كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية عن غضبٍ وامتعاضٍ سعودي من سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني، ما دفع الرياض إلى استدعائه وأن تطلب منه تقديم استقالته.
وأوضحت الصحيفة أن الحريري سعى إلى التقارب مع حزب الله من أجل المساعدة في تسيير أعمال حكومته، إلا أن ذلك أغضب السعوديين، نافية في الوقت نفسه أن يكون هناك أي سيناريو لاغتيال الحريري، كما ادّعى في بيان الاستقالة، الذي تلاه مساء السبت، من الرياض.
واعتبرت الصحيفة العبرية استقالة رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، التي أعلنها من الرياض، ضربة للمشروع الإيراني في لبنان، معربة عن اعتقادها أن "الحديث عن محاولة لاغتيال الحريري في لبنان، كما جاء في بيان الاستقالة، لا أساس لها من الصحّة، خاصة أن قرار الاستقالة جاء بعد أيام من وصوله إلى السعودية، يوم الاثنين الماضي، فلماذا لم يعلنها صراحة حال وصوله؟".
وأوضحت الصحيفة العبرية أن الحريري سمع خلال رحلته إلى السعودية نقداً لاذعاً، لا سيماً من الوزير السعودي ثامر السبهان، فيما يتعلّق بفشل حكومة الحريري في كبح جماح حزب الله وإيران، على الرغم من الدعم السعودي الكبير. ومنذ فترة ليست بالقصيرة، شنّ العاهل السعودي وابنه محمد بن سلمان، ولي العهد، حرباً على النفوذ الإيراني في المنطقة، حيث إنهم يجدون صعوبة في تقبّل استمرار وجود حزب الله، على الرغم من مضيّ عام على تشكيل حكومة الحريري، التي حظيت بدعم السعودية.
التوافق على تشكيل حكومة الحريري قبل عام كان في إطار السعي للحفاظ على استقرار لبنان، وذلك جاء على حساب تنازلات قُدِّمت لحزب الله، حيث طُلب من الحريري عدم نزع سلاح حزب الله، كما سمح للجيش اللبناني الذي سلّحته السعودية بالتعاون مع حزب الله؛ في إطار الحرب على تنظيم "داعش"، إضافة إلى القبول بترشّح العماد عون، حليف حزب الله، لرئاسة الجمهورية.
"مرونة الحريري" تجاه حزب الله -كما تقول "هآرتس"- أثارت غضب مؤيديه داخل لبنان أيضاً، ممّن حذّروا من وقوع الحريري في فخّ العسل الذي نصبه حزب الله، ولكن الحريري كان يعتقد أنه يمكن التعامل مع الحزب مقابل مساعدته على إدارة الحكومة، ومع مرور الأشهر، أصبح واضحاً أن السعوديين كانوا أيضاً مستائين من تصرّفات الحريري واستمالته الكبيرة لحزب الله، وليس اللبنانيين فقط.
وتتابع الصحيفة، أن الغضب السعودي انفجر بشكل كبير عقب زيارة مستشار المرشد الأعلى الإيراني، علي أكبر ولايتي، إلى لبنان، ولقائه سعد الحريري، حيث أعلن ولايتي أن لبنان حقّق الانتصار على الإرهاب، وهو انتصار للمقاومة، يعني حزب الله، وأن بلاده ستواصل دعم لبنان، ولن تسمح بعودة الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً. ولايتي التقى في زيارته تلك كلاً من رئيس الجمهورية، العماد عون، ورئيس مجلس النواب، نبيه بري، وفي ذات اليوم زار طهران فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، وبحسب مصادر مطّلعة، حاولت طهران استمالة روسيا ضد السعودية، مشيرة إلى أن "الحريري استقبل موفدها إلى لبنان، الذي بات حليفاً لطهران وليس السعودية".
استقالة الحريري تؤكّد أن السعودية عازمة على وضع حزب الله وإيران في مأزق جديد بلبنان، فالحكومة عقب استقالة الحريري ستُصاب بالشلل حتى يتم اختيار رئيس وزراء جديد، كما أن إعلان الحريري استقالته يعني أنه تحرّر من الاتفاقيات التي وقّعها مع حزب الله، وهو ما شجّعه على انتقاد الحزب بشكل علني، كما جرى السبت.
حزب الله وإيران فهما سريعاً مخاطر الاستقالة، واعتبراها "مؤامرة سعودية أمريكية"، وهو ما يكشف أيضاً الخشية الإيرانية من فقدانها جزءاً من نفوذها وهيمنتها في لبنان، ولا يزال من السابق لأوانه تصوّر السيناريوهات التي يمكن أن تحدث في لبنان، فهل سيقدم الحزب على شنّ حرب جديدة على إسرائيل لتأكيد هيمنته على الساحة السياسية في لبنان؟
https://telegram.me/buratha