي جلد الوليد بن عقبة هو علي بن ابي طالب وانه جلده 80 جلدة
وحكاية المؤمن والفاسق فقد جاء قوله تعالى (أفمَنْ كانَ مؤمناً كمنْ كانَ فاسقاً لا يَستَوونَ)، فهي الآية الثامنة عشرة من سورة السجدة، وقصتها عن ابن عباس قال: قال الوليد بن عقبة بن أبي مُعيط لعلي بن أبي طالب(رضي الله عنه): أنا أحدُّ منك سناناً، وأبسط منك لساناً، وأملأ للكتيبة منك، فقال له علي: اسكت فإنما أنت فاسق. فنزل (أفمن...) الآية. قال: يعني بالمؤمن علياً، وبالفاسق الوليد بن عقبة(عبدالله بن عدي - الكامل 6/118)
وقوله عز وجل : إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ، أنزلت في الوليد بن عقبة ، وذلك أن رسول الله (ص) بعثه مصدقاً إلى بنى المصطلق فعاد وأخبر عنهم أنهم إرتدوا ومنعوا الصدقة ، وذلك إنهم خرجوا إليه يتلقونه فهابهم فإنصرف عنهم فبعث إليهم رسول الله (ص) خالد بن الوليد فأخبروه أنهم متمسكون بالإسلام ونزلت الاية (إبن الأثير - أسد الغابة 5/90)
اما ما يخص نسب الوليد ، فإن الوليد هو ابن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو و اسمه ذكوان بن أمية بن عبد شمس و قد ذكر جماعة من النسابين أن ذكوان كان مولى لأمية بن عبد شمس فتبناه و كناه أبا عمرو فبنوه موال و ليسوا من بني أمية لصلبه و الصفوري منسوب إلى صفورية قرية من قرى الروم ، وامه هي اروى ام الخليفة عثمان
تنبيه : ان وفقنا الله في انجاز تاليف هذا الكتاب فانه سيكون اكثر تحقيقا وتوثيقا وتعليقا
https://telegram.me/buratha