الصفحة الإسلامية

الرفض الذي حفظ ناموس الإسلام


فضل الشريفي

في رد الإمام الحسين عليه السلام على ممثلي الدولة الأموية رفض مبايعة يزيد لعنه الله قائلاً : إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، ومحل الرحمة، بنا فتح الله وبنا يختم، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله...هذا الرفض الذي جر خلفه فيما بعد العديد من الأحداث التي تشكل قيم إنسانية وخلقية رائعة يمكن للعالم ان يعتبرها دستور وينهل منها متى شاء منها : التصدي للظلم والظالمين واجب شرعي وإنساني، صون القيم الإنسانية المهددة من قبل حكام الظلم والجور، امكانية اشتراك الكل في حرب الحق ضد الباطل ففي نهضة الطف الخالدة شارك الأب والأخ والابن والكهل والشاب والفتى والسيد والعبد والأبيض والأسود والمسيحي والمسلم، ذوبان الطبقية بين أبناء المجتمع إذ يتساوى الجميع ويتسابق نحو هدف واحد هو التضحية في سبيل القيم السماوية والإنسانية إذ يقف العبد والسيد والأبيض والأسود في صف واحد من أجل خوض معركة الكرامة والخلود، مراجعة الإنسان المخطئ نفسه وإمكانية انتقاله من معسكر الشر الى معسكر الخير كما فعل الحر بن يزيد الرياحي وزهير بن القين البجلي، كما ان رفض الإمام مبايعة يزيد عليه اللعنة رغم علمه انه عليه السلام وأنصاره مقتولون لا محالة انما يعكس العلاقة المثالية بين العبد وربه، اضافة الى ان هذا الرفض يستشف منه كيفية اختيار الحكام والرؤساء وفقاً لمصالح الشعوب، إذ تجلى الحاكم المصلح بشخص الإمام الحسين عليه السلام والحاكم الظالم بشخص يزيد عليه اللعنة، كل هذه المعاني السامية والقيم النبيلة تجسدت في هذا الرفض الذي تخلد عبر التأريخ بل ان التأريخ تشرف به فأمتد صداه في مشارق الأرض ومغاربها.في المقابل لو تصورنا ان يزيد عليه اللعنة حكم الأمة ولم يكن هناك رفض ولم تكن هناك انتفاضة ضد حكمه كيف سيكون شكل الإسلام ومضمونه وما الثوب الذي سيرتديه، ثم ماذا عن الشرائع والأحكام الإلهية، وماذا عن حياة الناس وحقوقهم ودينهم وأعراضهم؟لذا رفض الإمام بصوت عالي وبموقف ثابت مبايعة الظالم واقتضت المشيئة الإلهية ان تكون هناك قرابين عظيمة تفتدي الإسلام فكان للإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأنصاره القلة الذين بايعوه بيعة ما أحلاها من بيعة ! ان ينهضوا بهذا العبء الثقيل فاختلطت دمائهم برمال كربلاء صوناً لحرمة الإسلام من الانتهاك وحفاظاً على القيم والمبادئ من براثن الظلام الاموي ، فالحاكم الاموي يزيد لعنه الله معروف بطغيانه وكثرة ارتكابه الفواحش والآثام، وما ارتكبه من مجازر وحشية بكربلاء أثبتت انه لا يملك مفردة من مفردات القيم الأخلاقية والإنسانية ، وما ملاعبته القرود والكلاب وولعه بها وتفضيلها على البشر إلا دليل على الحالة التي يعيشها هذا المسخ، ونحن اليوم إذ نحيي الشعائر الحسينية نعبر عن بيعتنا وولائنا لسيد الشهداء، ونقر له بالفضل الكبير كونه أكمل المشروع الإصلاحي لجده المصطفى، ونعلن رفضنا لكل أشكال الظلم، فضلاً عن كون الإمام ملهمنا في كل العصور، علاوة على ان إقامة الشعائر الحسينية تعطينا درساً في اختيار نموذج الحاكم الصالح إقتداءً بسبط رسول الله كما أشرنا آنفاً ولعل هذا الدرس أهم درس لنا ونحن بانتظار انتخابات برلمانية تلوح في الافق.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك