قال رئيس الوزراء الماليزي الجديد مهاتير محمد إنه منع سلفه نجيب عبد الرزاق من مغادرة البلاد، مشيراً إلى أنه أقال النائب العام الذي برأ ساحة نجيب في فضيحة فساد بمليارات الدولارات.
وقال مهاتير للصحفيين في مؤتمر صحفي أمس: "صحيح لقد منعت نجيب من مغادرة البلاد هو وزوجته". وأصدرت سلطات الهجرة حظراً على السفر إلى الخارج بحق نجيب وزوجته في وقت سابق أمس وسط تقارير أفادت بأن الحكومة ستعيد فتح التحقيقات في فضيحة فساد بمليارات الدولارات في صندوق التنمية الحكومي الماليزي (1إم.دي.بي)، وهي الفضيحة التي تتورط فيها الإمارات.
وأعلنت السلطات القرار بعد دقائق من قول نجيب على فيسبوك إنه سيسافر خارج البلاد في عطلة هو وأسرته لمدة أسبوع للاسترخاء بعد هزيمته في انتخابات عامة جرت الأربعاء،
وأضاف نجيب في تغريدة على تويتر بعد إعلان إدارة الهجرة هذا الحظر "تم إبلاغي بأن إدارة الهجرة الماليزية لن تسمح لي ولأسرتي بالسفر للخارج، أحترم هذا الأمر وسأبقى أنا وأسرتي في البلاد".
وقال مهاتير أيضا إنه أقال النائب العام الذي برأ ساحة نجيب من أي مخالفة في فضيحة الصندوق.
وأضاف: "وضعنا عدداً من القيود على بعض الأشخاص المحددين الذين شاركوا في مخالفات أو اتخذوا قرارات خاطئة... وبالتالي في الوقت الراهن ليس لدينا نائب عام"، وأحجم النائب العام أباندي علي عن التعليق على الأمر.
وألمح مهاتير أيضا إلى أنه أمر بنشر تقرير عن صندوق (1إم.دي.بي) كان السلطات خلال عهد نجيب تصنفه على أنه سري. وعاد مهاتير إلى المشهد السياسي في ماليزيا بعد خلاف مع نجيب بشأن فضيحة الصندوق، وخاض الانتخابات مع تحالف معارض يشمل خصمه السابق أنور إبراهيم.
وأكد مهاتير الذي أدى اليمين الدستورية الخميس رئيسا جديدا للوزراء أنه لن يبحث عن كبش فداء في الفضيحة، وتابع :"لا نسعى للانتقام... ما نريده هو إعادة حكم القانون، إذا قال القانون إن نجيب ارتكب مخالفة فسيتعين عليه مواجهة العواقب".
وفي إطار محاربة الفساد بماليزيا، اقتحمت الشرطة أمس منزلا كان يقطنه أقارب لرئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق بحثا عن وثائق يشتبه في محاولة تهريبها للخارج، وذلك بعد استقالة عبد الرزاق من رئاسة الائتلاف والحزب الحاكم ومنعه من السفر.
دور العتيبة في الفضيحة
وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال في يناير من العام الماضي، عن وثائق محاكمات وتحقيقات حول دور سفير الإمارات لدى واشنطن يوسف العتيبة في فضيحة الصندوق السيادي الماليزي من خلال شركات مرتبطة به تلقت ملايين الدولارات من شركات خارجية، قال المحققون في الولايات المتحدة وسنغافورة إن أموالها اختلست من صندوق تنمية ماليزيا.
كما ألقت رسائل بريد إلكتروني خاصة بالعتيبة مزيداً من الضوء على لقاءات بين شاهر عورتاني، وهو شريك تجاري للعتيبة في أبوظبي، و"جو لو" الممول الماليزي الذي تقول وزارة العدل الأمريكية إنه المتآمر الرئيسي في عملية الاحتيال التي تبلغ قيمتها 4.5 مليار دولار.
وتظهر الرسائل المسربة علاقات عميقة بين العتيبة وعورتاني ولو، من بينها حصول الأخير على حصة 55% في فندق بارك لين في نيويورك المكون من 46 طابقا، قبل أن يبيع جزءاً من هذه الحصة لصندوق الثروة السيادي في أبو ظبي.
وقد بدأت فصول الفضيحة في الظهور مع بروز مشاكل ديون واجهها صندوق الاستثمار الماليزي أوائل عام 2015 ووصفها المحققون بأنها واحدة من أكبر عمليات الاحتيال في التاريخ، ففي أبريل 2016، كشف مكتب المدعي العام السويسري أن سلطات البلاد وسعت تحقيقا جنائيا بشأن صندوق تنمية ماليزيا "1 أم.دي.بي" الحكومي، ليشمل اثنين من المسؤولين السابقين في صناديق سيادية في أبوظبي بتهم النصب والاختلاس والفساد والتزوير.
المليارات المسروقة
ويعتقد المحققون السويسريون أن أكثر من أربعة مليارات دولار سرقت من عدد من الشركات الماليزية المملوكة للحكومة، وكانت مخصصة لتمويل مشاريع تنمية اقتصادية واجتماعية في ماليزيا. وأوضحت النيابة العامة أن القضية تتعلق بإرسال مجموعة سندات إلى فرعين من صندوق ماليزيا للتنمية بهدف تمويل استثمارات في معامل كهربائية. وحصلت هذه الشركات على ضمانة من أحد الصناديق السيادية في أبوظبي لدفع السندات.
كما ورد اسم رئيس الحكومة نجيب عبد الرزاق في الفضيحة لكنه رفض مزاعم بتربحه من أموال الصندوق بعد إيداع سعودي نحو 681 مليون دولار في حسابه المصرفي الخاص، وقد حصل عبد الرزاق الذي يرأس المجلس الاستشاري للصندوق على براءة من المدعي العام الماليزي في يناير 2016 من أي تهم جنائية رغم أن الكثير من الماليزيين لا يشاركونه هذا الموقف.
ولا يزال ملف التحقيقات مفتوحاً في بلدان عدة، من بينها الولايات المتحدة، حيث ورد أن الصندوق مول فيلما باسم "ذئب وول ستريت" الذي لعب ليوناردو دي كابريو بطولته عام 2013، وهو أحد ثلاثة أفلام تقول وزارة العدل الأمريكية إنها تلقت عشرات الملايين من مبالغ استولى عليها الممول الماليزي جو لو من الصندوق الماليزي.
وقد اتخذت السلطات الأمريكية إجراءات قانونية من أجل استعادة أصول تقدر قيمتها بنحو 540 مليون دولار من ممولين مرتبطين بالصندوق الماليزي. ويقوم محققون في خمس دول على الأقل بالإضافة إلى سويسرا بالتدقيق في صفقات عدة مرتبطة بالصندوق الماليزي في إطار تحقيقات أوسع نطاقاً تتعلق بغسل الأموال والاحتيال والفساد.
نكسة جديد للإمارات
وبعد الإعلان عن فوز رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، ظهر الخوف على مسؤولي أبوظبي، فقد هاجم عبد الخالق عبدالله مستشار إمارة أبوظبي رئيس الوزراء مهاتير محمد الفائز في الانتخابات الديمقراطية الماليزية التي شهد لها العالم وأقر بها الطرف المهزوم وهو رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق.
وقال عبد الخالق عبدالله في تغريدة على تويتر :"هل خلت ماليزيا من حكماء وزعماء ورجال دولة وشباب كي تنتخب من بلغ 92 سنة من العمر، الذي انقلب فجأة على حزبه وحلفائه وعقد صفقة مشبوهة مع خصمه السياسي الذي سبق أن أودعه السجن بعد أن لفق ضده أشنع الاتهامات. السياسة عندما تكون لعنة والديمقراطية عندما تكون نقمة".
وبدت تغريدة عبدالخالق غريبة في مهاجمة دولة ديمقراطية، والفائز فيها رجل له فضل كبير في النهضة التي شهدتها ماليزيا. ويرى مراقبون أن موقف عبد الخالق عبدالله صدى لما يجري في دوائر صنع القرار في أبوظبي بعد فوز المعارضة الماليزية غير المتوقع رغم ما قيل عن دعم إماراتي لرئيس الوزراء الماليزي المهزوم وحزبه في الانتخابات، مما يمثل نكسة جديدة لأبوظبي بعد سلسلة نكسات سياسية عديدة خلال الأشهر الماضية.
https://telegram.me/buratha