الصفحة الإسلامية

الأندلس الفردوس الذي فقده المسلمون!

2388 10:25:00 2012-06-08

الأندلس، الأسم الذي عرفت فيه الدولة الإسلامية التي أسسها العرب المسلمون بعد فتحهم لشبه الجزيرة الايبرية في بداية القرن الثامن، واستمرت نحو ثمانمائة عام، حتى تم توحيد أسبانيا تحت قيادة ملوك الكاثوليك في القرن الخامس عشر.

لقد أطلق اسم الاسبان المسلمين على سكان اسبانيا الإسلامية، أو الأندلس، الذين يدينون بالدين الذي نشره النبي محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، رغم تعدد أجناسهم وسلالاتهم، فهم من العرب والبربر، قدموا إلى شبه الجزيرة الايبرية خلال الفتح، وفيما بعد كان الكثير من المسلمين هم من ذوي الأصول الأسبانية، تحولوا إلى الإسلام.

وكان يعيش في الأندلس مسيحيين يسمون بالمستعربين، كانوا يقلدون العادات العربية، إضافة إلى اليهود.

اسبانيا الإسلامية، كانت بلد يعيش فيها ثلاث ديانات بسلام، وهي الديانة الإسلامية والمسيحية واليهودية ولربما هناك شيء من الصحة أن الحضارة الاندلسية كانت بتأثير مشترك من هذه المجموعات الثلاث بفضل المعارف العديدة والمتعددة، التي جلبت مع العرب الشرقيين الذين اخذوا المعارف والعلوم عن البيزنطيين والفرس والهنود والصينيين، حتى أصبحت الأندلس في زمن الحكم الإسلامي العربي أكبر مركز وجذب ثقافي في أوروبا.

فالعلماء الأسبان المسلمين نشروا الفلسفة اليونانية القديمة، وعبدوا الطرقات والمسالك، البحرية والبرية، وبدأوا بتعليم الحروف والأرقام الهندية، وحسب النظام العشري. واخترعوا واستنبطوا أساليب لري المزارع والأرياف وزراعة المحاصيل، وصنعوا الورق من أجل كتب العلوم.

فآثار وتأثير الأندلس، مازال حاضراً إلى زمننا هذا في الكثير من العادات الاسبانية، وفي المأكل وفي المعمار وفي اللغة الاسبانية.

الحياة في الحواري والبيوت في اسبانيا الإسلامية المدن الإسلامية الاسبانية، تشبه المدن العربية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

فهذه المدن حظيت بمركز للمدينة وسور يحيطها. وكانت أحياء المدينة السكنية والأسواق تحيط بمركز المدينة وبالجامع الكبير وبقصر الحاكم.

أما الشوارع الرئيسية فتبدأ من البوابات الموجودة في الأسوار الى أن تصل الى منتصف المدينة، وكانت الشوارع مبلطة. في حين أن بقية الشوارع الضيقة والأزقة ، فهي عبارة عن متاهات ومليئة بالمنعطفات ولم تكن معبدة أو مبلطة، وعرضها واتجاهاتها تتغير كل عدد من المترات. وعند ملتقى عدد من الأزقة والشوارع الضيقة تشكل ساحات صغيرة تستخدم كأسواق للأحياء الداخلية.

أما الأحياء الموجودة خارج الأسوار فلها أيضاً أسواقها وجوامعها، ومتاجرها وحماماتها الخاصة بها وكانت البوابات الكبيرة للمدينة وبوابات الأحياء تغلق ليلاً، من اجل تجنب السرقات. وكانت تحرس الأحياء والأبواب أفراد من الشرطة المسلحة والمزودة بالكلاب المدربة، وبمصابيح، حيث يقومون بجولات ليلية داخل الأسوار والأحياء للحفاظ على أمن المواطنين.

سكان المدن الرئيسية

حظي سكان المدن الكبيرة بمصادر عامة للمياه الصالحة للشرب، وبالعديد من الحمامات العامة. ففي عصر الخلفاء الأمويين، حظيت مدينة قرطبة وحدها بنحو (800) مصدر مياه، و نحو (600) حمام عام. وتفاخر الخلفاء المسلمون بتعداد سكان مدنهم حيث كان يبلغ عدد سكان مدينة قرطبة نحو (300) ألف نسمة، وهذه إحصائية سكانية ضخمة بالنسبة لمدن العصر الوسيط.

وشكلت رابع مدينة قس العالم من حيث تعداد السكان إلى جانب بغداد والقاهرة والقسطنطينية، في حين إن أكثر المدن ازدحاماً بالسكان بعد قرطبة كانت اشبيلية، وبلغ تعداد سكانها نحو (80) ألفاً، وطليطلة نحو (37) ألف نسمة، وكلُ من غرناطة و Badajoz وسرقسطة كل مدينة من هذه المدن كان يسكنها نحو 26 ألف نسمة ومدينة بالنسيا 15.500 نسمة.

الأحياء داخل المدن:

أهمية المدن العربية كانت تقاس بعدد أبوابها. فمدينة قرطبة على سبيل المثال، كان لها سبعة أبواب، وفي القرن العاشر كان يحيط بها 21 حياً خارجياً، - خارج الأسوار - وفيها 500 مسجد. وكان التجار والمهنيين يحظون بنقابات خاصة بهم.

في حين أن الأحياء والأسواق والشوارع كان تأخذ أسماء المهن التجارية في كل شارع. فكتان هناك حي العطارين، وحي الدباغين، والوراقين، والخزافين، والخياطين، والاسكافيين، وسوق المناخل، وسوق الجزارين، وسوق العقاقير الطبية، وسوق الحبوب، والنجارين والحدادين. وكانت كافة المدن تحتوي كل هذه الأسواق. وكانت هناك أحياء خاصة باليهود، حيث مازال الحي اليهودي ماثلاً في قرطبة، وهو بالقرب من الجامع الكبير. وكان هناك أحياء للمستعربين من مسيحي الاندلس. بالرغم من أنهم يعيشون في أحياء مختلطة مع المسلمين في المدن الأخرى، مثلما كان في مدن سرقسطة، وفلنسيا.

وكان الاسبان المسلمين محبين للطبيعة لهذا نجد مدنهم محاطة بالحدائق، والأشجار والبساتين المثمرة، التي تسقى بواسطة النواعير والآبار والأحواض والترع والسواقي. وكان لديهم احتفالات خاصة بجمال الطبيعة بخاصة في مدينة غرناطة، التي كانت تمتلك غوطة جميلة تشاهد من الأعالي والمرتفعات، أوقات الغروب.

وكانت القصور الفخمة للأمراء والخلفاء مقاومة وسط البساتين الغناء التي تتوسطها الينابيع وعيون المياه، وكانت هناك الطرق التي تحفها الأشجار الجوانب والحدائق العامة للتنزه بها من قبل عامة الشعب. وكان هناك غابات البلوط والصنوبر التي تظلل الطرقات المؤدية الى الضيع والمزارع، التي تنتشر على طرقاتها الصوامع الصغيرة التي تستخدم للاستراحة.

المنازل والبيوت:

بشكل عام من الصعب معرفة الحالة الاجتماعية للسكان من الواجهات الخارجية للمنازل والبيوت، بخاصة المنازل التي لا تحظى بالزخرفة، وتغطي نوافذها المشربيات (حصائر تغطي النوافذ تمنع رؤية من يعيش داخلها). غالبية المنازل مكونة من طابقين. فبيوت الأغنياء والأثرياء كانت تتمتع بأبواب كبيرة للدخول منها، وهذه الأبواب دائماً مغلق، وهذا الباب يؤدي الى دهليز (رواق) يؤدي بدوره الى الفناء الرئيسي للبيت، وهي بالعادة قائم الزوايا من ثلاثة جوانب يطل عليها من الداخل شرفات أسقفها مدعمة بواسطة أعمدة من الرخام، وفي وسط الفناء نافورة أو بركة مياه من أجل ترطيب الأجواء في الأيام الصيف الحارة.

وفي أحدى الزوايا يوجد درج ضيق يستخدم لصعود النسوة (الحريم) الى الطوابق العليا. وعلى جوانب الفناء هناك صالونات يدخل إليها الضوء عبر الفناء، وهذه الصالونات تستخدم كغرف لنوم العائلة، وللعبيد والخدم.

 

وهذه الفناء يتم تحويله الى حديقة غناء حيث تسيجها الورود والرياحين، وبأشجار النخيل. في حين أن بعض المنازل تعتد أيضا بحديقة خاصة بها كثيفة الأشجار بحيث تطاول أشجارها السور الخارجي للمنزل ويمكن رؤيتها من الشارع.

أما منازل الفقراء وذوي الدخل المتدني من عامة الشعب، فكانت بيوتهم تشبة إلى حد كبير منازل الأثرياء ولكنها أصغر مساحة. فلم تكن مساحتها تبلغ 50 متراً مربعاً، وكانت الغرف أضيق. وباب المدخل يؤدي الى ممر ضيق (رواق) تؤدي الى فناء صغير (ساحة صغيرة المساحة) لها شرفات مدعمة بأعمدة من الطوب. والفناء هو عبارة عن ساحة مشتركة يؤدي الى المدخل الوحيد.

الكثير من العائلات الفقيرة لم يكن بيتها مكون من أكثر من غرفة واحدة كبيرة المساحة. وبهذه الأجواء كانت تحدث العديد من المشادات بين الجيران.

وسواء في منازل الأغنياء أو الفقراء الفناء هو مركز معيشة العائلة، ويستخدم للجلوس والتسامر. فمن خلاله تقوم المرأة بكل أعمالها المنزلية بدون الخوف من رؤيتها من خلال الشارع.

ففي المنزل لا يهتمون كثيراً بما يجري بالخارج. ولهذا كانت النوافذ المطلة على الشارع عددها قليلا.

والفناء يخدم أيضاً، في الحفاظ على ترطيب أجواء المنزل ويظللها من أجل محاربة حرارة الصيف الاندلسي القائظ.

وكانت الطوابق العليا للمنزل تحظى بشرفات على الشارع ولكنها بالعادة تكون مغطى بالمشربيات (مغطى بالحصائر) بحيث تسمح للهواء بالدخول من خلال الثقوب، وكما باستطاعة المرأة أن ترى ما يجري في الخارج بدون أن ُترى.

اليوم ننظر بحسرة الى بلاد الأندلس هذا الفردوس الذي فقده المسلمون وبدا وكانه الآن مكسباً ماديا للاسبان كيف لا ونحن نرى ما نراه اليوم اليوم من أموال طائلة تجنيها الحكومة الأسبانية سياحيا من تراث الحضارة الأندلسية؛ فالقصور والمساجد والرياض في كل من قرطبة، وغرناطة وإشبيلية، وغيرها من المدن الأندلسية تستقطب ملايين السياح سنويا من مختلف بقاع العالم، إلا أنه ورغم ذلك تبدو الثمانية قرون التي أشرقت فيها أشعة شمس الحضارة الأندلسية على شبه الجزيرة الأيبيرية تلقي بظلالها إلى اليوم؛ من خلال القلاع والقصبات والحصون والقرى والمدن و الموشحات الاندلسية وما الى ذلك من عبقرية عربية وحضارة اسلامية نسجت خيوطها ولا زالت عالقة في التاريخ .

4/5/608

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك