تعد المزارات الدينية واحدة من الأماكن التي يذكر فيها اسم الله وتصدح منها كلمة التوحيد عند مراقد هؤلاء الصالحين الذين عبدوا الله حق عبادته واطاعوا ولاة امره، الامر الذي جعل افئدة من الناس تهوي اليها تبركا بها ، ويعد العراق واحد من اكثر البلدان التي تشهد مراقد ومزارات لابناء الائمة عليهم السلام لاسيما مدينة كربلاء المقدسة التي حوت الجسد الطاهر لابي الاحرار الامام الحسين واخيه ابي الفضل العباس وبعض من اهل البيت والانصار عليهم السلام اجمعين. ويعد مزار السيد احمد بن الحمزة المعروف في قضاء طويريج بـ(ابو هاشم) واحد من المزارات التي يؤمها الكثير من الزائرين للتبرك وعبادة الله تعالى في تلك الاماكن المباركة، وعن هذا المزار الشريف حدثنا الشيخ عقيل الحمداني مسؤول الجوانب الثقافية والفكرية في مزار السيد محمد بن الحمزة.
نسبه الشريف
عن النسب الشريف للسيد محمد بن الحمزة قال الشيخ الحمداني: هو محمد بن الحمزة بن الحسن ابن عبيد الله ابن العباس ابن علي ابن ابي طالب (عليهم السلام) هنالك امرٌ يُثار في الكثير من المحافل هل أن للعباس ابن علي(ع) ذرية ام لا؟ واذاما رجعنا الى علماء الانساب نجد ان هنالك اشارة واضحة المعالم لوجود ذرية لأبي الفضل العباس عليه السلام ، واثبتها علماء الانساب منهم العلامة ابن المهنى في كتابه (عمدة الطالب في انساب آل ابي طالب )اثبت ان للعباس عليه السلام ذرية وكما يقول العلامة الشيخ النمازي الشاهرودي في كتابة (مستدركات علم رجال الحديث )في الجزء الرابع ان من اولاده الفضل ولا عقب له والثاني عبيد الله وكان من العلماء وذكر ان له اولادا من نسلهم السيد محمد بن الحمزة ،وللعباس عليه السلام ايضا الحسن والرابع القاسم ولاعقب لهم والخامس كانت بنت. وعن ابن شهر آشوب بأن زاد له ولد يسمى محمد من شهداء الطف اي ان للعباس سلام الله عليه خمس اولاد وبنت هم الفضل والقاسم والحسن ومحمد وعبيدالله، ومحمد حسب مايذكر صاحب البحار يقول استشهد مع الحسين عليه السلام يوم الطف وكان في زمن الخليفة العباسي المأمون وكانت له خصيصة نادرة انه كان اشبه الناس وجهاً وصوتاً وسيرةً با الإمام علي (ع)ولذلك ورد في كتاب (سر سلسلة العلوين )لأبي نصر البخاري ص90 انه خرج توقيع المأمون بخطه يعطى حمزة بن الحسن لشبهه لعلي ابن ابي طالب عليه السلام مائة الف درهَم اما والدتهُ الجليلة لم تصلنا عنها أخبار والسبب يكمن في ان المؤرخين اعتادوا على ترجمة الرجال فقط .
ولادتهُ المباركة
تذكر المصادر ان ولادة السيد محمد بن الحمزة كانت من بعد سنة 210هـ فاذا كان الامام العسكري عليه السلام ولد في سنة 232وتوفي سنة 260 هـ والامام المهدي ولادته 255 هـ اي ان السيد محمد عليه السلام قد تشرف بصحبة الامامين الهادي والعسكري عليهما السلام والتشرف بالنظر لرؤية الامام الحجة المنتظر (عج)
كُنيته
عن كنيته يقول الحمداني: لم يصل الا الشيء البسيط من كُناه اذ لديه كنية مشهورة هي “ابو هاشم” وجاءت هذه الكنية من اعتياد الناس من محبي اهل البيت عليهم السلام الذين يعظمون السادة اولاد رسول الله”صلى الله عليه واله وسلم” ويطلقون عليه ابو هشام ولربما يكون لديه ولد اسمه هاشم ولكن لاتوجد مصادر تؤكد ذلك اما ان تكون الالقاب موقوفة من عندِ الله مثل الانبياء والاوصياء والائمة او ان تكون الالقاب عن طريق كرامة معينة اوخصلة او موقف يتفرد به ذلك الانسان ولذلك اطلق عليه لقب (سبع الهندية )وهذا اللقب يدل شجاعته وقوته وحمايته للناس من حوله وهذا ليس غريب على الاولياء اذ لديهم جاه عند الله وكرامة ومن القابه الاخرى (سبع الولاية ) وكذلك (سبع الجنابات).
علاقته بأهل البيت عليهم السلام
وعن علاقته بأهل البيت عليهم السلام وعطاءاته بالحكمة ونشر العقائد الصحيحة,يشير الحمداني انه لايوجد دليل اونص يبين ذلك إلا نص واحد ذكره العلامة الشيخ علي الكوراني في كتابه (معجم احاديث الامام المهدي) الجزء الرابع الصفحة241 قال عن كشف الحقائق للخاتون ابادي الجزء الثاني الصفحة 23 قال”قال ابو محمد ابن شادان رحمه الله حدثنا محمد ابن الحمزة ابن الحسن ابن عبيد الله ابن العباس ابن علي ابن ابي طالب (عليهم السلام )قال سمعت ابا محمد عليه السلام يقول ويذكر نص فيه اشارة الى ولادة الامام المهدي (عج)هذا النص يمكن ان نستفاد منه عدة امور منها :
اولاً-قول محمد ابن الحمزة ابو هاشم “سمعت ابا محمد” يعني به الامام العسكري عليه السلام اي انه كان معاصرا للامام العسكري عليه السلام وهذه اول نقطة نثبت من خلالها ان محمد ابن الحمزة من اصحاب الامام عليه السلام.
ثانياً-عندما يقول سمعت هذا يدل على ان محمد ابن الحمزة من خواص المام العسكري عليه السلام بأعتبار ان قضية ولادة الامام المهدي عليه السلام فيها نوع من الخفاء خوفاً من السلطات العباسية كان الامام العسكري عليه السلام في بداية الامر لايدخل الا الخواص وهذا يدلل على ان محمد ابن الحمزة هو من الخواص والمقربين .
عيشه في سامراء
مشردون نفوا عن عقر دارهم كأنهم جنوا ماليس يغتفروا
يذكر الحمداني ان السيد محمد ابن الحمزة عاش في سامراء وعلى الاقل في فترة الامام العسكري والهادي (عليهما السلام )ويروي الفضائل عنهم وينشر افكارهم ويعرّف الناس في مقاماتهم ويبقى السؤال هنا ما الذي اتى به من سامراء الى كربلاء (الهندية )توجد عدة اطروحات واسباب لهذه المسألة نذكر منها :
الاول: ان سياسة بني العباس الغاشمة بعد وفاة الامام العسكري “عليه السلام ” وتسنم الامام المهدي عليه السلام منصب الامامة سببت ضغطا شديدا مما اجبر الكثير من العلوين واتباع اهل البيت “عليهم السلام ” الى الهجرة خوفاً على حياتهم وبالنتيجة انتقل هذا الرجل الموالي من سامراء الى مايعرف اليوم بقضاء الهندية والتي تقع على مسافة 20كم عن مدينة كربلاء المقدسة .
الثاني : لعله رغبة السيد محمد ابن الحمزة ان يجاورابي عبد الله الحسين”عليه السلام” مثلما كان دأب العلماء الكبار ونذكر منهم سيدنا ابراهيم المجاب الذي جعل كربلاء المقدسة وطنا لهُ.
الثالث : قد يكون ببصيرته العظيمة عرف ان هذه المدينة ستكون جزءا من منظومة خدمة ابي عبد الله الحسين عليه السلام وللتشرف بإيواء زواره على مر العصور الذين يقدمون من طريق الحلة بأتجاه كربلاء اذ لابد من ان يحلوا ضيوفاً في هذه المدينة.
اكتشاف القبر الطاهر
عن اكتشاف مكان دفنه حدثنا الشيخ الحمداني قائلا: في بدايات القرن العشرين اي في المدة المحصورة مابين 1920-1940ولم تحدد سنة التعرف على هذا القبر الشريف لكن يذكر احد السدنة وهو السيد محسن الغرابي اقدم سدنة القبر المبارك –والحديث للحمداني- انه عثر على شاهدة القبرعند الرأس وعرضوها على سماحة السيد الخوئي (قدس سره)حيث قال لهم السيد الخوئي ان هذا القبرصحيح وصاحب هذا القبر صحيح ايضاً وهو الآن وبفضل الله يدخل اليه المئات من الزوار وخصوصاً في الزيارات المليونية .
هكذا نجد ان مقامات الاولياء والصالحين التي اصبحت مزارا ومكانا لعبادة الله تعالى تمثل صرحا يحمل في صفحات تاريخه مخزونا كبيرا من الاحداث والامجاد في مصارعة الطغاة والثبات على نهج اهل البيت عليهم السلام ليجعله الله مقاما يقصد ومزارا تهوي اليه قلوب محبي محمد وال محمد صلى الله عليهم اجمعين.
العتبة الحسينية المقدسة