هنالك محطات معينة اكثر امتيازا من حيث التداول والقراءة خاصة بحياة المعصومين عليهم السلام ، مثلا كتاب نهج البلاغة لامير المؤمنين عليه السلام وصلح الحسن وطف الحسين والصحيفة السجادية ومدرسة الصادقين وسجن الامام الكاظم والرسالة الذهبية وصغر سن الجواد وكرامات العسكريين وغيبة المهدي عليهم افضل الصلوات والسلام ، والمعلوم ان حجج الله على العباد كلفوا بان يراعوا ويرعوا ويحفظوا سنة جدهم رسول الله في المسلمين بل البشرية جمعاء ، ولكل معصوم اسلوبه في نشر الخطاب الاسلامي وبكل جوانبه ومجالاته وحسب ظروفه ولا يداهن ابدا ومطلقا على حساب العقائد .
وموضع البحث هو الامام الحسن عليه السلام ، وكما هو معلوم ان اكثر كتب التاريخ تتناول معاهدة الصلح واثارها الايجابية على الامة الاسلامية وحفظها بيضة الاسلام وان هذا الصلح لولم يكن لما كانت هنالك واقعة الطف ، ولكن المهم هنا ، وهو ان معاهدة الصلح استغرقت سويعات وبالكاد يوم او حتى اسبوع ، بينما فترة امامة الامام الحسن عليه السلام كانت عشر سنوات ، فماهي الانجازات التي قدمها الامام من حيث نشر فكر الرسالة المحمدية على الملأ؟ لو قمنا بدراسة الخفايا الموجودة بين طيات وثنايا الكلمات لوجدنا فيها ما يبهر العقل وينير البصيرة ويكشف الحقائق ، وهذا ما سنتعرض له في بحثنا هذا.
لان الامام الحسن عليه السلام كان له حضورا في كل مجالات الحياة ومنها الاخلاق والفقه والعلوم القرانية والقضاء والشعر والوصايا والمناظرات ، وهنا الاهم المناظرات التي سوف اركز على اجوبة او خطابات الامام الحسن عليه السلام في الرد على من يناظره .
واول خطبة للامام الحسن عليه السلام كانت بعد توقيع الصلح في الكوفة فاستبق معاوية الحسن في الصعود الى المنبر وجلس عليه (ـ قال جابر بن سمرة : « ما رأيت رسول اللّه يخطب الا وهو قائم، فمن حدثك أنه خطب وهو جالس فكذبه » رواه الجزائري في آيات الاحكام (ص 75)، والظاهر أن معاوية أول من خطب وهو جالس)، وخطب في الناس خطبته الطويلة التي لم ترو المصادر منها الا فقراتها البارزة فحسب.
وروى أبو الفرج الاصفهاني عن حبيب بن أبي ثابت مسنداً، أنه ذكر في هذه الخطبة علياً فنال منه، ثم نال من الحسن (شرح النهج (ج 4 ص 16))!!.
وزاد أبو اسحق السبيعي (هو عمرو بن عبد اللّه الهمداني التابعي، الذي يقال عنه أنه صلى اربعين سنة صلاة الغداة بوضوء العتمة، وكان يختم القرآن في كل ليلة، ولم يكن في زمانه أعبد منه ولا أوثق في الحديث) فيما رواه من خطبة معاوية قوله : « الا وان كل شيء أعطيت الحسن بن علي تحت قدميّ هاتين لا أفي به!! ».
قال أبو اسحق : « وكان واللّه غداراً (شرح النهج (ج 4 ص 16)) ».
وبعدها قام الحسن عليه السلام فارتقى المنبر وخطب خطبة عصماء فيها من الفصاحة والرد البليغ ما تان له العظام وتصدع فيه القلوب واستشهد منها بمحل الشاهد الا وهو تدوين التاريخ مع التعقيب على بعض ابعاد عباراته زيادة في الفائدة ، قال الامام الحسن عليه السلام :".. وإن معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا، ولم أرنفسي لها أهلاً، فكذب معاوية، نحن أولى الناس بالناس في كتاب الله عزّ وجلّ على لسان نبيّه"،هذا هو جواب طبيعي لما ذكره معاوية ولكن محل الشاهد هنا بان الحسن عليه السلام يدون التاريخ عندما قال :" ولم نزل أهل البيت مظلومين منذ قبض الله نبيّه، فالله بيننا وبين من ظلمنا، وتوثّب على رقابنا، وحمل الناس علينا، ومنعنا سهمنا من الفيء، ومنع أمّنا ما جعل لها رسول الله".
هذه الكلمات تدوين لمرحلة خطيرة مرت بها الامة الاسلامية بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه واله وهذا شاهد على تاكيد ما ذكرت ان الامام الحسن عليه السلام يدون التاريخ ، فعندما يذكر ان اهل البيت ظلموا بعد وفاة رسول الله ، ماهو نوع الظلم ؟ يقول الحسن عليه السلام" توثب على رقابنا" ـ أي الظلمة ـ يعني اغتصبت الولاية منهم ، وحمل الناس علينا ، أي حادثة الدار، ومنعنا سهمنا من الفيء أي اغتصاب حقوقهم من الفيء الذي تركه لهم رسول الله أي العطاء وليس فدك ، ومنع امنا ما جعل لها رسول الله ، هنا يعني فدك .
استغل الامام الحسن عليه السلام الموقف ليثبت حقائق التاريخ .
https://telegram.me/buratha