يواجه مشروع مدينة "نيوم" المقرر إنشاؤها في شمال غرب البلاد لتطل على البحر الأحمر معارضة نادرة بالمملكة، إذ ترفض قبيلة الحويطات في محافظة تبوك الرحيل من أرضها والتوقيع على أوراق لنقلها إلى مكان آخر. ويعتبر هذا المشروع "جوهرة التاج" للرؤية المستقبلية لولي العهد محمد بن سلمان.
تَعرقَل مشروع مدينة "نيوم" الضخم التي من المقرر أن يتم إنشاؤها في شمال غرب البلاد لتطل على البحر الأحمر، الشهر الماضي بعد مقتل شخص من قبيلة الحويطات رفض تسليم أرضه للمشروع. واحتجت القبيلة على المشروع الذي يشكل جزءا حيويا من الرؤية الاقتصادية الطموحة لولي العهد محمد بن سلمان، وسيكلف 500 مليار دولار.
ويظهر هذا مقاومة داخلية نادرة للحكومة السعودية في وقت تعاني المملكة من صعوبات اقتصادية بسبب التدهور التاريخي في أسعار النفط والإغلاقات بسبب انتشار فيروس كورونا.
"إرهاب الدولة"؟
ونشر هذا الشخص، واسمه عبد الرحيم الحويطي، قبل مقتله سلسلة فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي انتقد فيها إجبار قبيلته على الرحيل من الأرض التي عاشوا فيها لأجيال في موقع المشروع في محافظة تبوك، واصفا إياه بـ"إرهاب دولة".
من جهته، أكد الأمن السعودي مقتل "المطلوب للعدالة" في تبادل إطلاق النار مع قوات الأمن، مشيرا إلى العثور على عدد من الأسلحة في منزله، فيما قال نشطاء إنه تم احتجاز عدد من أفراد القبيلة التي تنتشر فيها ملكية السلاح بسبب شعارات مناهضة للترحيل ورفضهم التوقيع على أوراق لنقلهم إلى مكان آخر.
وأكد مصدر سعودي مطلع على سير المشروع أن الحكومة السعودية تعرض "تعويضات نقدية سخية" للذين سيتعرضون للترحيل بسبب المشروع، بالإضافة إلى "عقارات جديدة" داخل المملكة.
وقال إن "نيوم" أطلقت أيضا "برامج مسؤولية اجتماعية" للسكان المحليين، بما في ذلك منح دراسية للجامعات وبرامج تدريب مهني.
ويؤكد نشطاء رفض العديد من رجال قبيلة الحويطات ما وصفوه بعروض تعويضات "غامضة"، على الرغم من نشر وسائل إعلام سعودية بيانا صادر عن القبيلة جدد البيعة والولاء للعاهل السعودي محمد بن سلمان وولي عهده.
كما أنهم يشددون على أن مشروع "نيوم" مصمم لجذب الزوار الأجانب في مملكة محافظة، ولا يتوقع أن يستفيد منه السكان المحليون.
المشروع يضم سيارات تاكسي طائرة ورجالا آليين
وحسب "نيوم"، سيتوجب على 20 ألف شخص الرحيل والانتقال إلى مكان آخر من أجل إفساح المجال لأعمال البناء. ويفترض استكمال أول جزء من المدينة بحلول 2030.
وكتب العضو في المجلس الاستشاري لـ"نيوم" علي الشهابي على تويتر: "ما حدث في نيوم كان موتا مأساويا لأحد سكان قرية يجري نقلها". وقارن الشهابي ذلك بالقوانين في الدول الغربية التي تسمح للحكومات بمصادرة الأراضي الخاصة لاستخدامها لمشاريع، موضحا "هذا يحدث كل الوقت في كلّ أنحاء العالم عند بناء الطرق وسكك الحديد والسدود".
وتحضر الحكومة السعودية خطة طوارئ لاقتطاع النفقات، بينما حذر وزير المالية محمد الجدعان من "اتخاذ إجراءات صارمة قد تكون مؤلمة" لمواجهة التراجع الاقتصادي بسبب تفشي فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط.
لكن مراقبين يحذرون من أن ترحيل السكان بشكل قسري قد يعود بنتائج عكسية، خصوصا مع تزايد الضغوط الاقتصادية.
انخفاض أسعار النفط وزيادة الضغوطات الديمغرافية أبرز تحديات بن سلمان
فقد اعتبر مركز "صوفان" الاستشاري للشؤون الأمنية أن "انخفاض أسعار النفط بشكل قياسي وزيادة الضغوطات الديمغرافية تشكل تحديات كبرى أمام خطط الأمير محمد المستقبلية".
وبحسب المركز، فإن نيوم هي "جوهرة التاج للرؤية المستقبلية للمملكة، ولكن يبقى غير واضح كيف سيساعد مشروع الأمير المملكة في التعامل مع الفئات الشابة".
ويرى المركز أن "الحكومة ستكون لديها أموال أقل لتوزيعها (..) لإرضاء المواطنين السعوديين. وسيؤدي تآكل العقد الاجتماعي بين الحكام والمحكومين إلى مشاكل كبرى خاصة في مجتمع قبلي".
من جانبها، ترى كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربية في واشنطن، أنه على الرغم من الصعوبات الاقتصادية، "لا أتوقع أن يتخلى محمد بن سلمان" عن مشروع نيوم.
https://telegram.me/buratha