الصفحة الإسلامية

لنتعلم من الحوراء

1373 00:25:00 2013-12-13

حسن الهاشمي

"فو الله لا تمحو ذكرنا"و لو أحيل الأمر إلي لنقشت هذه العبارة في كل كتاب سطرته يد البشرية، ونقشتها على كل تمثال نحته فنان، وصورة رسم ملامحها يراع رسام، وخطاب سبك وحبك مفرداتها خطيب مقدام، وقصيدة سطرها مبدع شاعر ولهان، ومقالة أردفها كاتب أديب همام، وعبارة نطق بها حكيم بل كل من يتسم بكلمة إنسان، هذه الكلمات حري بنا أن نكتبها بأحرف من ذهب، ونعلقها في أعلى عليين لعلها تنتقش في أذهان المصابين بعتمة الظلام ودهاليز النسيان، لماذا؟ لأن بيان الناس مهما بلغ من الدقة والرقة، ما يزال ألثغا من أن يتسع لجميع المشاعر والأفكار، إذا ما سطرت وليس فيها إبداع التقى وتقى الإبداع، وهذه وتلك تستقي استقامتها وتستوفي حقوقها ويستقيم عودها بهذه الكلمات التي أفرغت من تلك الخفرة الحوراء الإنسية التي تكون بحق تاجا على رؤوس جميع الكلمات والبيانات والخطابات من دون منازع... إن مواجهة الشدائد والمحن بالصبر والتوكل والإيمان لهي من سبل النجاة وطرق الخلاص، لمن أراد الوصول سالماً في سلك المؤمنين وساحل الناجين.. حيث نتخطى العقبات بكل حزم ورباطة جأش؛ لينهل الراضي ما ينهل من معين الرضا الإلهي اللا متناهي.. وبقراءة واعية للتأريخ، وما خط فيه من سير العظماء؛ نرى كيف اتخذوا من هذا الطريق مسلكاً لرضوانه عز وجل.. حيث أنهم قد اختطوا طريق الإستقامة وعبروه بكل جدارة وصلابة ورباطة جأش. ومن الضروري إزاء ما نمر به من ابتلاءات ومحن أن نتعرض إلى طريقة الحوراء زينب عليها السلام كيف إنها تخطت كل الخطوب واجتازت كل العقبات بقلب مفعم بالإيمان والصبر والتجلد، واستقبال القدر بروح ملؤه اليقين، ونفس مطمئنة بحكمة الرحمن.. وبرؤية معبرة لآيات القرآن العابقة، تستوقفنا هذه الآية لتكون لنا درساً بليغاً، ومعيناً لا ينضب بالصلابة أمام مواجهة البلايا وعدم الرضوخ للعصف مهما كان عاتيا، حيث أن الرضا بالقضاء والقدر والمواجهة الحكيمة لعواصف الدهور، لمن أهم سبل جلب الاطمئنان للنفوس، التي تضطرب لأدنى مكروه يحل بها.. (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا).. والحقيقة التي لا غبار عليها: أنه لن يصيبنا إلا ما فيه مصلحتنا.. فإذا التفت العبد إلى هذه النتيجة، هل يبقى له أدنى اضطراب في أحلك الظروف؟!..وقد ضربت العقيلة زينب (ع) أروع الأمثلة في الصمود والتصدي لعاديات وخطوب الزمان عندما قالت: (ما رأيت إلا جميلا)!.. حيث أنها ترى استشهاد أخيها جميلا؛ لأن الله تعالى شاء أن يراه قتيلا، وشاء أن يراهن سبايا.. ومشيئة الله تعالى هي بعينها الجمال وكلما شابه العذاب الدنيوي الزائل كلما ازداد ثباتا وتألقا وجمالا وخلودا، وإذا ما أردنا العزة والمنعة ما علينا إلا الإقتداء بالسيدة زينب (ع) حينما وقفت صامدة قوية في أحلك الظروف؛ لتعطي شيعتها ومحبيها درساً بليغاً في مواجهة التحديات بصبر وأناة ليس لهما مثيل على مر التاريخ.. وهكذا فبقوة العزيمة في تحمل المصائب؛ تتفتح أبواب الفرج، وترسل أنوار الأمل ضياءها، وتنسج ثياب الرحمة سرابيلها؛ لتعود الحياة تدب في عزيمتنا من جديد.فالبعض قد يوقعه سخطه في الكفر، ويبتعد عن دائرة الإيمان، ويخلد في لظى النيران؛ لجزعه وفزعه.. وأما البعض الآخر يعيش الصلادة في الإيمان لمواجهة المحن والأقدار؛ لينهل من معين الرضا الإلهي، ليستشعر حلاوة الصبر، وأنس المكابدة؛ ليفوز بالمعاينة الخالدة في الدارين.. أما حالة الوسطية ما بين الحالتين؛ فهو في شاطئ الرحمة والأمان إن تغلب على المشاكل والخطوب بنهاية المطاف ولو بالجملة، وفي حال التيه والخسران إن انجرف بالتيار من أول وهلة أو استدرج في ذلك بمرور وكرور الأيام.وعليه فالناس إزاء المشاكل والتحديات على طوائف: 1ـ فمنهم من يسخط بما يلاقيه من محن بالوهلة الأولى فهو من الهالكين.. 2ـ ومنهم من يصبر على دواهي ودوالي الزمان ولكن على مضض؛ فقد يكتب بذلك من الناجين.. 3ـ ومنهم من يرضى بالقضاء الإلهي؛ لأنه يرى الله عز وجل أولى بتدبير أموره من نفسه.. فوجوده بأصله فيض من الله تعالى، فضلا عما يحل به، فهذه الشريحة هي المؤمنة حقا وما يصل إليها إلا المعصومين أو من هم بمقامهم في الفضل والصبر والإيمان، ولا أعتقد إن العقيلة زينب عليها السلام بمواقفها البطولية تتخطى تلك الشريحة، بل هي من صلبها ومن معدنها الأصيل.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك