من بين المزايا التي ينفرد بها الائمة عليهم السلام انهم لا يهدرون وقتهم فيما لا ينفعهم قربة الى الله عز وجل وخدمة لرسالة الاسلام من اجل النهوض بالمسلمين ، حتى ان قولهم اوفعلهم او تقريرهم يعتبر نصوص يقتدي بها الفقهاء من اجل الاستنباط الشرعي ، ولهذا نجدهم في احلك الظروف وهم ينثرون الحكم وينشرون العلم دون كلل او ملل ولا يتاثرون بما يغيظهم فهم حقا الكاظمين للغيظ
ولاننا نستذكر مناسبة اليمة وفاجعة عظيمة الا وهي استشهاد امير المؤمنين عليه السلام في يوم 21 من رمضان بعد جرحه في 19 من رمضان ، فلكم ان تتخيلوا حال الامام علي وهو معصوب الراس نتيجة ضربة اشقى الاشقياء من الاولين والاخرين الخارجي ابن مجلم على ام راسه ، فالالام تعتصره بحيث انه لا يقوى على الكلام وهو في هذه الحالة جيء بابن ملجم إلى الامام علي عليه السلام فقال له الحسن (عليه السلام): (( هذا عدو الله وعدوك ابن ملجم قد أمكن الله منه وقد حضر بين يديك ))، ففتح أمير المؤمنين (عليه السلام) عينية ونظر إليه وهو مكتوف وسيفه معلق في عنقه ، فقال له بضعف وانكسار وصوت رأفة ورحمة: (( يا هذا لقد جئت عظيماً وخطباً جسيماً أبئس الإمام كنت لك حتى جازيتني بهذا الجزاء )) ، ثم التفت (عليه السلام) إلى ولده الحسن (عليه السلام) وقال له: (( إرفق يا ولدي بأسيرك وارحمه وأحسن إليه وأشفق عليه ، ألا ترى إلى عينيه قد طارتا في أمّ رأسه ، وقلبه يرجف خوفاً ورعباً وفزعاً )) ، فقال له الحسن (عليه السلام): (( يا أباه قد قتلك هذا اللعين الفاجر وأفجعنا فيك وأنت تأمرنا بالرفق به ؟! )) فقال له: (( نعم يا بني نحن أهل بيت لا نزداد على الذنب إلينا إلاّ كرماً وعفواً، والرحمة والشفقة من شيمتنا لا من شيمته ، بحقي عليك فأطعمه يا بني مما تأكله ، واسقه مما تشرب ، ولا تقيد له قدماً ، ولا تغل له يداً ، فإن أنامتّ فاقتص منه بأن تقتله وتضربه ضربة واحدة ، ولا تمثل بالرجل فإني سمعت جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور ، وإن عشت فأنا أولى بالعفو عنه ، وأنا أعلم بما أفعل به ، فإن عفوت فنحن أهل بيت لا نزداد على المذنب إلينا إلاّ عفواً وكرماً )).
هذه الكلمات التي نطقها امير المؤمنين عليه السلام وهو في حالة حرجة لم تكن الا درة من درره ، نعم هي دستور للمجتمع المثالي من حيث التعامل مع الاسير تعامل اجتماعي ، نفسي ، عسكري ، اخلاقي ، وفي نفس الوقت يذكر بوصايا رسول الله صلى الله عليه واله لمثل هكذا حالة .
واروع ما قاله الامام هي صفة اهل البيت في مثل هذا الظرف " نحن أهل بيت لا نزداد على الذنب إلينا إلاّ كرماً وعفواً، والرحمة والشفقة من شيمتنا لا من شيمته" هذه العبارة تحتاج الى دراسة لبيان البعد الاخلاقي للائمة عليهم السلام وما ترتب عليه من اثار على اتباع اهل البيت، فالعفو والرحمة تاتي عندما نتمكن من عدونا لا ان نطلقها ونحن تحت سياط الدواعش الوهابية ، بل يجب اذا ما اردنا ان نترجم قول امير المؤمنين عليه السلام على ارض الواقع هو بعد ان نتمكن منهم ونجعلهم في قبضتنا وعندها نحن مخيرون بين الاقتداء بالامام علي او الامام الحسن عليهما السلام في تعامله مع ابن ملجم ، وفي هذا الظرف يكون الاقتداء بالحسن في التعامل مع الدواعش هو الافضل . .
https://telegram.me/buratha