الحاقا بما كتبناه في مقال سابق تحت نفس العنوان نكمل خطبة الامام عليه السلام في الرد على معاوية :
وأقسم بالله لو أنّ الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله، لأعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها، ولما طمعت فيها يا معاوية -.. فلما خرجت من معدنها، تنازعتها قريش بينها، فطمع فيها الطّلقاء وابناء الطّلقاء أنت وأصحابك، وقد قال رسول الله: (ماولّت امة امرها رجلاً وفيهم من هو أعلم منه، إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالاً، حتّى يرجعوا إلى ما تركوا.) فقد ترك بنو اسرائيل هارون وهم يعلمون انّه خليفة موسى فيهم، واتّبعوا السامريّ، وتركت هذه الامة أبي وبايعوا غيره، وقد سمعوا رسول الله يقول له: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوّة). وقد رأوا رسول الله نصّب أبي يوم غدير خم، وأمرهم أن يبلّغ أمره الشاهد الغائب. وهرب رسول الله من قومه وهو يدعوهم إلى الله، حتّى دخل الغار، ولو أنّه وجد اعواناً لما هرب وقد كفّ أبي يده حين ناشدهم، واستغاث فلم يغث فجعل الله هارون في سعةٍ حين استضعفوه وكادوا يقتلونه، وجعل الله النبيّ في سعة حين دخل الغار ولم يجد اعواناً، وكذلك أبي وأنا في سعةٍ من الله، حين خذلتنا هذه الأمة. وانما هي السنن والأمثال يتبع بعضها بعضاً.
فوالذي بعث محمداً بالحقّ، لا ينتقص من حقّنا أهل البيت أحد الا نقصه الله من علمه، ولا تكون علينا دولة الا وتكون لنا العاقبة ولتعلمنّ نبأه بعد حين[البحار (ج 10 ص 114).].
اشار الامام الى من كان السبب في منازعة معاوية لابيه وله وتاسيس الدولة الاموية الا وهو ترك من اوصى له رسول الله (ص) بالخلافة والامامة والولاية من بعده ، وضرب مثلا بني اسرائيل واكد على حدث وحديث غدير خم ، ومن ثم تطرق الامام الى سبب الصلح باحداث تاريخية ليدونها السامع ويؤكدها الشاهد ومنها هجرة الرسول الى المدينة فلو كان له ناصر ما هاجر وكذلك ما حدث لابيه يوم التحكيم وجاء ذكره لهذه الاحداث التاريخية لانها سنن وامثال يتبع بعضها بعض أي ان التاريخ يعود مع اختلاف المكان والزمان اما الحدث ومسمياته هو هو .
وختم خطابه بالاشارة الى الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف عندما قال لنا العاقبة ولو بعد حين ، أي لهم الحكم ولهم الفوز في الاخرة .
ومن هذه الخطبة نستدل على امر مهم الا وهو أي جيش يكون اعتماده على ثلاثة نقاط اذا اراد ان يخوض حربا وينتصر وهي القائد الكفوء الشجاع والجيش القوي والايمان القوي بالعقيدة الصيحة ، واي خلل في أي نقطة يؤدي الى خسارة او انسحاب او معاهدة صلح ، وطالما ان الامام الحسن عليه السلام عقد صلحا مع معاوية فلنبحث عن الخلل، العقيدة موجودة وقوية عند القائد القوي بدليل رده العنيف لمعاوية عندما زعم انه راه اهلا للخلافة فبايعه وقد اكد الحسن عليه السلام قوة عقيدته عندما استشهد بجده وما قاله لابيه وما كان عليه المسلمين لو انهم بايعوا ابيه فهذه الكلمات تدل على قوة عقيدة الامام الحسن عليه السلام ، اذن الخلل بجيشه الذي تخاذل وخان ومن المؤسف ان من بين الخونة المتخاذلين ابن عمه عبيد الله بن عباس وهو الذي من المفترض ان يقف الى جنب الامام ثارا لولديه ( عبد الرحمن وقثم) اللذين نحرهما بسر بن ارطاة بامر معاوية في اليمن ولكنه تخاذل وخان .
فالذي يعتقد ان الحسن عليه السلام تراجع خوفا من معاوية فانه يكون قد اقترف كبيرة ، الحسن لا يخشى الموت ولكنه يخشى الخيانة من خلفه وتاسيره وتقديمه الى معاوية اسير ومهما تكن النتيجة فانها لا تكن بصالح الاسلام والعترة ولهذا جاء قراره الصائب لكي يفوت الفرصة على مؤامرة كبيرة كان يتعرض لها هو والاسلام .
https://telegram.me/buratha