لا مجال للتراجع
هذا النقاش داخل ألمانيا ليس جديدا، ففي العام الماضي، أصدر وزراء الداخلية من الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات توصية تنص على ضرورة حرمان الإرهابيين من جواز السفر والجنسية، إلا أن السبب في تجدد طرح هذا الأمر على طاولة النقاش، هو القلق المتزايد من استهداف ألمانيا بهجمات إرهابية. بالإضافة إلى ذلك، القلق من الارتفاع في عدد الإسلاميين المتطرفين الذين يذهبون من ألمانيا إلى سوريا أو العراق، من أجل الانضمام للقتال مع تنظيم “داعش”. وهو ما أشارت إليه هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، بأنها رصدت ما يقارب من 700 حالة مشابهة لذلك. وهذا دفع بلجان السياسة الداخلية في الحزب الديمقراطي المسيحي من أجل العمل على تغيير قانوني من أجل توفير حماية أفضل.
وفي تقرير صادر عن وزارة الداخلية ألألمانية، تم الإعلان أنه خلال الفترة بين 2011 ويناير 2015، فإنه تم التحقيق مع 164 جهاديا مشتبه بهم ويحملون جنسيات مزدوجة. وبالتالي، فإن هذا التعديل القانوني يسهم في إيجاد حماية وقائية من أجل منع عودة المتطرفين إلى ألمانيا.
صعوبة التطبيق
لجنة الخبراء الاتحادية أعلنت أن “إظهار التعاطف مع منظمة إجرامية أو إرهابية يوقع فاعلها تحت طائلة العقاب”. والمعرضون بالأساس إلى سحب الجنسية الألمانية هم “الذين يحملون أكثر من جنسية، والذين يقاتلون في الخارج لصالح منظمة إرهابية”. ومن أجل تمكين ذلك “يلزم إضافة فقرات لقانون التجنيس الحالي، من أجل استهداف من لهم صلة بذلك”.
أولريش كوبر، مدير برنامج “الاندماج” في مؤسسة بيرتلسمان، يرى أن الملاحقة القانونية للإرهابيين هي أمر مهم، إلا أنه يرى أن القرار الذي قدمه الحزب الديمقراطي المسيحي من أجل سحب الجنسية يحتوي على “إشكالية” تتمثل في نبذ الدولة لمسؤوليتها عن مواطنيها. وتتضح الصعوبة بشكل خاص للأشخاص الذين ولدوا وترعرعوا داخل ألمانيا ولا يوجد لديهم صلات تذكر مع البلد الذي قدموا منه آباؤهم. ويطرح كوبر سؤالا مهما، وهو “كيف سوف تتمكن السلطات المختصة من إثبات دعواها مستقبلا على الأشخاص المتهمين بعد البدء في تنفيذ القانون؟”
فشل تطبيق القانون في فرنسا
القرار المقدم من قبل الحزب الديمقراطي المسيحي جاء عقب مناقشات مماثلة في فرنسا، حيث فشل تطبيق القرار المقدم من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، والذي يقضي بسحب الجنسية الفرنسية من الإرهابيين، والذي طرح عقب هجمات باريس في 13 نوفمبر تشرين الثاني من العام الماضي 2015 إذ إن البرلمان صادق فقط على تطبيق هذا القرار على الإرهابيين الذين يحملون أكثر من جنسية، كما هو مطروح حاليا في ألمانيا. هذا الأمر ولد احتجاجات عنيفة على القرار في أواخر آذار/ مارس 2016 وسبب جدلا كبيرا ضمن الأوساط السياسية الفرنسية، حيث استقالت على إثره وزيرة العدل الفرنسية كريستينا تاوبيرا، كما انتقده العديد من السياسيين الاشتراكيين، والذين رأوا أن هذا القانون يعاقب الفرنسيين الذين يحملون أكثر من جنسية فقط، دون المساس بمن يحملون الجنسية الفرنسية لوحدها. أما في ألمانيا، فإنه ما زال من غير المعروف، عن ما إذا كان هناك تغيير فعلي للقانون وما هي ردرد الأفعال التي قد يثيرها. DW
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha